في الجزء الثاني من مقابلته مع مجلّة «بيلد»، الألمانية، رأى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أنّ من «السابق لأوانه تحديد مصير (الرئيس السوري بشار) الأسد»، وتحديداً ما اذا ستستقبله روسيا، وتمنحه اللجوء السياسي. وأوضح بوتين أنّ «على الشعب السوري أن يكون قادراً على التصويت، وإذا خسر الأسد الانتخابات، فقد لا يكون بحاجة إلى مغادرة بلاده».
وأضاف بوتين أن «منح الموظف السابق، في وكالة الأمن القومي الأميركي، إدوارد سنودن لجوءاً سياسياً في بلادنا، أصعب من منح الرئيس السوري هذا الحق»، حيث حصل سنودن على اللجوء في 2013.
ورأى بوتين، في سياق المقابلة، أن «الإصلاح الدستوري، الذي تتبعه انتخابات برلمانية ورئاسية، هو من أهم شروط التسوية السياسية للأزمة السورية»، لافتاً إلى «وجوب المضي قدماً في عملية الإصلاح، المعقدة، على أساس دستور جديد».
وأشار الرئيس الروسي إلى أن تحقيق الاستقرار والأمن في سوريا، وإعداد الظروف الملائمة لتنمية الاقتصاد والرفاهية، سيدفعان المواطنين السوريين إلى «العيش في بيوتهم بدلاً من الهرب إلى أوروبا»، معرباً أن ذلك «لن يكون وارداً، إلا إذا حدد الشعب السوري، وحده، من سيحكم البلاد». وقال بوتين إن «الرئيس الأسد ارتكب أخطاءً عديدة»، على مدى سنوات الصراع الخمس، لكنّه حمل داعمي المعارضة مسؤولية ما آلت إليه الأمور، نتيجة «الدعم الخارجي المتمثل بالتدفق الكبير للمال والسلاح والمقاتلين».
وأكّد أن «المسؤولية تتحملها المجموعات المسلحة، ومن يدعمها»، مشيراً إلى أن «الأسد لا يسعى إلى القضاء على شعبه، بل يحارب حاملي السلاح». وتابع أن «المسؤول عن معاناة المدنيين هو من يساعد المجموعات المسلحة»، مكرراً دعوته إلى «إجراء إصلاحات سياسية، والعمل على دستور جديد وإقراره».
نأسف لإعدام النمر، فهو لم يحارب السعودية بالسلاح

وجدّد بوتين موقف بلاده، بعدم تكرار «السيناريو الليبي أو العراقي، في سوريا»، مشيداً، في الوقت نفسه، بدور الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، «بتحمله المسؤولية وبسط سيطرته على أوضاع بلاده».
كذلك، دعا بوتين إلى «ضرورة بذل جهده لتعزيز السلطة الشرعية في دول المنطقة»، بما فيها سوريا، إضافة إلى «إحياء المؤسسات النامية في العراق وليبيا، وتحقيق الاستقرار في الصومال، وتعزيز السلطة في أفغانستان».
وفي سياق «الحرب العالمية» على تنظيم «داعش»، أعلن الرئيس الروسي دعم بلاده للعمليات العسكرية التي تنفذها المعارضة المسلحة ضد التنظيم. وقال: «ننسق معهم أعمالنا المشتركة، وندعم عملياتهم الهجومية في مختلف الجبهات». ووصف بوتين الاتهامات التي توجه من الغرب إلى بلاده بـ«الكاذبة»، مستنداً إلى «الشرائط المصورة التي تُثبت هذا الأمر».
وعن الخلاف السعودي ـ الإيراني، المتفاقم، أشار بوتين إلى وجود علاقات «جيّدة» مع إيران وعلاقات تعاون دائمة مع السعودية، منوّهاً بأن «اختلاف وجهات النظر بين الرياض وطهران يجعل العمل على تسوية الأزمة السورية، وحل قضيتي مكافحة الإرهاب ووقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا، أكثر صعوبة». كذلك أسف بوتين لإعدام السلطات السعودية الشيخ نمر النمر، باعتباره «لم يحارب السعودية بالسلاح»، مندداً، في الوقت نفسه، بالهجوم على السفارة السعودية، في طهران، واعتباره «أمراً غير مقبول على الإطلاق في العالم المعاصر».
وفي ما يتعلق بإسقاط تركيا للمقاتلة الروسية في الأجواء السورية، رأى بوتين أن «أنقرة أهانت نفسها عندما توجهت إلى الناتو، وطلبت حمايته»، لافتاً إلى أن «العلاقات الثنائية بين موسكو وأنقرة غير مرتبطة بعضوية تركيا في الحلف». وتساءل: «لا أحد يعتدي على تركيا. وإذا كانت لأنقرة مصلحة في العالم وفي الدول المجاورة، فهل يعني ذلك أن الناتو ملزم بحماية جميع هذه المصالح وضمانها؟».
ونفى بوتين أن تكون لروسيا أي طموح لتكون «أعظم دولة في العالم»، معتبراً «ذلك أمراً باهظ الثمن ولا داعي له». ورفض بوتين مقولة الرئيس الأميركي، بارك أوباما، باعتبار روسيا «دولة إقليمية»، معرباً عن رفضه، أيضاً، بـ«تفرد الأمة الأميركية».

(أ ف ب، رويترز، سبوتنيك)