رجالات بوتين الجدد
يعزز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سلطاته، من خلال إحاطة نفسه بفريق أكثر شباباً وذي إخلاص تام، وذلك بعد تغيير الحرس الرئاسي. ففي غضون أسابيع، تم استبعاد العديد من المقربين من الرئيس واستبدالهم بمساعدين آخرين أكثر شباباً، وفي أحيان كثيرة غير معروفين على غرار أنطون فاينو (44 سنة) الذي تمت ترقيته إلى منصب رئيس الإدارة الرئاسية، وسيرغي كيريينكو (54 سنة) المكلف بالسياسة الداخلية أو فياتشيسلاف فلودين (52 سنة) الذي اختير رئيساً لمجلس الدوما، والأمر الذي يجمع بينهم ويفرّقهم عن سابقيهم هو أنهم «لا يخاطبون الرئيس بطريقة غير رسمية»، كما يشير المحلل السياسي، أندريه كوليسنيكوف، ولديهم، على وجه الخصوص، مهمة محددة: الإعداد لانتخابات 2018 الرئاسية.
عادةً ما يشكّل الصيف في الكرملن مناسبة للتغييرات الكبرى. في الثاني عشر من آب، أقيلت إحدى الشخصيات الأكثر تأثيراً في البلاد، سيرغي إيفانوف (63 سنة) الذي كان يسيطر منذ كانون الأول 2011 على الإدارة الرئاسية. وكان قد حصل الأمر نفسه، قبل عام، مع فلاديمير أياكونين، 68 سنة، المسؤول القوي عن السكك الحديدية الروسية على مدى عشر سنوات. وقد أتى هذان المقرّبان من فلاديمير بوتين من «مدرسة» الرئيس نفسها، الاستخبارات السوفياتية، وكانوا ينتمون إلى جيل وصل إلى السلطة في الزمن نفسه.
أرسل الرحيل المتتابع لهؤلاء إشارةً عن إعادة هيكلة واسعة من المؤكد أنها لم تنتهِ بعد. ويقول كوليسنيكوف إنّ «كل هذه التحركات هي رسالة الى النخبة: لا أحد يستطيع أن يشعر بالأمان، لا أحد غير قابل للاستبدال. إنه البلاط البيزنطي».

(إيزابيل ماندرو، لوموند الفرنسية)

على بريطانيا تحمّل مسؤوليتها إزاء تصاعد التوتر بين روسيا والغرب

تصاعدت حدّة الحرب الكلامية بشأن سوريا في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، في حين يقوم الإعلام بتغذية المخاوف بشأن نيّات روسيا. هذه ليست حرباً باردة جديدة... بل شيء مختلف تماماً. ما يجري هو انهيار كامل للثقة بين روسيا والغرب، إذ يقوم المسؤولون ووسائل الإعلام بتشجيع فكرة أن روسيا غير مسؤولة، ومتهورة إلى درجة قد تؤدي إلى صراع مسلح. هذه ليست حرباً باردة، بل ساخنة، وليست في بلد ثالث (سوريا)، بل معنا.
إلى البريطانيين الذين يتخوّفون من هجوم روسي وشيك، أقول لهم إن الشعب في روسيا يتخوّف من هجوم مماثل من قبل الولايات المتحدة وشريكتها الصغيرة جدّاً، المملكة المتحدة. لقد قضيتُ الأيام الثلاثة الماضية في الاجتماع السنوي لنادي فالداي... حيث عبّرت النخب الروسية عن شعورها بأن العالم الغربي وقادته يقفون ضدها ويهددون مصالحها. فوزير الخارجية الروسي قال مرات عدة، وهو يقف جنباً إلى جنب مع نظيره الأميركي، إن روسيا لا تُعامل بالاحترام الذي تستحقه.
في المملكة المتحدة، يتم وصف روسيا مراراً وتكراراً كدخيل عدواني في سوريا، في حين أنها الدولة الوحيدة الموجودة في سوريا بصورة شرعية، وذلك استجابةً لدعوة من الحكومة السورية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
علت الصرخات (خلال الأسبوع) حين طلبت روسيا من إسبانيا، عضو «حلف شمال الأطلسي»، تزويد سفنها بالوقود، الأمر الذي حصل مرات عدة من قبل. سحب الروس طلبهم قبل أن ترفض إسبانيا، ولكن هذه الحادثة دفعت بالروس إلى طرح سؤال مهم: إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يقاتلون الجماعات الإرهابية في سوريا، وروسيا تفعل الشيء نفسه، فلماذا ردّ الفعل القبيح هذا حول طلب التزود بالوقود؟
في سياقٍ آخر، أعلنت بريطانيا، للمرة الثانية، إرسال الدبابات والطائرات من دون طيار ومئات من الجنود إلى أوروبا الشرقية. لكن التعزيزات التي يرسلها «الأطلسي» إلى المنطقة، تشكل أكبر حشد عسكري على حدود روسيا منذ انهيار «معاهدة وارسو». فلماذا نستغرب إذا عززت روسيا دفاعاتها الجوية في كالينينغراد؟ فهم يرون أن التحركات الغربية عدوانية، في حين أن تحركاتهم دفاعية. ونحن نرى العكس.

(ماري دجفسكي، ذا اندبندنت البريطانية)