مرت أشهر طويلة على رئيس الوزراء الإسباني المحافظ، ماريانو راخوي، من دون أن يتمكن من إقناع الأحزاب الثلاثة الكبرى في البلاد بالتحالف معه لتأليف حكومة، وذلك بعد دورتين تشريعيتين لم تؤمنا الأغلبية المطلقة لأي تيار في إسبانيا. لذلك، كان التعويل كبيراً على الانتخابات المحلية في منطقتي غاليسيا والباسك لما تحملانه من خصوصيات ورمزية تاريخية لتغيير الجمود السياسي في البلاد.
موقع «الاشتراكي» بدأ بالاهتزاز منذ إخفاقه في تشكيل ائتلاف حكومي
في غاليسيا، حقق الحزب الشعبي فوزاً كبيراً في الانتخابات البرلمانية المحلية بنسبة 47.54 في المئة مؤمّناً بذلك الأغلبية المطلقة في البرلمان المؤلف من 75 مقعداً، ليظهر أن فضائح الفساد التي طاولت «الشعبي» لم تؤثر إلى حد كبير في رأي الناخب.
وليس المحافظون وحدهم من حققوا نتائج جيدة في غاليسيا، بل تمكن حلفاء الحزب المناهض للتقشف «بوديموس» من تجاوز «حزب العمال الاشتراكي الإسباني»، في كل من غاليسيا والباسك. وفي الباسك، فاز «حزب القومي الباسكي» بغالبية المقاعد، ولكن ليس بالأغلبية المطلقة، وهي نتيجة كانت متوقعة بصورة كبيرة. أما الحزب الوسطي «ثيودادانوس»، فأخفق في الفوز حتى بمقعد واحد في كلتا المنطقتين.
لكن الخسارة الفعلية كانت لزعيم الحزب الاشتراكي، بيدرو سانشيز، الذي حولته النتائج من حزب أساسي إلى حزب ثانوي، أمام منافسه في اليسار، «بوديموس». وخسر الاشتراكيون 11 مقعدا في كلتا المنطقتين، ليكونوا بذلك أمام أسوأ نتيجة لهم منذ عام 1980.
وقد يجد سانشيز نفسه بعد هذه النتائج تحت ضغط كبير من داخل حزبه، وخصوصا أن أعضاء أساسيين في الحزب يبدون خيبة أملهم مما يرون أنه فتح المجال أمام راخوي لأن يحكم.
في هذا الإطار، فقد دعا سانشيز، في مؤتمر صحافي، أمس، إلى عقد مؤتمر عام للحزب يصوّتون خلاله على رئاسته. وقد عبّر الأمين العام للاشتراكي، سيزار لوينا، عن خيبة الأمل هذه، مساء الأحد، عند صدور النتائج، قائلا إن «هذه النتائج غير إيجابية للاشتراكي، إنها نتائج سيئة في المنطقتين، ولقد كانت حملة انتخابية صعبة لنا».
وجاء إعلان سانشيز بعد اجتماع، صباح أمس، في مقر «العمال الاشتراكي الإسباني» في مدريد، لمناقشة النتائج، تعرض خلالها رئيس الحزب لانتقادات من أكثر من نصف الأعضاء الدائمين للجنة الإدارية الفدرالية.
من جانب آخر، فإن موقع الحزب الاشتراكي قد بدأ بالاهتزاز منذ إخفاق سانشيز بالاتفاق مع كل من «بوديموس» و«ثيودادانوس»، بعد الانتخابات البرلمانية الأولى قبل أقل من عام، لتشكيل ائتلاف حكومي. وتلت ذلك انتخابات ثانية في حزيران الماضي، لم تعط نتائج مختلفة كثيرا عن الانتخابات السابقة، وأبقت البلاد في حالة جمود سياسي مستمر منذ تسعة أشهر، وذلك للمرة الأولى في تاريخها منذ التحول الديموقراطي قبل 40 عاماً.
وحاول ماريانو راخوي، بعد انتخابات حزيران، عقد تحالف مع «ثيودادانوس»، لكن هذا التحالف لم يتمكن من كسب الثقة في البرلمان. ومن الصعب أن تغير انتخابات غاليسيا والباسك الكثير في مدريد، مع أنها أضعفت موقع الاشتراكيين، لكن من غير المرجح أن تؤدي إلى تأليف حكومة بقيادة راخوي.
بناء على ذلك، الاحتمال الأكثر ترجيحا، بعد نهاية شهر تشرين الأول، هو توجه البلاد إلى انتخابات ثالثة في كانون الأول، أي بعد عام من الانتخابات الأولى التي كسرت الثنائية الحزبية بين «الشعبي» و«الاشتراكي» وأنتجت توزيعا سياسيا مشتتا في البرلمان.
(الأخبار)