مع تقدم الخطى باتجاه الانتخابات الرئاسية العامة المقررة في الثامن من تشرين الثاني المقبل، تزداد نسبة الفضائح التي تطاول المرشحين، الديموقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب. وإن كان الميزان الإعلامي الأميركي غالباً ما يرجّح كفة ترامب عندما يتحدث عن الفضائح، في ما يُعَدّ انحيازاً إلى كلينتون، إلا أن فترة ترشّح هذه الأخيرة لم تسلم من بعض الشظايا، ولا سيما في ما يتعلّق بـ"مؤسسة كلينتون" الخيرية. وقد تزامن ذلك مع ما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز" عن أن شركات ترامب مدينة بمبلغ ٦٥٠ مليون دولار، وهو ضعف المبلغ الذي ذكرته حملته والمسجل في السجلات العامة.
استفادت "مؤسسة كلينتون" من تبرّعات سعودية وكويتية وقطرية وغيرها
ويعتمد ترامب، في حملته الانتخابية، على ما يصفه بسجلّه الناجح في قطاع العقارات، زاعماً في الوقت ذاته أنه يملك ثروة قيمتها 10 مليارات دولار. لكن "نيويورك تايمز"، التي أوكلت إلى شركة متخصصة في معلومات العقارات إجراء بحث في أكثر من ٣٠ عقاراً يملكها ترامب في الولايات المتحدة، كشفت أن قسماً كبيراً من ثروته محجوز في ثلاث شركات تجارية قيمتها نحو ملياري دولار.
كذلك، لفتت إلى أن "ثروة ترامب تعتمد كثيراً على مجموعة واسعة من الداعمين الماليين، من بينها جهات هاجمها خلال حملته"، ومنها مصرف صيني اتهمه بأنه عدو بلاده الاقتصادي. وأكدت الصحيفة أن ترامب في حال فوزه في انتخابات الرئاسة، سيتمكن من اتخاذ قرارات سيكون لها تأثير كبير بإمبراطورية أعماله ومقدار ثروته.
أما على الجهة الديموقراطية، فقد ركزت الصحف، خلال الأيام القليلة الماضية، على تصريح الرئيس الأسبق بيل كلينتون بأن المؤسسة التي تديرها عائلته ستتوقف عن قبول المنح والمساهمات الأجنبية، إن أصبحت هيلاري رئيسة للولايات المتحدة. ولم يقف عند هذا الحد، فقد أكد أنه سينسحب من مجلس إدارة المؤسسة، فضلاً عن أن ابنته تشيلسي ستتوقف عن جمع الأموال لها. التصريح الذي أدلى به كلينتون لم يقِهِ انتقادات بعض المعلّقين والمراقبين، فقد استدار هؤلاء إلى أمثلة كثيرة تؤكد حجم رضوخ آل كلينتون لجهات أجنبية، في إطار تسييرهم لشؤون مؤسستهم. ومن هذه الأمثلة، تبرُّع المملكة العربية السعودية بأكثر من 10 ملايين دولار لـ"مؤسسة كلينتون"، وأيضاً قيام صهر الرئيس الأوكراني السابق بأمر مماثل، فيما كانت حكومته عرضة للانتقادات الأميركية لأسباب تتعلق بقضايا فساد وقتل صحافيين. إضافة إلى ذلك، فقد استفادت "مؤسسة كلينتون" من مساهمات رجل أعمال نيجيري ــ لبناني، هو جيلبير شاغوري، تصل إلى 5 ملايين دولار.
إذاً، "على مدى سنوات، قبلت مؤسسة بيل وهيلاري وتشيلسي كلينتون، بشكل كبير، "سخاء" المانحين الأجانب والأفراد الذين قدموا مئات ملايين الدولارات للأعمال الخيرية العالمية، على حدّ تعبير صحيفة "نيويورك تايمز"، الأمر الذي دفع معدَّي أحد تقاريرها، آمي كوزيك وستيف إيدير، إلى طرح تساؤل أكثر أهمية، هو: كيف ستتعامل إدارة كلينتون (إذا أصبحت رئيسة للولايات المتحدة) مع المانحين الذين كانوا يدعمون مؤسستها لفترة طويلة، والذين سيطلبون مساعدة واشنطن، فيما قد تتضارب مصالحهم مع مصالح البلاد؟
وفي هذا السياق، أشارت الصحيفة إلى أن "مؤسسة كلينتون" قبلت عشرات ملايين الدولارات من دول كانت وزارة الخارجية تنتقدها خلال تولي هيلاري كلينتون إدارتها، "بسبب سجلاتها في التمييز على أساس الجنس وقضايا تتعلق بحقوق الإنسان". ومن هذه الدول، السعودية والإمارات وقطر والكويت وعمان وبروناي والجزائر.
أيضاً، فيما حفلت الصحف الأميركية، أخيراً، بهواجس وقلق المسؤولين الأميركيين "من دور السعودية المشبوه في تحفيز الإسلام المتشدد"، بشكل خاص، وجد المتحدث باسم حملة كلينتون، بريان فالون، نفسه مضطراً إلى طمأنة الأميركيين، قائلاً إن "آل كلينتون ومؤسستهم طالما كانوا حذرين بشأن المانحين".
إلا أن هذا التصريح لم يقنع صحيفة "وول ستريت جورنال"، مثلاً، التي تساءلت في أحد تقاريرها عن أنه "إذا كان جمع الأموال بهذا الشكل، يعَدّ مشكلة لكلينتون إذا أصبحت رئيسة، فلماذا لا يكون كذلك عندما كانت وزيرة للخارجية أو حتى عندما ترشحت للرئاسة؟ الجواب بالنسبة إلى الصحيفة، هو أن "المؤسسة الخيرية" كانت ولا تزال مهمة لمستقبل آل كلينتنون السياسي.
(الأخبار)