لم يحمل مهرجان «الشهداء والديموقراطية» الحاشد في اسطنبول رسائل نجاح الرئيس رجب طيب أردوغان في التفوّق على الانقلابيين وسحق معارضيه في مؤسسات الدولة فقط، بل أعلنت نيات واضحة بأن العدو المقبل لتركيا ما بعد الانقلاب سيكون «حزب العمال الكردستاني» ومناصريه. فبينما دعا أردوغان رئيسي الحزبين الكبيرين المحسوبين على المعارضة للمشاركة في «صون الديموقراطية»، تم استثناء «حزب الشعوب الديموقراطي»، بالتوازي مع استكمال التحقيقات التي تطال نواباً من الحزب، بينهم رئيسه صلاح الدين ديميرتاش.سبحة «الهبات» التي جرّها الانقلاب، دخلت أمس مرحلة جديدة، مع تفجيرين هزّا، في يومين متتاليين، مدينتي فان وإيلازيغ شرق وجنوب شرق البلاد، إضافة إلى انفجار لغم استهدف قافلة عسكرية، إذ لم تضيّع السلطات التركية أي وقت لتوجيه أصابع الاتهام إلى «العمال الكردستاني» واتهامه بالتعاون مع «منظمة الداعية فتح الله غولن»، حيث رأى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن التفجيرات هي انتقام لفشل المحاولة الانقلابية، مضيفاً أنه «لا يلزم الأمر عرّافاً لفهم أن تنظيم غولن يقف وراء هجمات حزب العمال الكردستاني».
أردوغان: تنظيم
غولن يقف وراء هجمات حزب
العمال

ربط «الكردستاني» بغولن أتى على جميع مستويات السلطة؛ فبدوره، رأى نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورطولموش، أن «من فشلوا في إيقاف تركيا عبر منظمة فتح الله غولن الإرهابية، سيحاولون اليوم عبر "بي كا كا" ومنظمات أخرى». وأضاف خلال استقباله وفداً من «اتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي»، في قصر شنقايا، أن «الذين فشلوا في محاولة الانقلاب لن يقرّوا بهزيمتهم ولن ييأسوا، كما أن القوى التي تقف خلفهم لن تتراجع»، داعياً من يعلن أنه «صديق تركيا وشعبها» إلى إبداء موقف واضح من محاولة الانقلاب.
كذلك، أعلن رئيس الوزراء بن علي يلدريم، خلال زيارته لمديرية شرطة إيلازيغ، التي استُهدفت بسيارة مفخخة صباح أمس، أن الانفجار أوقع ثلاثة قتلى و217 مصاباً بينهم 85 من قوات الشرطة، محمّلاً «حزب العمال الكردستاني» مسؤولية الهجوم. وكان ستة جنود في الجيش التركي قد قتلوا وأصيب ثلاثة آخرون في انفجار لغم أرضي أثناء مرور قافلة عسكرية في منطقة بيتليس، جنوب شرق البلاد.
ويبدو لافتاً أن الاصطفاف ضد «العدو» أصبح مطلب الأحزاب التي لطالما احتسبت على معارضي حكومة «العدالة والتنمية»، حيث أعلن رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، كمال كيليشدار أوغلو، دعمه الكامل لمطالب الحكومة في إطار «إنهاء مشكلة الإرهاب»، بما في ذلك إصدار القوانين وإجراء تعديلات دستورية، مضيفاً في حديثه إلى الصحافيين أن «إدانة الإرهاب لا تكفي، ولا بد من إنهائه عبر تطوير سياسات مناسبة».
وفي سياق متصل، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي عن إدانة بلاده للتفجيرات التي هزّت المدن التركية، موضحاً أن طهران ضد «استخدام العنف والأعمال الارهابية وقتل الأبرياء» باعتبارها «جرائم ضد الإنسانية».
وعلى صعيد آخر، كشف السفير الروسي لدى أنقرة، أندريه كارلوف، عزم وزير الخارجية سيرغي لافروف على زيارة تركيا بحدود تشرين الثاني أو كانون الأول المقبلين، مضيفاً أن «هناك العديد من القضايا والمسائل المدرجة على أجندة لافروف أثناء زيارته المنتظرة... أهمّها الأزمة السورية وتداعياتها وانعكاساتها على المنطقة والعالم».
إلى ذلك، قال وزير الدفاع التركي فكري أشيق إن الحكومة تدرس فكرة نقل مقار وزارة الدفاع وهيئة الأركان وقيادة القوات إلى خارج العاصمة، مضيفاً أن هناك نية لجمع «كل هذه المقار تحت سقف واحد» لاحقاً.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)