تتابع أنقرة حثّ حليفتها واشنطن على تسليم الداعية فتح الله غولن، بالتوازي مع استكمال الجانب القضائي من حملة «التطهير» التي تلت الانقلاب الفاشل. وبعد الإعداد الإعلامي والشعبي لإعادة العمل بعقوبة الإعدام في حال «أراد الشعب» ذلك، يبدو أن أنقرة قد بدأت تخفف من حدتها وتتجه نحو عقوبات أقل تشدداً، بالتزامن مع بحث وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو ونظيره الأميركي جون كيري لقضية تسليم غولن، والزيارة المرتقبة لنائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، لأنقرة الأسبوع المقبل، إذ طلبت النيابة التركية إصدار حكمين بـ«السجن مدى الحياة» في حق غولن وحكم بـ1900 عام، بتهمة «محاولة تدمير النظام الدستوري بالقوة وتشكيل وقيادة مجموعة إرهابية مسلحة». واتهم جانب الادّعاء «شبكة غولن» باختراق مؤسسات الدولة وأجهزة الاستخبارات، مؤكداً أن المجموعة استندت إلى شبكتها من المدارس والمنظمات غير الحكومية والشركات ووسائل الإعلام للسيطرة على المؤسسات. ودعا رئيس الوزراء بن علي يلديريم، أمام البرلمان، إلى «محاكمة عادلة وحيادية» لغولن، مجدداً تأكيده أن الأخير «سيعود الى تركيا وسيحاسب». وحول العقوبات التي ستطال المدانين على إثر الانقلاب الفاشل، رأى أن «هناك طرقاً أشد من الإعدام الذي يموت فيه الشخص مرة واحدة»، فيما يشير إلى تراجع عن الموقف التركي الرسمي بدعم عودة عقوبة الإعدام. وفي السياق، أكّد مصدر حكومي لوكالة «فرانس برس» أن «الشعب يريد إعادة العمل بعقوبة الإعدام... لكن لا أعتقد أن فتح نقاش برلماني في هذا الملف سيفضي إلى موافقة النواب».
وكانت الشرطة المالية التركية قد بدأت عملية واسعة في اسطنبول ضد مؤسسات تتهمها أنقرة بالتبعية لـ«شبكة غولن». ودهمت الشرطة بشكل متزامن مقار 44 شركة في حيّي اسكودار وعمرانية في القسم الآسيوي من المدينة، ولاحقت 120 مشتبهاً فيه خلال العملية. وأصدرت محاكم تركية 120 مذكرة توقيف في إطار هذه العمليات، وفق وكالة «الأناضول» التي لم تكشف عن هوية الشركات التي تستهدفها الحملة.
وعلى صعيد آخر، فرضت محكمة «حظراً مؤقتاً» على صحيفة «أوزغور غونديم» بتهمة الدعاية لـ«حزب العمال الكردستاني». ودهمت الشرطة مقر الصحيفة في حي بيوغلو في اسطنبول، واعتقلت العديد من الصحافيين، بينهم رئيسة التحرير زانا كايا، إضافة إلى صحافيين آخرين كانوا يتولون تغطية الحدث، وفق ما نقل ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي. ورأى قرار المحكمة أن الصحيفة تصرفت «كمتحدث باسم المتمردين الأكراد». وكان مكتب رئيس الوزراء قد ألغى في آذار الماضي بطاقات الصحافيين العاملين في «أوزغور غونديم» التي انطلقت عام 1992 وواجهت مشاكل كثيرة مع القضاء.
(الأخبار، الأناضول، رويترز، أ ف ب)