يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الانتهاء من القلق الداخلي الذي ولّدته محاولة الانقلاب وما تلاها من حملة واسعة لإعادة هيكلة الجيش وباقي المؤسسات الفاعلة، دون معارضة حقيقية لها، بعدما نجح رهانه على أن وجود جمهوره في الشارع متظاهراً لـ«صون الديموقراطية»، سيكمّ كل الأفواه. الأنصار أتمّوا عملهم، وبقي عليهم اختتامه باحتفال إعلان النصر الكامل لـ«السلطان» في السابع من آب الجاري. وكالعادة، لن يعتمد أردوغان على الحظ في حشد جماهير واسعة في الميادين، إذ «يصادف» إقامة اجتماع «استثنائي» لمجلس الشورى الدينية تحت عنوان «الوحدة والتضامن تجاه محاولة الانقلاب واستغلال الدين»، مع انعقاد أعمال مؤتمر «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» في مدينة قونيا الذي جاء بالدعم المنتظر لـ«حزب العدالة والتنمية» وزعيمه، على لسان رئيسه الشيخ يوسف القرضاوي الذي قال إن «الله سبحانه وتعالى أفشل محاولة الانقلاب القذرة... اليوم أتينا إلى تركيا لنشارك أشقاءنا في مسيرات النصر على الانقلاب». أما الاجتماع «الاستثنائي» في أنقرة، فقد حضره أردوغان، معلناً أن «مرحلة التشكيك حول طبيعة منظمة الكيان الموازي الإرهابية انتهت تماماً»، وبدأت مرحلة مكافحتها. وفي انتظار هدوء الداخل التركي، سيعدّ أردوغان العدة للعمل على المستوى الخارجي لحل عديد من المسائل التي عطّلها الانقلاب، ويأتي على رأسها ملف العلاقة مع الجيران الأوروبيين والاتفاقات العالقة معهم. وفي هذا السياق، هاجم تصريحات الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني حول محاولة الانقلاب، معلّقاً: «أتساءل كيف سيكون ردّ فعل موغيريني فيما لو تعرض برلمان بلادها إيطاليا للقصف؟». وحول الحديث عن احتمال عودة العمل بعقوبة الإعدام، أوضح أن «تركيا حالياً لا تعمل بعقوبة الإعدام، وما قلناه هو أن تلك العقوبة قد تطبق فيما لو جاء طلب من الشعب بضرورة تطبيقها، واستطلاعات الرأي التي أجرتها بعض الشركات تشير إلى أن 75 في المئة من الشعب تؤيد تطبيقها». وأكّد أن بلاده ستلغي العمل باتفاقية إعادة قبول اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي، في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ما لم يلتزم الاتحاد رفع تأشيرة الدخول عن المواطنين الأتراك، لافتاً إلى أن رئيس المجلس الأوروبي، دونالك توسك، سيجري خلال الأيام المقبلة زيارة لتركيا.وكان أردوغان قد التقى أمس في القصر الرئاسي، الأمين العام لـ«مجلس أوروبا»، ثوربيورن ياغلاند، الذي أشاد بدور الشعب التركي في التصدي لمحاولة الانقلاب الفاشلة، معرباً عن تقديره لتكاتف أحزاب المعارضة في البرلمان حول الحكومة المنتخبة. وأضاف خلال مؤتمر صحافي في أنقرة، مع وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، أنه لا يمكن تقبّل محاولة الانقلاب لكونها استهدفت المدنيين ومباني مؤسسات الدولة، ووقفت ضد الديموقراطية، مشيراً إلى أن المجلس كان سيعلّق عضوية تركيا، لو نجح الانقلابيون.
ومن جهته، شكر جاويش أوغلو، ياغلاند، على مواقفه الداعمة للرئيس التركي والحكومة المنتخبة ديموقراطياً، مشيراً إلى أن أنقرة «تنتظر الدعم اللازم من أوروبا تجاه الحكومة المنتخبة».
على صعيد آخر، قال وزير الداخلية التركي إفكان آلا، إن العمل بدأ على إعادة هيكلة وكالة المخابرات التركية و«لن يأخذ وقتاً طويلاً حتى يكتمل». وأكد «وجود إخفاقات للمخابرات» في ما يتعلق بمحاولة الانقلاب، وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء بن علي يلدريم، الذي قال إن رئيس جهاز المخابرات حقان فيدان، لم يملك أجوبة حين سُئل عن امتناعه عن إعطاء معلومات للرئيس ورئيس الوزراء عندما علم بالانقلاب.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)