برغم مرور أسبوع على إعدام السعودية الشيخ المعارض نمر باقر النمر الذي أطلق شرارة أزمةٍ مفتوحة بين السعودية وإيران، لا يبدو أنه سيكون في متناول اليد قريباً حلّ يحتوي النزاع أو يخفف من حدة التوتر الذي يطاول المنطقة برمتها.
أسبوع يمكن وصفه بالتاريخي شهدته المنطقة، بعدما تحوّل التوتر غير المباشر الذي استمر سنوات بين الرياض وطهران إلى مواجهةٍ صريحة، بلغت ذروتها بإعلان قطع السعودية العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بعد تعرّض سفارتها في طهران لهجوم خلال الاحتجاجات على تنفيذ إعدام النمر.
وفي سياق المواقف التي تشي بتوسّع الأزمة، اتهم وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، يوم أمس، السعودية، بـ«محاولة وضع العراقيل وإفشال الاتفاق النوي» بين الغرب وإيران. جاء ذلك في رسالة وجهها ظريف إلى الأمين العام للأمم المتحدة بشأن استهداف السفارة الإيرانية في صنعاء من قبل طيران التحالف السعودي. وقال ظريف إن السعودية «سبق أن استخدمت كل مصادرها من أجل إفشال الاتفاق الذي توصلت إليه طهران مع المجتمع الدولي، في تشرين الأول 2013، واليوم يبدو أن مهمة البعض داخل السعودية هى جر المنطقة إلى حلبة الصراع».
استدعت أنقرة السفير الإيراني احتجاجاً على ربط الإعدامات بزيارة أردوغان الرياض

وبرغم المساعي الإقليمية لتفعيل وساطات تحتوي الأزمة التي قد يؤدي تفاقمها، باعتراف وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان إلى كارثة على المنطقة، لا يزال مبكراً الحديث عن إمكانية التهدئة. في هذا السياق، وصل إلى القاهرة يوم أمس، وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، في زيارة تستغرق أياماً عدة يلتقي خلالها مسؤولين مصريين لبحث التطورات الأخيرة في المنطقة. ومن المقرر أن يشارك الجعفري، الذي زار في اليومين الماضيين طهران ومسقط في إطار جهود التهدئة، في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي يبدأ أعماله غداً في العاصمة المصرية بناءً على طلب السعودية لإدانة «تدخل طهران في شؤون الدول العربية الداخلية»، وتنديداً بـ«الانتهاكات الإيرانية لسفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد».
ويوم أمس، تجددت التظاهرات في إيران، احتجاجاً على إعدام النمر، فيما خرج مئات المتظاهرين إلى الشارع في مدينة القطيف شرق السعودية، وأطلقوا هتافات ضد آل سعود احتجاجاً على إعدام النمر. وهتف المتظاهرون في مدينة العوامية الساحلية التي يتحدر منها النمر «الموت لآل سعود».
وفي الظهران، سار نحو ألف متظاهر في الشوارع وهم يرددون «الموت لآل سعود» و«الموت لأميركا» و«الموت لإسرائيل». كذلك، شهدت العاصمة الباكستانية إسلام آباد تظاهرات ضد السعودية للسبب نفسه.
وفي طهران، ندد خطيب صلاة الجمعة، محمد كاشاني، بالسعودية، قائلاً إن «الأضلاع الثلاثة أي أميركا والسعودية والكيان الصهيوني تجتمع معاً في أي جريمة ترتكب ضد المسلمين». وأضاف أن «الكيان الصهيوني هو الذي يخطط لهذه الجرائم التي تلقى دعماً أميركياً ومالياً سعودياً».
وبعد نفي التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن استهداف السفارة الإيرانية في العاصمة اليمنية، أكد محمد جواد ظريف في رسالته إلى الأمم المتحدة أن «المقاتلات السعودية أغارت على عدد من مقارّ دبلوماسية تابعة لإيران في اليمن، بما في ذلك يوما 24 نيسان، و15 أيلول الماضيين، وأخيراً يوم 7 كانون الثاني الجاري، ما أدى إلى مقتل شخصين وجرح عدد آخر من رجال الحراسة اليمنية». كذلك تطرّق ظريف خلال سرد الانتهاكات السعودية بحق بلاده إلى حادثة «تحرّش اثنين من رجال الجمارك السعوديين بمواطنين إيرانيين في مطار جدة يوم 28 آذار 2015، ولم تجرِ معاقبتهما»، وفقاً لما جاء في الرسالة.
وعلى خط تأثير الأزمة السعودية الايرانية على دول المنطقة، استدعت وزارة الخارجية التركية، السفير الإيراني لدى أنقرة احتجاجاً على ربط وسائل إعلام إيرانية، بين زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسعودية أخيراً وأحكام الإعدام التي نفذتها الرياض. وقال بيان نشرته الخارجية التركية إنها طلبت من السفير الإيراني أن توقف بلاده هذه الأخبار التي تنشرها وسائل إعلام تابعة للسلطات الإيرانية.
إلى ذلك، بحث الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، تطورات الأزمة بين السعودية وإيران. وقال التلفزيون الرسمي الإيطالي، إن رينزي وبوتين «بحثا خلال اتصال هاتفي، اليوم، ما آلت إليه العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، بالإضافة إلى آفاق حل الصراع في سوريا».

(الأخبار، الأناضول)