بعد 13 عاماً على غزو العراق، توصّل تقرير لجنة شيلكوت (نسبةً إلى رئيسها جون شيلكوت) إلى أن بريطانيا اجتاحت العراق قبل «استنفاد كل الفرص السلمية».واتهم التقرير، الذي نشر الأربعاء، رئيس الوزراء الأسبق طوني بلير «بتوريط» البلاد في الحرب التي أدّت إلى مقتل 179 جندياً بريطانياً، وبالمبالغة في الخطر الذي كان يشكله صدام حسين، وبإرسال قوات بريطانية «غير مؤهلة» إلى العراق. وخلص التقرير المؤلف من 2.8 مليون كلمة، إلى أربعة استنتاجات رئيسية.
الاستنتاج الأوّل يشير إلى موافقة بلير العمياء على خطط الحرب الأميركية. وفي مراسلة منه لبوش، في تموز 2002، كتب له «سأقف إلى جانبك مهما حدث». وأوضح التقرير أنه في «مطلع كانون الثاني 2003، توقّع بلير احتمال وقوع الحرب، وفي نهاية الشهر، عينه، وافق على الجدول الزمني الأميركي للقيام بعمل عسكري بحلول النصف الثاني من آذار». وأضاف أن رئيس الوزراء الأسبق «وضع المملكة المتحدة على طريقٍ من الصعب جداً (فيه) سحب دعمها للولايات المتحدة لاحقاً»، رغم أنه «لم يمارس ضغوطاً على بوش للحصول على ضمانات مؤكّدة حول خطط الولايات المتحدة».
خلص التقرير المؤلف
من 2.8 مليون كلمة إلى أربعة استنتاجات

أما الاستنتاج الثاني، فيدلُّ على فشل بريطانيا في استنفاد فرص السلام، إذ أوضح التقرير أن لندن «عملت، في الواقع، على تقويض صلاحيات مجلس الأمن... والانضمام إلى اجتياح العراق قبل استنفاد كل البدائل السلمية لنزع أسلحة البلاد». ولخّص ذلك بعبارة «العمل العسكري لم يكن حتمياً آنذاك».
وانتقد الاستنتاج الثالث سوء العمل الاستخباري البريطاني، حيث رأى شيلكوت أن «خوض الحرب كان وفقاً لمعلومات استخبارية خاطئة»، لافتاً إلى أن «السياسة حيال العراق تقررت على أساس المعلومات الاستخبارية، والتقييمات الخاطئة، ولم يتم التشكيك فيها، كما كان ينبغي».
وقال شيلكوت إنه كان ينبغي على رؤساء أجهزة الاستخبارات «التوضيح لبلير أن المعلومات الاستخبارية لم تكن فوق الشبهات، من ناحية استمرار العراق في إنتاج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، أو لناحية الاستمرار في جهود تطوير أسلحة نووية».
وشدّد التقرير، في استنتاجه الرابع، على أن خطط العراق، لمرحلة ما بعد الحرب كانت «غير ملائمة تماماً»، لافتاً إلى أنه «رغم التحذيرات الواضحة، تم التقليل من العواقب المترتبة على الاجتياح. فالتخطيط والإعداد لعراق بعد صدام كانا غير ملائمين تماماً». ووفق شيلكوت، فإن بلير «لم يتأكد من وجود خطة مرنة وواقعية متكاملة»، خاتماً بأن «استعدادات الحكومة فشلت في أن تأخذ في الحسبان حجم مهمة تحقيق الاستقرار، وإدارة العراق، وإعادة إعماره».
من وجهة نظر أميركية، علّق الحاكم الأميركي للعراق، في مرحلة ما بعد الغزو، بول بريمر، بالقول إن «المشكلة لم تكن في الحرب على العراق وإسقاط صدام حسين، بل في التخطيط غير الكافي الذي سبق الحرب». ووفق بريمر، كان هناك حاجة إلى «وجود عسكري أكبر»، مشيراً إلى دراسة قرأها قبل سفره إلى بغداد، تشدد على ضرورة إرسال «التحالف» ما لا يقل عن 480 ألف جندي «لتوفير الأمن الكافي».
أما الصحف البريطانية، فقد تفاعلت مع التقرير بشكل كبير. ووصفت صحيفة «دايلي مايل» بلير بـ«وحش الأوهام»، وقالت إن التقرير كشف النقاب عن أساليب بلير «الخادعة، غير الشريفة، السرية، السطحية، وغير الكفوءة».
أما «ذا غارديان» فقالت إن «إيمان بلير الأعمى بجورج بوش دمّر العراق، وزعزع الثقة به وقضى على سمعته». وأشارت الصحيفة إلى أن وعد بلير بالوقوف إلى جانب بوش أدّى إلى «عواقب أليمة وبعيدة المدى». وأضافت أن «الفجوة بين القطاعين العام والخاص غذّت انعدام الثقة التي، إضافة إلى دور البنوك وفضيحة نفقات النواب، أدّت إلى بريكست».
كذلك وصفت «ذا صان» بلير بـ«سلاح الخداع الشامل» الذي أدّى إلى مقتل عدد لا يحصى من العراقيين». وقالت متوجهة لبلير: «كان باستطاعتك أن تقول لا، يا طوني، حتى لحليفنا الرئيسي».
من جهتها، رأت «دايلي تيليغراف» أن التقرير كشف عن «سلسلة من الأخطاء وسوء التقدير» في ما يخص غزو العراق. ولكنها قالت إنه «على الرغم من المطالبات العاطفية من قبل العائلات، لا يمكن اتهام بلير بارتكاب جرائم حرب، لأن المحكمة الجنائية الدولية تنظر في الجرائم المرتكبة في ساحة المعركة، وليس في تصرفات القادة المنتخبين من قبل الشعب».
أما «ذا تايمز» فقالت إنه بسبب الغزو «أصبح البقاء على قيد الحياة هو كل ما يطمح إليه العراقيون»، وإن البريطانيين «فقدوا ثقتهم بالأجهزة الأمنية الحكومية».
في المقابل، كانت «فاينانشل تايمز» تتوقع إدانة «واضحة وحاسمة» أكثر بحق بلير ودوره في مقتل الأبرياء، إذ إن التهمة الرئيسية الموجهة إليه في التقرير هي أنه «كذب عمداً على الشعب والبرلمان».
(الأخبار)