قلّل رئيس الوزراء التركي، بن علي يلديريم، من أهمية تصويت مجلس النواب الألماني المرتقب اليوم على قرار يعترف بالإبادة الأرمنية، معتبراً أنه «لا قيمة له». لكنه حذر في الوقت نفسه من تبعاته على العلاقات الثنائية بين البلدين، فيما رأى الرئيس الأرميني، سيرج سركيسيان، أن على «النواب الألمان عدم الخضوع للترهيب من قبل تركيا».وأكد يلديريم، أمس، أن النص سيكون له «تأثير سلبي» على العلاقات بين البلدين، مشيراً في الوقت عينه إلى أن الأضرار ستكون محدودة. لكن رئيس الوزراء التركي استبعد أن ترد بلاده على التصويت بعرقلة الاتفاق بينها وبين الاتحاد الأوروبي حول الهجرة.
من جهة أخرى، أمل المتحدث باسم وزير الخارجية الألماني، مارتن شافر، «ألا يتسبب القرار بخلل طويل في العلاقات مع تركيا»، علماً بأن وزير الخارجية، فرانك فالتر شتاينماير، قد أعرب صراحة، في وقت سابق، عن معارضته لمشروع القرار. لكن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، كانت قد صوّتت خلال اجتماع لكتلة النواب المحافظين، أول من أمس، لمصلحة مشروع القرار، لكن لن تشارك اليوم في التصويت داخل مجلس النواب بسبب برنامج العمل الكثيف و«المواعيد»، على ما أعلنت متحدثة باسمها.
ويبدو الموقف التركي من القرار الألماني متجانساً، إذ أعلن رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، كمال كيليتش دار أوغلو، أمس، دعمه لموقف الحكومة بخصوص تصويت البرلمان الألماني على مشروع القرار المتعلق بالإبادة الأرمنية. وقال إن الأمر «يجب أن يترك للمؤرخين وليس للسياسيين». وأكد أنه أثار هذه المسألة في اجتماع صباحي مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي. وأوضح السياسي التركي: «قلنا لهم إن القضية لا ينبغي أن تكون سياسية، ويجب أن لا تستخدم كأداة في السياسة»، مضيفاً أن «تركيا قد فتحت أرشيفها كاملاً، وعلى العالم كله أن يعرف الحقيقة، لكن أرمينيا لم تفتح أرشيفها ويجب أن تفعل ذلك». وغاب عن هذا اللقاء السفير الألماني، وفق ما أكد كيليتش دار أوغلو. وعبّر رئيس «حزب الشعب الجمهوري» عن أمله بإتمام الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، خصوصاً تحرير الأتراك من تأشيرات الدخول إلى دول الاتحاد، مردفاً أن هذا الاتفاق لا ينبغي ربطه بمسائل أخرى، ومن الضروري الحفاظ عليه.
من جانبه، حثّ الرئيس الأرميني، سيرج سركيسيان، أعضاء البرلمان الألماني على عدم الرضوخ لتهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتضرر العلاقات بين برلين وأنقرة. وقال سركيسيان في مقابلة نشرتها صحيفة «بيلد» الألمانية، أمس، إنه متأكد من أن «ساسة البوندستاغ يتفقون في الرأي ولن يسمحوا لأنفسهم بقبول التهديد». ورأى أنه «إذا قبل المرء (مرة واحدة) بتقديم تنازلات في مقابل مصالح سياسية قصيرة الأجل، فسينتهي به الأمر إلى تقديم تنازلات مرات كثيرة. وهذا سيكون أمراً سيئاً لألمانيا ولأوروبا وللعالم».
ومن المتوقع أن يقرّ النواب الألمان، اليوم، مشروع القرار المعنون بـ«إحياء ذكرى إبادة الأرمن وأقليات مسيحية أخرى بعد 101 عام»، قدمته كتل الأكثرية البرلمانية المؤلفة من تكتل «الاتحاد المسيحي الديموقراطي» و«الاتحاد الاجتماعي الديموقراطي» و«الحزب الاشتراكي الديموقراطي»، إضافة إلى «حزب الخضر» المعارض. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب خطوات ضغط مماثلة في برلمانات دول أخرى، منها فرنسا وكندا.
(أ ف ب، رويترز)