بدأت القوات العراقية، أمس، هجوماً واسع النطاق لاستعادة مدينة الفلوجة (62 كلم غرب بغداد)، التي تعدّ أحد أبرز وأقدم معاقل تنظيم «داعش» في العراق. وكان رئيس الحكومة حيدر العبادي قد أعلن انطلاق المعركة، فجر أمس، بعد أيام على تمركز قوات الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» على مشارف المدينة.


ومع توالي البيانات الصادرة عن القطعات العسكرية المشاركة في المعركة، أكد العبادي، الذي يشرف «ميدانياً» على عملية التحرير، أن الخطة المرسومة حققت نجاحاً أفضل ممّا كان متوقعاً. وقال من مقر عمليات تحرير الفلوجة، إن «المقاتلين في ساعات الصباح الباكر تقدموا على مختلف المحاور، باتجاه تحرير كل المناطق التي تحتلها داعش حول المدينة»، مضيفاً أن «التنظيم بدأ ينهار». ولكن العبادي أشار إلى أن الخطة وضعت، قبل أكثر من شهرين، وكان من المفترض أن تبدأ في وقت مبكر، لافتاً إلى أن «المشاكل السياسية والأحداث التي حصلت، والتي هددت الأمن في بغداد، أخّرت التحضيرات لهذه المعارك».

وفي هذا الإطار، أعلن قائد عمليات تحرير الفلوجة، الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، تقدم القطعات القتالية في معارك تطهير الفلوجة، ومحاورها، مع انهيار تنظيم «داعش» من دون مواجهات مباشرة، مشدداً على أن الساعات القليلة المقبلة «ستشهد نتائج عسكرية مهمة في دحر التنظيم، بمشاركة جميع صنوف الأجهزة الأمنية، وبدعم من طيران التحالف الدولي وطيران الجيش العراقي». وقال الساعدي إنّ «القوات المشتركة تتقدم، بشكل كبير، خصوصاً في محاور الفلوجة الشرقية في قضاء الكرمة، والمحور الشمالي في ناحية الصقلاوية، مع هروب عصابات داعش الإرهابي، قبل مواجهتهم في معارك مفتوحة».

كذلك، أعلنت خلية الإعلام الحربي قتل العشرات من عناصر تنظيم «داعش» واستعادة أربعة مواقع، خلال العملية الواسعة. وذكر بيان للخلية أن «طائرات اف 16 العراقية وجهت ضربة جوية أسفرت عن تدمير معامل تفخيخ ومنصات إطلاق الصواريخ». وأشارت إلى أن «القطعات المشتركة من فرقة التدخل السريع والحشد الشعبي تسيطر على منطقة النعيمية (جنوب المدينة) وقد وصلت على مشارف جسر التفاحة، وتسيطر على جسر الكرمة». كذلك أضاف البيان أن «القوات الأمنية والحشد الشعبي يسيطران على المستشفى الأردني (شرقي المدينة)، ورُفع العلم العراقي فوقها، ومنطقة الحراريات، وما زالت القوات تتقدم باتجاه الأهداف المرسومة».

أما عن قضاء الكرمة (13 كلم شرق الفلوجة)، فقد أعلن قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، عزله عن الفلوجة، وتحرير ثلاث مناطق في مدينة الكرمة. وأشار إلى أن «القوات الأمنية تمكنت من تحرير مناطق الشهابي الأولى، والشهابي الثانية والليفية وتحرير جسر الكرمة، ومعمل الجلود وخمسة معامل للإطارات في مدينة الكرمة».



أدت العمليات إلى

مقتل والي الفلوجة وعدد

من معاونيه



خلية الإعلام الحربي أشارت، في بيان آخر، إلى أن قيادة عمليات بغداد «تمكنت من قتل ما يسمى والي الفلوجة المدعو حجي حمزة، وعدد من معاونيه وجرح 4 آخرين».

وتمثل استعادة السيطرة على الفلوجة أهم المسائل التي تشغل المسؤولين العراقيين، وفي مقدمتهم العبادي. وتلعب قوات «الحشد الشعبي» دوراً مهماً في مساندة القوات العراقية لتحرير المدينة. وبينما أعلنت خلية الإعلام الحربي أن معركة تحرير الفلوجة سيكون اسمها «كسر الإرهاب»، فقد أعلن المتحدث باسم «الحشد الشعبي»، النائب أحمد الأسدي، في بيان، انطلاق «عمليات الخامس عشر من شعبان لتحرير الفلوجة من قاطعين، القاطع الشمالي والقاطع الجنوبي، ومن ثلاثة محاور لكل قاطع». وأكد الأسدي أن «التقدم بانسيابية في جميع المحاور والأهداف يتحقق بنجاح باهر»، مضيفاً أن «العدو يتهاوى تحت ضربات الأبطال من رجال الحشد والقوات المسلّحة، وأبطال طيران الجيش والقوة الجوية يساهمون مساهمة فاعلة في الانتصار».

وفي السياق، أوضح القيادي في «الحشد الشعبي» يوسف الكلابي أن مقاتلي «الحشد» فاجأوا تنظيم «داعش» باستراتيجيتين جديدتين، من بينهما مشاركة قوات النخبة المدربة لأكثر من أربعة أشهر على إدارة حرب المدن والتي تتمتع بكفاءات قتالية كبيرة، فضلاً عن تشكيل حشدٍ مكوّن من أهالي مدينة الفلوجة ومشاركتهم في عملية التحرير». وأشار إلى أن «الاستراتيجيتين المذكورتين أجبرتا تنظيم داعش على الانسحاب من مساحات واسعة».

ويعيش تنظيم «داعش» حالة من الانكسار والذعر، نتيجة تقدم القوات الأمنية في المناطق التي يسيطر عليها عناصره، وذلك إضافة إلى أن المتحدث باسم العمليات، العميد يحيى رسول، أشار، اعتماداً على معلوz

مات استخبارية، إلى أن عدد مسلحي «داعش» في الفلوجة يصل إلى ما بين 400 و600 مقاتل. وأوضح أن «من ضمن هؤلاء عراقيين، ولكنّ غالبيتهم من جنسيات عربية وأجنبية».

من جهة أخرى، أضاف رسول أن «عدد المواطنين داخل المدينة يصل إلى ما بين 50 و70 ألف مواطن».

وفي هذا الإطار، كشف مصدر مطلع عن حدوث اشتباكات بين الأهالي من جهة، وإرهابيي «داعش» من جهة أخرى داخل المدينة. ونقل موقع «شفق نيوز» أن «تلك الاشتباكات أدت إلى مقتل العشرات من عناصر التنظيم، على إثر قيامهم بمنع العوائل من مغادرة المدينة، عبر الممرات الآمنة التي حدّدتها القوات الأمنية».

إلى ذلك، أشار المصدر إلى أن «عصابات داعش الإرهابية عمدت إلى فرض حظر للتجوال في المدينة، خوفاً من هروب عناصرها مع الأهالي عبر الممرات الآمنة التي حددتها القوات الأمنية العراقية لخروجهم منها». وكان وجهاء من مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار أكدوا، أمس، أن القوات الأمنية ستدخل «بسهولة» الى المدينة، فيما أشاروا الى أن أهالي المدينة لديهم «ثأر وحساب» مع جميع عناصر تنظيم «داعش».

(الأخبار)