احتضنت الساحة الحمراء في العاصمة الروسية، موسكو، أمس، العرض العسكري السنوي لإحياء الذكرى الحادية والسبعين للنصر على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، وكان مناسبة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لدعوة المجتمع الدولي إلى الوقوف صفاً واحداً في محاربة الإرهاب، بالإضافة إلى عرض أسلحة روسية حديثة. ولفت بوتين في كلمته إلى أن «دروس التاريخ تشهد على أن إحلال السلام في العالم لا يتحقق تلقائياً، وإنما يتطلب البذل والتضحيات، مشيراً إلى ضرورة «توخي الحيطة والحذر، إذ لا يمكن القبول بنهج المعايير المزدوجة، والتواطؤ ضعيف البصيرة مع من يضمرون أفكاراً إجرامية جديدة». وأكد بوتين استعداد بلاده التام للعمل على قيام منظومة أمن دولية عصرية خالية من التحالفات والتعاون المشترك في مكافحة الإرهاب. وأوضح في هذا السياق أن «الحضارة تواجه العنف والوحشية من جديد في يومنا هذا، إذ أصبح الإرهاب خطراً عالمياً، يتحتم علينا دحره، وبلادنا منفتحة على حشد الجهود والتعاون مع الدول الأخرى في صد هذا الشر».
شارك في العرض «الحرس الوطني الروسي» الحديث النشأة

وتضمن العرض 10 آلاف عسكري و135 من العربات المدرعة و71 طائرة. واستعرضت خلاله أحدث الأسلحة الروسية، مثل سيارة مدرعة جديدة من نوع «تيغر» مجهزة بقمرة جديدة من صنع روسي أطلق عليها اسم «أرباليت»، بالإضافة إلى طائرة نقل عسكرية روسية جديدة، «إيل-76 إم دي-90 أ»، وهي مطوّرة عن طائرة النقل العسكرية «إيل-76». وشهد العرض مرور دبابة «أرماتا» التي ظهرت للمرة الأولى في العرض العسكري العام الماضي.
وتخلل العرض أيضاً مرور المنظومة الصاروخية البرية المتحركة «يارس»، بالإضافة إلى صواريخ الدفاع الجوي «إس 400»، والتي نشرتها روسيا في سوريا سابقاً.
ولأول مرة، شاركت في العرض العسكري قوات الفضاء الروسية من ضباط وطلاب ينتمون إلى هذه الكلية العسكرية التي تخرج فيها أشهر رواد الفضاء الروس، مثل يوري غاغارين. ولأول مرة أيضاً، شارك في العرض «الحرس الوطني الروسي» الحديث النشأة، الذي من المنتظر أن يتم تسليحه برشاشات «أك-74 أم»، ومن مهماته الأبرز مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
واختتم الاستعراض بتحليق 17 سرباً من الطائرات الحربية بين هجومية واعتراضية وقاذفة، ومن ضمنها طائرات «سو-25» الهجومية التي نفثت من محركاتها ألوان العلم الروسي فوق موسكو.
ويحمل «يوم النصر» رمزية مهمة عند الروس، إذ إنه يوم وطني لا يهدف فقط إلى إحياء ذكرى انتصار الاتحاد السوفياتي عام 1945 على ألمانيا النازية، بل أيضاً لإحياء ذكرى 26 مليون عسكري ومدني قضوا في الحرب العالمية الثانية. ولا تقتصر الاحتفالات فيه على موسكو فقط، بل سرت العروض العسكرية الصغرى أيضاً في مدن مختلفة، وكذلك في القاعدة العسكرية الروسية في سوريا.
كذلك، فإن إحياء الذكرى لم يقتصر فقط على العرض العسكري، إذ سار مئات الآلاف من الروس وهم يحملون صوراً بالأبيض والأسود، ومن بينهم الرئيس الروسي الذي رفع صورة والده، في موسكو وسانت بطرسبورغ ومدن أخرى في ما يعرف بـ«فوج الخالدين»، وهو تقليد بدأ عام 2007، وأصبح واسع الانتشار بعدها، الهدف منه تقديم الاحترام لمن قضوا في «الحرب الوطنية العظمى».
ونظم أول عرض عسكري في موسكو بمناسبة يوم النصر عام 1945، لكن هذا التقليد توقف عام 1991 مع انهيار الاتحاد السوفياتي، وحاول الرئيس الروسي السابق، بوريس يلتسين، إعادة إحيائه عام 1995، وقد استعاد الحدث وهجه منذ عهد فلاديمير بوتين، ويكتسب أهمية هذا العام وبالأخص بعد العملية العسكرية الروسية في سوريا. وفي هذا الإطار، أشاد الرئيس الروسي بما يبديه جنود وضباط روسيا المعاصرون، الذين أثبتوا أنهم أهل ليكونوا «ورثة لأبطال الحرب الوطنية العظمى وهم يواصلون الدفاع عن مصالح بلادهم بشرف»، معرباً عن يقينه «بأن المحاربين القدماء فخورون بأحفادهم، وأبناء أحفادهم الذين لن يخذلونا أبداً وسوف يقتادون على الدوام بالنصر العظيم وبمآثر جيل المنتصرين البواسل».

(الأخبار، سبوتنيك)