حدثان جديدان دخلا إلى حراك «نوي دوبو» (الوقوف ليلاً) الشبابي في فرنسا، قبل أن يكمل شهره الأول: الحدث الأول هو رصد مشاركة نقابية في تظاهرة الأول من أمس، والثاني ما جرى من مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين، في ما وصفه أحد ناشطي الاتحاد الطلابي بأنه «اليوم الأصعب منذ بداية الحراك».
وفي الساعات الأولى من صباح أمس، فضّت الشرطة مجموعة من الشباب رفضوا إخلاء ساحة الجمهورية وسط العاصمة باريس، التي اتخذها الحراك مقراً لاعتصاماته السلمية منذ بدايته في آخر يوم من آذار الماضي.
وذكرت وزارة الداخلية، في بيان، أن فضّ التجمع جاء بعد مواجهات بين الشرطة والشبان الذين «أشعلوا النار في سيارات ورشقوا قوات الشرطة بقطع من الخرسانة والحجارة التي انتزعوها من الأرصفة». وأضاف البيان أن 24 ممن ألقي القبض عليهم وضعوا قيد الاحتجاز، علماً بأن الاشتباكات الليلية جاءت في نهاية يوم شهد مسيرات ألقي خلالها القبض على العشرات.
وتجمع نحو 150 ألفاً، وفق الأرقام الرسمية، فيما تقول «الكونفدرالية العامة للشغل» إن عدد المتظاهرين وصل إلى 500 ألف شخص، في ساحة الجمهورية. وكان العنوان الرئيسي للتظاهرة الاعتراض على التعديلات المقرر إدخالها على قانون العمل، برغم أن حراك «نوي دوبو» لم يركز في السابق على هذه النقطة فقط.
وهذا القانون يجعل تعيين الموظفين وفصلهم أسهل على الحكومة في بلد تبلغ نسبة البطالة فيه أكثر من عشرة بالمئة.
فضلاً عن المواجهات، فإن مشاركة «الكونفدرالية العامة للشغل» شكلت محطة جديدة في الحراك،. وتحدّث في حلقة حوار مفتوح الأمين العام للنقابة، فيليب مارتينيز، بالإضافة إلى ممثلين نقابيين آخرين، في ما وصفته صحيفة «لوموند» الفرنسية، بالقول: «كل قطاع نقابيّ حاول أن يربط بين مشكلاته وطبيعة حراك نوي دوبو».
وفيما قال وزير الداخلية، برنارد كازنوف، إن أعمال العنف كانت بسبب «مجموعة من المخربين دافعهم الوحيد كرههم للجمهورية»، داعياً النقابات إلى استنكار ما فعلوه، استهجنت «الكونفدرالية العامة للشغل»، ما رأت «أنه قمع لناشطيها ولكلّ من يمارس حقه بالتظاهر».
في هذه الأثناء، تستمر الدعوات بالعودة إلى ساحة الجمهورية، وبالاعتصام كما حدث على مدى الشهر الماضي. وأكد التقرير أنه، في باريس، استخدمت «قوات مكافحة الشغب» القنابل المسيلة للدموع ضد المتظاهرين الذين أجبروا على الابتعاد إلى أماكن محددة.
ولا يبدو أن المواجهات ستوقف الحراك الذي يجهز نفسه في الأول من أيار لتظاهرة جديدة. كذلك من المنتظر أن تقع تظاهرة أخرى في الثالث من أيار، وهو يوم بدء النقاش في «الجمعية الوطنية» حول القانون.
وشكلت هذه المواجهات مناسبة لليمين الفرنسي للتذكير بموقفه السابق تجاه الحراك الذي يراه خارجاً عن القانون في مرحلة تعيش فيها فرنسا تحت حالة الطوارئ، ولإدانة موقف الحكومة «المتراخي» مع الحراك.
وكان رئيس الجمهورية، فرانسوا هولاند، قد قال في وقت سابق، إن «الحراك قانوني»، وليس من الخطأ أن يعبر الشباب عن «رؤيتهم للغد».
وبرغم أن التظاهرات تتركز حالياً على قانون العمل، وعلى التغيير عامة، من دون أن يتخذ الحراك طابعاً سياسياً، فإن أحد ناشطي الحراك أعلن، أمس، ترشحه في منطقة نيس في الانتخابات الفرعية، في سابقة قد تتكررعلى مستويات أخرى.