في الوقت الذي لاذت فيه غالبية الصحف الأميركية بالصمت حيال إعدام الشيخ نمر النمر، بدا لافتاً ما نشرته الصحف البريطانية تعقيباً على هذه الحادثة. منها ما ردّد بعض التصريحات التي أدلى بها سياسيون عرب، معتبرين أن الحركة السعودية الأخيرة سيكون لها تأثير سلبي في مستقبل نظام الحكم في المملكة، فيما تطرّقت صحف أخرى، مثل "ذي إندبندنت"، إلى الصمت البريطاني الرسمي إزاء انتهاك حقوق الإنسان. وفي مقال بعنوان "انتقاد ديفيد كاميرون بسبب تعاميه عن الإعدامات الكثيرة في السعودية"، ذكرت الصحيفة أن صمت كاميرون، "وُضع في خانة المخجل تماماً". وأشارت إلى أن على رئيس الحكومة أن يعلّق على القتل، بينما دعته منظمات حقوق الإنسان إلى إدانة القتل الجماعي الذي تقوم به السعودية.
من جهتها، عنونت "صنداي تايمز" أحد مقالاتها بسؤال طرحه كثيرون، بنحو علني أو مضمر، في العالم العربي والغربي، وهو "هل سيُغرق الملك سلمان بيت آل سعود؟"، وتناولت إعدام 47 شخصاً ــ من بينهم نمر النمر ــ على أنه يشكل رقماً عالياً بالنسبة إلى معايير المملكة، التي كانت قد قامت بتحرك مشابه بعد حادثة الحرم المكي في عام 1979، وذلك حينما أعدمت 63 شخصاً في عام 1980.
لكن "التايمز" أشارت إلى أنه "لم تمرّ سنة كاملة، حتى الآن، على تولي الملك سلمان منصبه، إلا أن هذه السنة تعد واحدة من أسوأ السنوات في تاريخ المملكة". ولكنها لم تتوقف عند هذا الحد، فقد أوضحت أن "العالم الغربي أصبح يدرك، حالياً، أن الفكر الوهابي الذي بنيت عليه المملكة هو سبب التطرف الذي يجتاح المنطقة". كذلك، اعتبرت أن كل هذه التحليلات "تتوازى مع الأدلة والإشارات العديدة التي تشير إلى وجود مشاكل في العائلة السعودية المالكة، بسبب السياسة التمييزية التي ينتهجها سلمان ومحاباة ابنه المفضل محمد، الذي تولى منصب وزير الدفاع، رغم أن سنّه لم تتخط الثلاثين عاماً، وعيّن ولياً لولي العهد".
في مقال بعنوان "الإعدامات في السعودية، مثل تصرفات تنظيم داعش، فماذا سيفعل الغرب؟"، نُشر في صحيفة "ذي إندبندنت، قال روبرت فيسك إن "ما حدث من إعدام لـ47 شخصاً، بهذا الشكل، في السعودية، يعد تصرفاً مشابهاً لممارسات تنظيم داعش"، مشيراً إلى أنه "تصرف غير مسبوق لبدء السنة الجديدة في المملكة، على خلاف الاحتفالات المبهجة في دبي المجاورة". من جهة أخرى، اعتبر فيسك أن آل سعود "ربما لم يكونوا راغبين من خلال هذه الإعدامات، إلا في استفزاز إيران والشيعة في مختلف أنحاء العالم، لإشعال صراع طائفي أكثر قوة، على غرار ما يفعل تنظيم داعش".
وفيما لفت إلى أن "قيام السعودية باستخدام مقاطع من القرآن لتبرير هذه الإعدامات، يؤكد أنها تستخدم أسلوب داعش"، فقد قارن بين التصرف السعودي وتصرف التنظيم. وفي هذا المجال، أشار إلى أن "داعش أيضاً يقطع رقاب من يرى أنهم مرتدون من السنّة، ورقاب الشيعة والمسيحيين في العراق وسوريا، على حد سواء". وخلص الكاتب البريطاني إلى أن "الإجراءات السعودية ضد النمر، هي نفسها التي كانت ستستخدم ضده لو كان في قبضة التنظيم".
"صانداي تلغراف" من جهتها لم تبتعد كثيراً عن الموضوع، فقد تناولته من زاوية التعريف بأسباب العداء بين النمر والنظام الحاكم في السعودية، وذلك في مقال بعنوان "نمر النمر: رجل الدين السعودي الصريح". وحاولت الصحيفة إلقاء الضوء على نمر النمر والمشاكل التي سببها للأسرة المالكة في السعودية، منذ بدء معارضته علناً عام 2011. كذلك أشارت إلى أن النمر "كان مصدر قلق مستمر في منطقة شرق المملكة العربية السعودية المليئة بالتوتر، بسبب الغالبية الشيعية التي تقطنها".
وكذلك "ذا غارديان"، فقد عنونت إحدى مقالاتها بـ"نمر النمر كان شوكة في خاصرة النظام السعودي"، وفيما ذكرت أنه "كان من المتظاهرين الداعين للديموقراطية"، فقد أشارت إلى أنه "منذ عام 2011 تحوّل إلى شوكة رفيعة المستوى في خاصرة النخبة الحاكمة في السعودية".