مع ارتفاع وتيرة العمليات أو تراجعها، ترتفع معها وتيرة تقديرات المعلقين الإسرائيليين بشأن مستقبل الانتفاضة ومفاعيلها في الساحة الداخلية، على المدى المنظور. وفي ظل فشل الأجهزة الأمنية والمناورات السياسية في كبح المسار المتواصل للعمليات، باتت آفاق هذه العمليات تشغل حيزاً من اهتمام الجهات المختصة في تل أبيب.
على هذه الخلفية، تناول المعلّق العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، الانتفاضة من زاوية استبعاد توقفها رغم تقديره حدوث تراجع معيّن في «قوة الإرهاب»، خلال الأسابيع الأخيرة. ولفت هرئيل إلى أنه «رغم تراجع نسبة محاولة تنفيذ العمليات والخسائر الإسرائيلية، في الشهر الأخير، فإنه كل يومين على الأقل، تسجل محاولة طعن أو دهس في الضفة الغربية، وفي كل أسبوع تقريباً، تقع عملية داخل الخط الأخضر».
وعن الجهات التي تقف وراء هذه العمليات، شدّد هرئيل على أن «القسم الأكبر منها ما زال يتم تنفيذه بمبادرة شخصية، حتى في الحالات القليلة التي كان فيها المنفذ عضواً معروفاً في أحد التنظيمات، لكن يتضح لاحقاً أنه نفذ العملية بقرار شخصي، وليس بناء على توجيهات من التنظيم الذي ينتمي إليه». مع ذلك، توقف هرئيل عند تطور جديد رأى أنه قد يؤشر إلى توجه مستقبلي، للمرة الأولى، مع إعلان جهاز «الشاباك» عن كشف مجموعة كبيرة تابعة لـ«حماس» في شرقي القدس والضفة، حيث تمّ اعتقال 25 شخصاً وجهت إليهم تهمة التخطيط لتنفيذ عمليات استشهادية، وإعداد عبوات وأحزمة ناسفة وتجنيد استشهاديين.
ورأى هرئيل أن ذلك «يأتي بعدما تراجع هذا التوجه بشكل تام، الذي كان قد بلغ الذروة في النصف الأول من العقد الماضي». وأرجع ذلك إلى أسباب تكتيكية، «تتصل بنجاح الشاباك والجيش في تفكيك الشبكات الإرهابية، التي نشرتها كتائب القسام في الضفة، وموجة الاعتقالات التي بادرت إليها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، وسط أعضاء حماس، خشية قيامهم بمحاولة انقلاب ضد السلطة في الضفة»، كما أضاف هرئيل أيضاً.
مع ذلك، أعلن «الشاباك» أنه كشف أول محاولة تنظيم جدية من «حماس» على غرار الانتفاضة الثانية. وفي هذا الإطار، لفت هرئيل إلى أن «حماس» شاركت بصورة جزئية في ما سماه «أعمال عنف»، وأن القيادة في غزة وجهت تعليمات في ما يتعلق بضرورة العمل على إشعال الانتفاضة في الضفة، تحت سلطة الرئيس محمود عباس، وفي القدس، تحت السلطة الإسرائيلية.
ولكن هرئيل يتابع أنه «حتى مسيرات التضامن في قطاع غزة التي تم تنظيمها باتجاه السياج الحدودي، هدأت في الأسابيع الأخيرة»، مضيفاً أنه «عندما أطلقت تنظيمات جهادية صغيرة الصواريخ، بين حين وآخر، باتجاه النقب، ردّت حماس بشدة واعتقلت المسؤولين أحياناً». وفي الضفة، وقعت حتى الآن عملية منظمة واحدة نفذتها «حماس» قرب نابلس، مطلع تشرين الأول، وأدت إلى سقوط قتلى إسرائيليين، ويعتبرها الجيش الإسرائيلي بداية لموجة العنف الحالي.
إلى ذلك، رأى هرئيل أنه «على عكس المبادرات الفردية، من السهل على الشاباك والجيش مواجهة الشبكات المنظمة التي تخطط لعمليات انتحارية، وتعد مواد ناسفة، أكثر من الأفراد الذين ينظمون عمليات الطعن». وأوضح أن السبب وراء ذلك بسيط، وهو أن «شبكة الإرهاب، حتى لو كان أعضاؤها يستخدمون طرق التقسيم والحذر، لكنها تترك بصمات أكبر، وقد امتهن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية تشخيصها».
وأضاف أنه «يبدو أن هذه القدرة، التي تمّ إثباتها هذه المرة، أيضاً، أدت إلى الكشف العاجل عن الشبكة الجديدة، قبل قيامها بتنفيذ أول عملية مخطط لها». ووفق هرئيل، «من الواضح لو أن مثل هذه العمليات تمّ تنفيذها كانت سترفع المواجهة الحالية إلى مسارات أخرى، أكثر عنفاً، وكانت ستدفع إسرائيل إلى عملية عسكرية أوسع، فإن القيادتين السياسية والعسكرية كانتا ستفضلان الامتناع عنها».