حالة القلق والترقب في أروقة النظام المصري من اقتراب ذكرى الثورة، وخصوصاً مع تراكم شحنات الغضب الشعبي، وعدم وفاء رأس النظام، عبد الفتاح السيسي، بالكثير من وعوده الانتخابية، ربما تفسر إطاحة 26 قيادة من «الداخلية» وترقية آخرين بدلاً منهم يوم أمس.
ومع أن بعض التنقلات والتغييرات دورية وروتينية في قطاعات الإعلام وشؤون الضباط والمكتب الفني للوزير والشؤون المالية للوزارة وشرطة التموين وغيرها، تتعلق ببلوغ بعض القيادات سن المعاش، ما عدا ما ارتبط بـ«الأمن الوطني» و«الأمن العام»، فإن تصاعد انتهاكات الشرطة أخيراً ضد المواطنين، ورد الفعل الغاضب ضدها لهما تأثير في ذلك. وقد تصاعد الغضب إلى حد حدوث تظاهرات وقطع طرق في محافظتي الأقصر والإسماعيلية، اللتين سجلتا أبرز حالتي انتهاك وصلتا إلى موت ضحيتين داخل أقسام الشرطة، طلعت شبيب في الأقصر، وعفيفي حسين في الإسماعيلية.
لهذه الأسباب مجتمعة، رجحت إطاحة العديد من قيادات وزارة الداخلية، وخصوصاً في قطاعي «الأمن العام» و«المباحث الجنائية». والحركة التي أصدرها وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، أطاحت عدداً من القيادات الأمنية، وخاصة رئيس جهاز «الأمن الوطني»، صلاح حجازي، ونائبيه اللواء هشام البستاوي، واللواء محمود الجميلي. وجرى نقل حجازي إلى قطاع «الأمن الاقتصادي»، فيما نقل البستاوي إلى «المنافذ»، كما تم تعيين الجميلي مساعداً أول لمدير أمن الإسكندرية.
وخلف حجازي في منصبه، اللواء محمد شعراوي الذي رقّي من مدير إدارة عامة في «الأمن الوطني» إلى مساعد الوزير لهذا القطاع، وكذلك جرى تصعيد اللواء محمود توفيق نائباً لرئيس الجهاز، بالإضافة إلى تصعيد اللواء عصام صيام وعصام البشري، مفتشين لـ«الأمن الوطني» في القاهرة والجيزة على التوالي، وقبل ثورة 25 يناير وإبان رئاسة حبيب العادلي جهاز «أمن الدولة»، قبل توليه وزارة الداخلية، تحولت تبعية الجهاز لرئاسة الجمهورية، قبل أن يضم منصور العيسوي (أول وزير داخلية في أول حكومة تتشكل في عهد المجلس العسكري بعد إطاحة حسني مبارك) الجهاز إلى الوزارة مرة أخرى، ليخضع لسلطة الوزير مباشرة.
هذه التحركات، وإن بدت روتينية (تجري الداخلية حركة تغييرات مرتين سنوياً في كانون الثاني وآب من العام نفسه وتعلن الأسماء مبكراً لإتاحة الفرصة للتظلمات من قرارات النقل لدراستها)، لكن إطاحة أكبر ثلاثة رؤوس في الأمن الوطني لها دلالاتها. فبرغم نجاح الجهاز في توجيه ضربات لـ«جماعة الإخوان المسلمين» وأنصارها، وجماعات أخرى كـ«أجناد مصر»، وإحباط العديد من عملياتهم، والقبض على بعضهم و«تصفية» آخرين، فإن عمليات بحجم اغتيال النائب العام وتفجير القنصلية الإيطالية وقتل قضاة العريش، هي أسباب وجيهة لإطاحتهم، وفق ما كشفت مصادر مطلعة على الملف الأمني.
لكن «انتهاكات الداخلية وتجاوزاتها»، كانت حاضرة في تفسير اللواء أبو بكر عبد الكريم (مساعد الوزير للعلاقات العامة والإعلام) لما جرى، وهو قال في تصريحات صحافية، إن «عنوان عقيدة الشرطة في هذه المرحلة هو مراعاة التوازن بين تطبيق القانون واحترام حقوق الإنسان»، مضيفاً أن الوزير عبد الغفار «شدد على ضرورة التعامل في إطار القانون ورفض أي تجاوز والتصدي بكل قوة لأي أعمال تؤثر في العلاقة بين أجهزة الأمن والمواطنين».
إلى ذلك، نقلت مصادر صحافية نجاة نائب مدير أمن شمال سيناء، اللواء مصطفى الرزاز، أمس، من محاولة اغتيال، عقب انفجار ضخم بعبوة ناسفة وقع في محيط فندق «سويس إن» بمدينة العريش.