بعد بريطانيا، استكمل الرئيس الأميركي باراك أوباما جولته الأوروبية في ألمانيا، حيث افتتح إلى جانب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، المعرض الصناعي التجاري في هانوفر، شمالي ألمانيا. أبرز أهداف هذه الزيارة، الخامسة والأخيرة له بصفته رئيساً، كان الحثّ على التوصل إلى اتفاق تبادل التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، رغم أنه اتفاق يقابل بالرفض والتشكيك في أوروبا.
وفي مؤتمر صحافي إلى جانب «صديقته» ميركل، كما وصفها سابقاً، رأى أوباما أن على بلاده والاتحاد الأوروبي أن «يمضيا قدماً» في المفاوضات حول اتفاق التبادل الحر بينهما، بهدف إنهائها بحلول نهاية العام. وأضاف: «توافقنا، أنجيلا وأنا، على الحاجة إلى المضي قدماً في المفاوضات حول الاتفاق التجاري عبر الأطلسي».
ومنذ عام 2013، يجري الطرفان مفاوضات لإعداد اتفاق للتبادل الحر، وستعقد في نيويورك، ابتداءً من اليوم، الجولة الثالثة عشرة منها.
الخوف من واشنطن أو عقد صفقة سريعة عامل يدفع إلى الرفض

ورغم حماسة أوباما للاتفاق، فإنه لم يقابل بالاستحسان في الشارع الألماني، فقد تظاهر آلاف الرافضين في هانوفر، على مدى اليومين الماضيين. كذلك، ندّد وزير الاقتصاد الألماني، سيغمار غابرييل، باتفاق التبادل الحر، معتبراً أنه «سيفشل» ما لم تقدم الولايات المتحدة تنازلات. وأضاف في حديث إلى صحيفة «هاندلسبلات» المتخصصة في الاقتصاد والأعمال، أن الأميركيين متشبّثون بمنح العقود العامة للشركات الأميركية حصراً... «ولا يمكننا القبول بذلك».
وتابع غابرييل، الذي هو نائب ميركل، أننا «لسنا بحاجة إلى اتفاقية التبادل التجاري الحر إذا ما تمسّك الأميركيون بموقفهم، وستخفق هذه الاتفاقية». لكن ميركل رأت أن الاتفاق «فرصة أوروبية ومساعدة كبيرة للسماح بتوسع اقتصادنا».
وفي حديث سابق إلى صحيفة «بيلد» الألمانية، كان أوباما قد أشاد بالسياسة «الواقعية والأخلاقية» للمستشارة الألمانية، خصوصاً في ما يتعلق بتعاملها مع قضية اللاجئين، مشدداً في الوقت نفسه على أهمية الاتفاق الذي «سيخلق فرص عمل في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي».
ووفق تقرير في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فإن ألمانيا تعتمد على «الصادرات» لتدعيم «ثروتها»، والولايات المتحدة تعتمد على الصادرات لتدعيم «أمنها»، ومع ذلك، فإن «كثيرين في ألمانيا لا يرون الاتفاق أمراً إيجابياً». كذلك يرى مناهضو الاتفاق أنه على العكس ممّا يروّج أوباما، يزيد المخاوف من تخفيض الأجور، وتراجع حماية المستهلك والمعايير البيئية.
وتبيّن في استطلاع أجراه مركز «برتلسمان ستيفتونغ»، في شباط الماضي، أن نسبة الرافضين للاتفاق في ألمانيا تجاوزت النصف على الأقل. ويرى الباحث في مركز الاستطلاع، كريستيان بلوث، أنه قد يلعب الشعور «المناهض لأميركا» دوراً في تعزيز هذا الرفض.
في المقابل، يرى المسؤول في «حزب الخضر» الألماني، أنطون هوفريتر، أن «مناهضة أميركا» ليست القوة المحركة «للحملات المعارضة للاتفاق»، بل إن المتظاهرين حذرون من أن يكون أوباما قد جاء إلى أوروبا «لعقد صفقة تجارية سريعة».
ويعوّل الرئيس الأميركي في إنهاء المفاوضات بشأن الاتفاق على أنه «سيمكن الناس من تحديد لماذا هو إيجابي بالنسبة إلى بلدينا»، لكنه أشار في المؤتمر الصحافي إلى أنه لا يتوقع «أن نتمكن من المصادقة على اتفاق بحلول نهاية العام».
كذلك يشير تقرير «نيويورك تايمز» إلى أن الانتخابات الأميركية المقبلة قد تعرقل إمكانية التوصل إلى اتفاق التبادل التجاري الحر هذا العام، «إضافة إلى الانتخابات المرتقبة أيضاً في فرنسا وألمانيا».
وفي إطار ترويج أوباما للاتفاق، حذر في مقابلة مع قناة «بي بي سي»، أمس، بريطانيا من أنها قد تجد نفسها «في نهاية الصف» عند توقيع الاتفاق، إذا ما خرجت من الاتحاد الأوروبي. وقال إن لندن قد تنتظر عشر سنوات قبل التوصل إلى اتفاق تجارة حرة مع واشنطن، وذلك في ختام زيارته لبريطانيا، التي دامت ثلاثة أيام.
(الأخبار)