استنفار دولي لتجفيف تمويل الإرهاب في سوريا والعراق

  • 0
  • ض
  • ض

عبر القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي، أمس، (ورقمه 2253) عن عمق التنسيق الروسي ــ الأميركي في ملاحقة تنظيم "داعش" الإرهابي، بهدف تجفيف تمويله وجعله أقل جاذبية للمقاتلين الذين يتدفقون إلى سوريا، عبر تركيا ودول أخرى من مختلف القارات. وفيما لم تعد الولايات المتحدة والدول الغربية والشرقية الأخرى قادرة على تحمّل الاستنفار الأمني الهائل، الذي تشهده جراء تهديد إرهابي يتجاوز كل الحدود، إلا أن القرار الذي سعت دول عدة إلى نسبه إليها، كان في الأساس روسياً، وجرى تعديله بالمفاوضات والمشاورات بين العواصم على أعلى المستويات، وذلك بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، وأيضاً بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وغلبت عليه وجهة النظر الروسية، التي حذرت مراراً من خطورة استخدام دول محدّدة للإرهاب كأداة لتغيير المعادلات. وقال وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب آدام سزوبين إن "القرار سيمنحنا المزيد من المرونة من أجل ملاحقة أولئك الذين يساعدون داعش، سواء بنقل الأموال أو بإيداعها أو بجبايتها". وكان لترؤس وزير الخزانة الأميركية جاك ليو جلسة مجلس الأمن الدولي، أمس، مغزى خاصاً في إطار تجفيف تمويل الإرهاب. الجلسة التي عقدها المجلس تحت القرار ١٢٦٧ الصادر عام ١٩٨٩، وهو القرار المتعلق بتنظيم "القاعدة"، حضرها عشرة وزراء مالية من مختلف الدول الغربية والشرقية. وفيها شرح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سير تطبيق القرار والصعوبات التي تواجهه، كما تحدث خلالها جيه ــ يون شين، رئيس جهاز ما بين الحكومات، قوة العمل المالية الدولية (فاتف)، موضحاً كيفية ملاحقة ممولي الإرهاب وتبييض الأموال وسواها من التهديدات المتعلقة بها. ويعزز القرار نظام الملاحقة، كما يركز على التمويل الذي يجنيه "داعش" في مناطق سيطرته من عائدات الزكاة، وتجارة النفط والآثار في داخل سوريا والعراق وخارجهما. وستجري الملاحقة من خلال إدراج أسماء على لائحة سوداء للتنظيم الإرهابي، بحيث لا تقتصر على تنظيم "القاعدة"، كما كان عليه الحال. وهناك فرق جوهري بين تمويل "القاعدة" و"داعش"، فالتنظيم الأخير لا يتلقى تبرعات من الأفراد وحسب، بل يعتمد على التجارة ولا سيما بالنفط والآثار وتحصيل الفدية من أعمال الخطف ومن جمع الجزية والزكاة. وبرز في صياغة القرار مشاركة روسيا والولايات المتحدة، فقد كانت روسيا قد قدمت مشروعاً خاصاً متعلقاً بتمويل "داعش"، لكن الدول الغربية تمهلت في مراجعته حتى بلغ السيل الزبى ولم تعد قادرة على تجاهله. والقرار الجديد يكرّر الأسس نفسها الملزمة للدول في إطار محاربة الإرهاب، لكنه يُدخل عناصر جديدة إضافة إلى ورد في القرار ٢١٦١، الذي تبناه المجلس في ١٧ حزيران ٢٠١٤. فهو يشدد على ضرورة التطبيق المحكم لإجراءات تنفيذية تشمل تجميد الأرصدة ومنع السفر وحظر بيع وتسليم السلاح. ويحدد دور الدول في ملاحقة المتورطين في جرائم إرهابية، من خلال المساعدة في تسليم المطلوبين وفي التحقيقات وفي وقف تسليم الأموال لهم، ولا سيما من بيع النفط. كما يعرب القرار عن القلق من عدم تنفيذ القرارات السابقة وقلة التقارير التي تلقتها الأمم المتحدة من الدول الأعضاء حيال تطبيق القرارات السابقة ذات الصلة. ويوضح القرار أن الفقرة ١د من القرار ١٣٧٣ الصادر عام ٢٠٠١ المتعلقة بتمويل الإرهاب، تقرر أن واجب الدول منع إتاحة الأموال للإرهابيين على أراضيها، وهذا يشمل نفقات التجنيد والسفر والتدريب. كما يفرض القرار الجديد على الدول إنشاء نظام ملاحقة قضائية جدي لمن ينتهك الحظر. أيضا، يجدد القرار لمكتب المراقبة صلاحية عمله لعامين من تاريخ انتهاء مدته، اي إلى كانون الأول ٢٠١٧، ويمدّد عمل فريق المراقبة المؤلف من ثمانية لمدة عامين بالمثل. المشاورات التي سبقت تبني القرار، شهدت خلافات حول استقلالية المكتب الرقابي المشرف على التطبيق. وكان الفريق يشكو من غياب الحماية المؤسساتية لاستقلاليته، فهو يخضع لرقابة دائرة شؤون مجلس الأمن الدولي التابعة للدائرة السياسية في الأمانة العامة للمنظمة الدولية. وذكر مكتب المراقبة، في تقريره، أن هذه التبعية غير سليمة وتسببت في ظهور توتر بين الموظفين، فيما لم تتمكن الدول الأعضاء من حسم هذه المسألة، بعد اعتراض الولايات المتحدة على أي تعديلات تدخل عليها. وكحل وسط، دعا نص القرار الأمين العام إلى مواصلة تعزيز قدرات المكتب، من خلال تزويده بالإمكانات مع اتخاذ الترتيبات اللازمة لضمان القدرة على العمل المستقل، ومن ثم رفع التقارير خلال ستة أشهر إلى لجنة العمل الرقابية. وشدد مكتب المراقبة على ضرورة توخي الشفافية في عملية إدراج الأشخاص على القائمة السوداء. كما طلب أن ترفع الدول تقارير حول إجراءات التطبيق التي تتبعها ضمن مهلة ١٢٠ يوماً. ويوجه القرار فريق المراقبة نحو تضمين تقريرهم للجنة العقوبات موضوعات نظرية، وأخرى إقليمية عن الظواهر الإرهابية. ودعا القرار إدارة لجنة مكافحة الإرهاب إلى رفع تقرير خلال ٣٠ يوماً، يتضمن توصيات لتعزيز تطبيق القرار ٢١٩٩ المتعلق بملاحقة تمويل "داعش" و"جبهة النصرة" الإرهابيين، والقرار ٢١٧٨ المتعلّق بالمقاتلين الغرباء وبرفع تقرير شفهي كل ثلاثة أشهر. وأخيراً، يدعو القرار الأمين العام للأمم المتحدة إلى تقديم تقرير إلى لجنة مجلس الأمن، مرة كل ستة أشهر، بشأن الترتيبات التي اتخذت من أجل ضمان استقلال مكتب الرقابة. وبالنسبة إلى الجهود المبذولة لدعم الدول الأعضاء في ملاحقة "داعش"، يرفع الأمين العام تقريراً كل ٤٥ يوماً، ويقدم تقريراً آخر حول إستراتيجية الملاحقة مرة كل ٤ أشهر.

0 تعليق

التعليقات