■ تناقلت وسائل الإعلام الكثير من الأخبار عن مسلسل «رق الحبيب» كتابة عبد المجيد حيدر وفادي زيفا، إذ كان يفترض أن تنجزيه مع شركة «سما الفن» (سورية الدولية) في الموسم الماضي لكنه تأجّل. مع ذلك، لم تباشري به، هل سنراك تديرين هذا العمل أم ألغيت الفكرة؟الاتفاق مع الشركة ما زال قائماً، وفي حقيقة الأمر أنا قصرّت تجاهها بسبب سوء تنسيق بينه وبين العمل الخليجي «وش رجعك» الذي أنجزته الموسم الماضي. لقد تأخّر البدء بتصويره ثلاثة أشهر، إضافة إلى تأخّر تأشيرة السفر إلى لندن الخاصة بي وبالممثلة العراقية بدرية أحمد بطلة المسلسل.

كل ذلك، جعلني أعجز عن اللحاق بـ«رق الحبيب» كما أنّني كنت مرتبطة سلفاً بمشروع عمل جديد في لبنان لهذا الموسم. لذلك، فالأمر في ملعب الشركة، إما أن تنتظرني أو تختار شخصاً آخر وهذا حقها بكل الأحوال. أدين لها بالشكر لتمسكها بي.

■ أنجزت في الموسم الماضي مسلسلك الخليجي الأول «وش رجعك» وهو سيناريو وحوار رياض نعسان آغا بالاعتماد على أشعار محمد سعيد الضنحاني. ماذا تخبرينا عن هذه التجربة؟
يقدّم العمل جرعة رومانسية استناداً إلى أشعار مميّزة لمحمد سعيد الضنحاني وهو بمثابة محطة استراحة من زمن الحرب. لقد شارفنا على الانتهاء من عمليّاته الفنية كاملة، وقد ارتأت الشركة المنتجة أن تعرضه خارج الموسم الرمضاني لتوفّر له شروط مشاهدة أفضل بعيداً من ازدحام الشاشات في شهر الصوم.

■ كيف تقيّمين الدراما الخليجية بعد عملك الأوّل هناك؟ وهل باتت تملك العناصر الكافية لتتقدّم خطوات واضحة وتصبح مشاهدة على مستوى العالم العربي؟ وهل ستكرّرين هذه التجربة مستقبلاً؟
الدراما الخليجية مرشّحة بقوّة لتكون دراما مميزة عربياً، لأنّها دراما «بِكر» في كل شيء، كما أنّها تملك كل المقوّمات من سوق عرض وجهات إنتاجية تتمكن من البذخ الإنتاجي، إضافة إلى تخصّص وتفرّغ العاملين فيها، وتوافر تنوّع كبير لجهة الجنسيات المقيمة هناك، من دون أن ننسى الراحة المادية. كل ذلك يعطي هذه الدراما الفرصة والأحقية للتقدّم خطوات مميّزة في المستقبل القريب. وفي السنوات المقبلة، أتوقّع أن نشاهد طفرة فيها خصوصاً أنّ في الخليج ممثلين مهمين. ومن الممكن أن أكرر التجربة بمجرّد توافر النص الجيد.

■ لنطرح عليك السؤال التقليدي المعهود حول العناصر التي جذبتك في نص «علاقات خاصة» لنور الشيشكلي ومؤيد النابلسي وجعلتك توافقين على إخراجه؟ علماً بأنّك من المخرجين الذين تُعرض عليهم مجموعة كبيرة من الأعمال ويفاضلون فيما بينها.
علاقة الرجل بالمرأة هي
العمود الفقري لأي مجتمع


أحضّر لمشروع يلامس
الواقع الدامي

في اللحظات الأولى أتعامل مع القصة كأنّني مشاهد عادي وقع الورق بين يديه فقرّر أن يقرأ. أقرأ النص بشكل بسيط وأميل نحو الشخصيات التي تدخل قلبي بسرعة، وتلك التي ترافقني في تفكيري لأطول وقت بعد الاطلاع على الأحداث بغض النظر عن تكنيك كتابة السيناريو أو أهدافه أو سويّته. عندما وصلني نص «علاقات خاصة» قرأت منه 13 حلقة في ليلة واحد، لأنّه بسيط وممتع ومكتوب بطريقة فذة. كذلك، يضم المسلسل حالة حب جديدة بالنسبة للدراما العربية، هو يطرح خمسة نماذج لعلاقات حب مختلفة، تتميّز بأنّ شخصياتها تناسب الحقبة الزمنية التي نعيشها. وأعتقد أنّه يمكن أن تقدّم شخصيّاته جرعة كافية من الترفيه، وتُخرج الجمهور من كآبة نشرات الأخبار ودمويّتها، وتبلسم الجراح التي تغرق فيها مجتمعاتنا. من هذا المنطلق، وجدت نفسي معجبة به كمشاهدة، قبل أن أبدأ بالتعاطي معه كمخرجة، إضافة إلى التعامل المشجّع مع الكاتبين بسبب حماسهما ومرونتهما.

■ لكن هناك سمعة سيئة باتت تلاحق مسلسلات الـ«سوب أوبرا» الطويلة على اعتبار أنّها توغل في التطويل والثرثرة السطحية، وكل ما تقدّمه عبارة عن قصص هزيلة تتعمّد عدم الخوض في تفاصيل واقعية تلامس الحياة اليومية للمواطن العربي في ظل ما تشهده المنطقة من ظروف مترديّة؟
لم يسبق لي أن بحثت عن الحب إلا في «علاقات خاصة». والحب في هذه المرحلة ربّما يكون مطلباً مجتمعياً. ولو بدا سطحياً إلا أنّه ليس كذلك في حقيقة الأمر، لأنّ علاقة الرجل بالمرأة هي جوهر أي مجتمع. وإذا كان واجب الدراما معالجة هذا الواقع المأزوم فإنّها فشلت في ذلك، ولو توجّب عليها توثيقه فمن الباكر جداً البحث في هذا الموضوع. سبق أن دخلت بالكاميرا إلى القاع السوري ولامست هموم الناس وآلامهم وكنت على تماس مباشر معها، لكنّنا لم نتوقّع أن يصل البركان الخامد إلى هذا النشاط. لذا دعونا نتصالح مع أنفسنا لنقول إن الدراما وسيلة تخفيف عن شرائح كثيرة من المجتمع يصعب عليها السفر والهروب من الحرب. وفي النهاية الدراما ليست عصا سحرية لتخلق المدينة الفاضلة، ولا بد أن تكون منطقية لتأخذ على عاتقها هاجس متعة وترفيه وتسلية المشاهد بالدرجة الأولى.

■ أثناء التحضير للعمل كتبت الصحافة أنّ عابد فهد وقّع مع الشركة المنتجة «أونلاين بروداكشن» (زياد شويري) لكنه عاد واعتذر عبر رسالة قصيرة أرسلها إلى مدير الإنتاج. أما في ما يتعلّق بالسبب، فقد برّر الممثل السوري بأنّه خاف من النص لأنّه لم يتسلم سوى ثلاثين حلقة. هل حاولت أن يتخطى عملك هذه المشكلة، وما هي تفاصيل الخلاف؟
قرأ عابد فهد نسبة كبيرة من النص المكتوب ولم يسجّل اعتراضات كبيرة، هذه حقيقة! لكن المشكلة باختصار هي الخلاف على مسألة توقيت العرض إن كان في رمضان أو بعده. اشترط فهد عدم عرض المسلسل في رمضان تلبية لشروط مفروضة عليه مع جهات إنتاجية أخرى، في الوقت الذي يحق لمنتجنا البحث عن مصلحته من خلال العرض في هذا الشهر ليكون العقد سخياً ومجدياً. حاول زياد شويري أن يجد مخرجاً بحيث يعرض جزءاً في رمضان ويستكمل الأمر مباشرة بعد انتهاء شهر الصوم، غير أنّ فهد رفض لأن عقده الثاني واضح. جرّبنا التمسّك به لكن مصلحته الفنية فرضت عليه غير ذلك. فاستدعينا نجماً آخر للعمل وعموماً عندما يكون هناك دور مكتوب لهذا الممثل ويعتذر عنه، أعود لأقارب الشخصية وأطرحها بمفهوم جديد ورؤية مغايرة لأنّه لا يمكن أن تجد بديلاً منه.

■ في هذه المرحلة، ومنذ انتشار الفوضى بشكل كبير على المستويات كافة، نجدك حريصة كثيراً على الابتعاد من الصدامية. البعض يتهمك بالخوف وآخرون يعتبرونك مسالمة رغم إشكالية أعمالك السابقة. هل لك أن تفصحي لنا عن سبب ابتعادك من الصدامية وهل ذهب الزمن الذي كانت توقف فيه أعمالك الشارع العربي؟
تاريخي يشهد على جرأتي وعدم خشيتي من أحد، لكن الموضوع بالنسبة لي مختلف عن الخوف. ما يحصل معي عندما أواجه إشكالاً مع شخص ما أو شركة معينة هو أنّني أحفظ مكانة واسعة في قلبي للخبز والملح، وأجد أنّه من غير المناسب الانحدار إلى مستوى القيل والقال طالما أنّ هذه السجالات لم تضف شيئاً على تاريخ أحد. نحن في زمن الموت المجاني اليومي فمن المعيب الخوض في هذه المشاكل. وأنا شخص يعمل من أجل المتعة. رغم أنّها مهنة صعبة لكن لا يمكن أن تفقد فيها المتعة لكي لا تفقد الحماس ويتراجع مستوى الحرفية. أعيش لأستمتع وليس لأتشاكل مع أحد. أما بخصوص الأعمال الإشكالية، فلم يعد هناك ما يمكن أن يصدم الجمهور في الدراما وهم يعيشون واقعاً يسبق الدراما بآلاف الأميال. هم يتابعون يومياً مشاهد قطع الرؤوس والتنكيل بالجثث وتلاعب الأطفال بأعضاء بشرية في نشرات الأخبار. أعتقد أنّه لو تمكنّا الآن من تسلية الجمهور وإمتاعه ولو بقصة كلاسيكية في هذه المرحلة، فإن ذلك أثمن ما يمكن أن تصنعه في الدراما. مع ذلك، وحتى لا أُتهم بالصمت، فإنّني سأحضّر للعام المقبل عملاً يلامس الواقع الدامي لكن لن أتمكن من البوح عن تفاصيله حتى يدخل فعلياً حيّز التنفيذ.

■ تزوّجت منذ فترة من تمّام نجم الدين، كيف حال هذه العلاقة حالياً؟
تعرفت على زوجي من خلال شقيقته النجمة سوزان نجم الدين أثناء اجتماعنا من أجل مسلسل كان يُفترض أن ننجزه مع «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني» ومن ثم اعتذرت عن عدم إنجازه. حقيقة أنا في حال امتنان للقدر لأنّني وفقت بزواج مميّز ورجل حنون وسند حقيقي يشعرني بالسلام بشكل دائم بعد طول انتظار.

■ هل هناك مشاريع مرتقبة مع النجمة سوزان نجم الدين؟
من المفترض أن يجمعني بها مشروع درامي قريب، على أن تتولى إنتاجه بنفسها مستفيدة من حماسها وشغفها بالعمل وحملها هماً أكبر من الهم الذي يحمله الممثل عادة. أتمنى أن يُثمر هذا المشروع حتى نتمكن من التصريح عن كل تفاصيله في المستقبل القريب.

■ مع من تعتبرين نفسك اليوم بخصوص ما يحدث في بلادك سوريا؟
من أجل مَنْ ولمصلحة مَنْ ولماذا وكرمى لعيون من يحدث ما يحدث اليوم في سوريا؟ هناك أسئلة كبيرة لا أحد يتمكّن من الإجابة بعد أن ارتفع صوت الرصاص فوق كل ما تبقى من أصوات العقل والحكمة وطغى منظر الدماء كنتيجة لذلك، وأصبح الوجع ميزة المشهد السوري. لذا فإنّ كل ما يمكنني قوله أنّني مواطنة سورية حزينة ومقهورة لما يحدث في بلادي.