كان من المقرّر أن تنطلق الدورة الثانية من «مهرجان لبنان الوطني للمسرح» في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، غير أنّ غليان الشارع وتأزّم الأوضاع على الأصعدة كافّة أدّى إلى تأجيله. وغداً الأحد، يستعدّ «مسرح المدينة» (الحمرا ــ بيروت) لاحتضان الحدث الذي يعدّ ثمرة اتفاق بين «الهيئة العربية للمسرح» ووزارة الثقافة اللبنانية بعد مبادرة من حاكم إمارة الشارقة سلطان بن محمد القاسمي. في 2018، انتظر اللبنانيون دعماً خارجياً لإطلاق مهرجان خاص بالمسرح الوطني، القطاع الثقافي المهدّد كما غيره في هذه البلاد المتهالكة. خطوة تأتي في إطار مبادرة إقليمية تقيم من خلالها «الهيئة العربية للمسرح» مهرجانات محلّية في دول عربية بهدف «إثراء الساحة الفنية والارتقاء بالإنتاج المسرحي ودعم المؤسسات الثقافية». حملت الدورة التأسيسية (برئاسة الممثل رفيق علي أحمد) اسم الكبير أنطوان كرباج (1935)، وشملت سبعة عروض منوّعة.أما هذه السنة، فيضم برنامج الموسم الثاني ستة أعمال (راجع البرنامج)، هي: «كوميديا العبابيد» من كتابة وإخراج هشام زين الدين (غداً الأحد)، «ما شاء Will» لغبريال يمين، «المعلّقتان» للينا عسيران، و«أصل الحكاية» لمجموعة «كهربا» (كتابة وإخراج ومعالجة: أورليان الزوقي وإريك دينيو)، بالإضافة إلى «شاطر فؤاد» لفؤاد يمين و«مجدّرة حمرا» ليحيى جابر، قبل أن يتم توزيع الجوائز في احتفال الختام في الثامن من شباط (فبراير) الحالي والذي تشارك فيه الفنانة حنين وفرقتها.
اختيرت هذه العناوين من قِبل لجنة مؤلّفة من الممثلة رندة الأسمر، والسينوغراف وليد دكروب والزميل بيار أبي صعب.
حرص الثلاثي على انتقاء إنتاجات مسرحية «منوّعة ومتجانسة»، وفق ما يؤكّد مدير الدورة الثانية نقولا دانيال في اتّصال مع «الأخبار». ويضيف: «على الرغم من الصعوبات التي واجهتنا في ظلّ الظروف الراهنة، لكنّ الأكيد أنّ هناك أعمالاً جميلة في هذا البلد تستحق الإضاءة عليها». في هذا السياق، لفت الممثل اللبناني إلى أنّ «الاحترافية» تطبع الجو العام للعناوين المختارة، بغضّ النظر عمّا إذا كان صنّاعها مكرّسين أو لا: «الجودة هي الشرط الأساسي... لجنة الاختيار كانت عين الجمهور المثقف والذوّاق».
أما لجنة التحكيم، فتتألف من: الممثل بطرس روحانا (رئيساً)، الشاعر والإعلامي زاهي وهبي، المخرجة لينا خوري، المخرج والأستاذ الجامعي ناجي صوراتي والممثلة ندى بو فرحات. سيحدّد هؤلاء هوية الفائزين الذين سيحصلون على دروع وشهادات تقدير ومبالغ مالية، إذ ستتوزّع الجوائز المقدّمة باسم «الهيئة العربية للمسرح» على الشكل التالي: أفضل ممثل/ة عن دور أوّل (1500دولار أميركي)، أفضل ممثل/ة عن دور ثانٍ ($1500)، أفضل تأليف موسيقي ومؤثرات صوتية ($1000)، أفضل سينوغرافيا (1000$)، أفضل تأليف نص مسرحي محلّي ($1500)، أفضل إخراج لعمل مسرحي ($1500)، أفضل عمل مسرحي لبناني ($5000).
علماً بأنّه إلى جانب دانيال، تتكوّن الهيئة العليا للمهرجان من مدير عام وزارة الثقافة علي الصمد، نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون نعمة بدوي، نقيب الفنانين المحترفين جهاد الأطرش، الممثل بديع أبو شقرا والناقد والكاتب عبيدو باشا.
بحسرة لا يستطيع إخفاءها، يتحدّث دانيال عن الافتتاح «الجميل» الذي كان مقرّراً في «بيت الثقافة» في الشيّاح (ضاحية بيروت الجنوبية)، والرغبة الجامحة لديه ولدى القائمين على الحدث في تغيير «الشكل والذهاب نحو مفهوم المهرجان الحقيقي لا البقاء في نطاق المباراة المسرحية». إلا أنّه «للأسف التطوّرات الحاصلة في البلد لم تسعفنا». صحيح أنّ مناقشات ستجري بعد كلّ من العروض الستة، لكن «كنت أوّد أن يكون هناك حيّز للمحاضرات». ويوضح نقولا دانيال أنّه تم التواصل مع «أربعة أشخاص موثوقين للتعريف بمجموعة من كتّاب مسرحيين لبنانيين معروفين ضمن أنشطة تُقام في أماكن مختلفة، سعياً وراء اللامركزية».
يلفت نقولا دانيال إلى أهمية إقامة هذا النشاط لناحية «التنافسية بين المسرحيين»

على سبيل المثال، كانت ستتكلّم هدى بو فرحات عن تجربة زوجها أنطوان معلوف في الفرع الثاني من كلية الفنون الجميلة والعمارة في «الجامعة اللبنانية» (فرن الشبّاك)، فيما يلقي الكاتب المسرحي المعروف فارس يواكيم محاضرة في الفرع الأوّل عن علاقته بالراحل حسن علاء الدين (شوشو) ومسرحه، ويتناول الشاعر والصحافي عبده وازن عصام محفوظ في نشاط تحتضنه «الجامعة الأنطونية» في بعبدا، ويتطرّق الكاتب والناقد عبيدو باشا إلى أسامة العارف في الـ AUST... بات من شبه المؤكّد أنّ هذه المواعيد لكن تكون ضمن أيّام المهرجان السبعة، لكن السعي متواصل لإقامتها قريباً.
لا ينفي دانيال الذي سيطلّ قريباً في مسلسل «دانتيل» (إخراج المثنى صبح) أنّ «الأمور أُنجزت على عجالة»، لكنه يرى أنّ لمثل هذه الأحداث الثقافية أهمية بالغة لناحية «التنافسية بين المسرحيين وإيصال أعمالهم إلى جمهور أوسع، وشعورهم بأنّ هناك من يهتمّ لأمرهم. كما أنّها فسحة فرح والتماعة في ظلّ هذه الأجواء الصعبة، لنقول إنّه لا بدّ من الاستمرارية مهما كان الواقع اليوم». ويشير في الوقت نفسه إلى أنّه لا يمكن فصل «مهرجان لبنان الوطني للمسرح» عمّا يحصل في البلاد اليوم لأنّ جزءاً ممن يشاركون فيه «منخرطون في الحراك»، مضيفاً أنّ «دعم الحركة المسرحية مسألة كبيرة تستلزم جهوداً على مستويات عدّة، لكن على قد بساطك مدّ إجريك...».

* «مهرجان لبنان الوطني للمسرح»: بدءاً من يوم غدٍ الأحد ولغاية 8 شباط ــ الساعة الثامنة والنصف مساءً ـــ «مسرح المدينة» (الحمرا ــ بيروت). الدعوة عامة والدخول مجاني. للاستعلام: 01/753010



البرنامج

«العبابيد» ـــ هشام زين الدين
2/2 ــ س: 20:30


يفتتح المهرجان مع كوميديا «العبابيد» الذي يحمل توقيع الكاتب والمخرج هشام زين الدين. يلجأ العمل إلى الكوميديا السوداء في تناوله للأزمات الاجتماعية والاقتصادية اليومية التي تلمّ بالبلاد ومواطنيها. تستند «العبابيد» إلى مسرحية كتبها زين الدين بعنوان «زيارة السيد الوزير» صدرت عن «دار الفارابي»، وعرضت في بيروت عام 2011. تدور الأحداث في قرية «العبابيد» التي تلتقي في أماكن عدّة مع ملامح المجتمع اللبناني القابع تحت حكم الفاسدين. في هذه البيئة البسيطة، التي يحلم أبناؤها بالقليل، يكتسب الناس أهميتهم من لقائهم بالحكّام والوزراء في استعارة كاريكاتوريّة وساخرة لعلاقة الناس بالحكام. برفقة موسيقى زياد الأحمديّة، تؤدي العرض مجموعة من الممثلين هم أمل طالب، وهشام خداج، وإدمون حداد، وربيع أيوب، وسالي فواز وبيان ضو.

ما شاء Will ـــ غبريال يمين
3/2 ــ س: 20:30


كتب غبريال يمين وأخرج مسرحيّة «ما شاء Will»، مستعيناً بمجموعة من شخصيات وليم شكسبير. يرسم يمين مصيراً مختلفاً للشخصيات، التي فقدت القناعة بأدوارها الكلاسيكية في مسرحيات شكسبير. دسدمونا، وليدي ماكبث، وجولييت، وكليوباترا، كاترين، ومربيّة جولييت يجدن أنفسهن خارج الزمان والمكان الآمنين حيث اعتدن أن يكنّ في السابق. في الحقيقة، لا يعرفن تماماً أين أصبحن اليوم. تستمرّ المسرحيّة في حالة من الضياع الذي يقود الشخصيّات، إلى أن يلتحق بهن ثلاثة شخوص أخرى هم بتروشيو، وهنري الخامس وروميو. المسرحيّة التي تحمل مناخات شكسبير وتسقطها على سياقات معاصرة، يؤدّيها كلّ من بيرلا حنا، وكاتي يونس، ونورا جريج، وناتالي فريحة، وكريستيا نخول، وكريستي الخوري، ونسيب السبعلي، وجان بول الأسطا وعامر فياض.

«المعلّقتان» ـــ لينا عسيران
4/2 ــ س: 20:00


كانت مسرحية «المعلقتان» التي عرضت العام الماضي، تجربة لافتة على جميع المستويات، خصوصاً لناحية النصّ المسرحي الذي كتبه حسن مخزوم. إلى جانب النص، أخرجت لينا عسيران العمل ضمن سينوغرافيا متقشّفة تظهّر الواقع العبثي والساخر للحوار بين امرأتين تستقلّان المصعد كل واحدة لغاية مختلفة (أداء: سارة عبدو، يارا زخور، جلال الشعار). فضاء المصعد المغلق، يمنح النص المسرحي والحوار وقعاً مضاعفاً. تحمل كل من الامرأتين نظرتين مختلفتين إلى العالم. الأولى كانت تستقل المصعد للوصول إلى كاستنيغ لمسرحيّة، فيما الثانية التي تواجه العالم بنظرة متشائمة، لا تزال عالقة في المصعد منذ فترة طويلة لا نعلم مدّتها. إلا أن تعليقهما الجسدي في المصعد فوق الأرض، يحاكي حالتهما النفسيّة، وتخبّطهما في مرحلة ضبابية من حياتهما.

«أصل الحكاية» ـــ «مجموعة كهربا»
5/2 ــ س: 20:30


جالت «مجموعة كهربا» على مهرجانات عدّة بمسرحيتها «أصل الحكاية» (45 د) التي ستعرض خلال المهرجان. العمل الذي كتبه وأخرجه ويؤديه أورليان الزوقي، وإريك دينيو، يدعو أساليب ووسائط متعدّدة لطالما استخدمتها مجموعة «كهربا» في معظم عروضها.
بجمعه الجانب البصري، والجسدي والموسيقي، يتوجّه العمل إلى كلّ الفئات العمريّة. على الخشبة، يستعين المؤديان بتقنيات صناعة الطين والسيراميك، والرسم الحي، وفنون الدمى، والأداء والرقص للعودة إلى جذور وأصول الحكايات الخرافية بين الحضارات المختلفة طوال سنوات.
ضمن هذا البحث عن جذور القصّة، تسيطر مناخات الأساطير القديمة والخرافة على العرض الذي نشاهده برفقة موسيقى ألّفها إيمانويل الزوقي.

«شاطر فؤاد» ـــ فؤاد يمين
6/2 ــ س: 20:30


«شاطر فؤاد» هو العمل المونودرامي الثاني على برنامج المهرجان. العمل الذي كتبه وأخرجه ويؤديه فؤاد يمين، يتنقّل بين وجوه عدّة للممثّل اللبناني. على كرسي خشبي وسط المسرح، يستعيد يمين شخصيّات عدّة له بين «فو» و«فوفي» و«فؤاد الكبير» وغيرها من الشخصيّات التي ترتبط بمراحل مختلفة من حياته. نتنقّل معه بين الجامعة والضيعة والعائلة، وبيروت التي أتاحت له اجتياز منطقة البربير للمرّة الأولى.
فؤاد في مواجهة نفسه، يلقي الضوء على ذكريات حياته محاولاً أن يجد الأجوبة المناسبة لأسئلة لا تزال عالقة حتى اليوم. تتبدّل حالاته النفسيّة، يجلس في مواجهة نفسه مقدّماً فؤاد إلى الجمهور. إلى جانب هذه الرحلة الداخليّة، ثمّة روايات وأخبار شعبيّة واجتماعيّة عامّة تطال المجتمع بشكل عام، برفقة بعض الأغنيات والقصائد.

«مجدرة حمرا» ـــ يحيى جابر وأنجو ريحان
7/2 ــ س: 20:30


منذ انطلاقها في «تياترو فردان» قبل عامين، جالت «مجدّرة حمرا» على مناطق وفضاءات عدّة في لبنان. يأتي العمل، ضمن اشتغال الكاتب والشاعر اللبناني يحيى جابر على مجموعة من عروض المونودراما التي ترتكز إلى المناطق اللبنانية وسماتها، بالاعتماد على النصّ والمؤدّي الواحد في الدرجة الأولى وسط ديكور بسيط ومتواضع.
تنقل مونودراما «مجدّرة حمرا» أجواء الجنوب اللبناني والصراع الذي قد تعيشه ثلاث نسوة هناك. البطلة هي أنجو ريحان التي تؤدي العرض بمفردها حول ثلاث بطلات هن مريم وسعاد وفطم. تحكي عن الزواج، وحالات الطلاق والغربة والأولاد والطعام وتجارب عدّة قد تصطدم بالبيئة التقليدية في النبطية والضاحية الجنوبية وباريس.