في بداية العام الماضي، تصدّرت شركة «ثري سكوير ماركت» (Three Square Market) التكنولوجية في ولاية ويسكونسن عناوين الصحف، بسبب زراعتها شرائح إلكترونية ذكية تحت جلد نحو مئة موظّف لديها. بذلك، باتت الشركة الأولى في الولايات المتحدة التي تزرع شريحة ذكية تسمح لموظفيها بالدفع بسهولة مقابل الأشياء التي يشترونها، فضلاً عن الدخول إلى المبنى وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم عن طريق المسح الضوئي لأيديهم. اللافت هو أن الشركة، التي توفّر تكنولوجيا أسواق غرف الاستراحة المصغّرة (ماكينات التسوق الإلكترونية)، تتّجه اليوم إلى تنفيذ خطة أكثر طموحاً، وفقاً لما صرح به رئيسها التنفيذي تود ويستبي. الأخير، وفي مقابلة خصّ بها قناة «سي أن بي سي» (CNBC)، قال إن شركته تُصمّم رقاقة دقيقة أكثر تطوراً تستمد الطاقة من الحرارة في جسم الإنسان، وتشمل خاصية تتبُّع نظام تحديد المواقع (GPS) العالمي وتفعيل الصوت.


الأهداف طبيّة… ولكن
لكن يبدو أن تزويد الرقاقات بنظام GPS ولّد بعض المخاوف من تداعيات التطور التكنولوجي على خصوصيات البشر، كما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير. إذ رأت الصحيفة أن الإجراء هو «خطوة أولى نحو تسليم استقلالنا الذاتي إلى سادة الحكومة الذين يشبهون سكاينيت (آلات ذكية قادرة على تطوير ذاتها بشكلٍ مستقل)»، خصوصاً أن مسؤولي الشركة اعترفوا بأن الرقائق ستوفر طريقة ملائمة لتتبع الأشخاص ــ وتحديداً أولئك الذين يعانون من مرض الزهايمر والخرف.
في دفاعه، قال رئيس «ثري سكوير ماركت»، باتريك مكمولان، لـ«سي أن بي سي»، إن الهدف من تطوير الشرائح هو «قضية جديرة بالاهتمام» تتعلق بقدرتها على «مراقبة العلامات الحيوية الخاصة بك». وهو هدف يبدو أن العديد من المؤسسات الطبية ترغب في تحقيقه، على اعتبار أن الرقاقة الذكية ستتمكن من إرشاد الأطباء إلى مشكلاتنا الصحية، وفق ماكمولان.

(Three Square Market)

وفي الإطار عينه، يشير أنصار هذا النموذج المُستحدث من الشرائح الطبية إلى أن الأخيرة «يمكن أن تحتوي على تاريخ طبّي كامل لشخص ما». فعلى سبيل المثال، إذا دخل المريض في حالة من فقدان الوعي أو فقدان الذاكرة، يمكن أن تثبت السجلّات المخزّنة في الشريحة أنها لا تقدّر بثمن بالنسبة لأطباء غرف الطوارئ، الذين قد يكونون غير ملمّين بالأدوية الموصوفة للشخص أو تاريخ المرض.
بيد أن التبريرات الطبية لم توقف سيل الانتقادات، التي رأت أن هذه الممارسة تثير مخاوف خطيرة تتعلق بالخصوصية، لا سيّما عند التفكير في الجهة التي ستكون مسؤولة عن البيانات الشخصية التي تستطيع الشرائح الذكية تخزينها في ما يتعلّق بحركة الفرد وسلوكياته وصحته.
يشار إلى أن الشريحة الصغيرة، التي تستخدم تقنية تحديد التردّدات الراديوية «آر أف آي دي» (Radio Frequency Identification)، يمكن زرعها بين الإبهام والسبابة «في غضون ثوانٍ»، وفق مسؤولي الشركة.