مع انتهاء موسم الأعياد، عاد «بابا نويل» إلى القطب الشمالي في حين اتجهت سبعة روبوتات مائية إلى القطب الجنوبي. فقد أعلنت جامعة واشنطن نهاية الشهر الفائت عن شراكة جديدة بين كلية البيئة ومختبر الفيزياء التطبيقية في الجامعة والملياردير بول ألين فيلانثروبيز، بهدف إرسال سبعة روبوتات مائية ذاتية القيادة للغوص لمدة سنة أسفل القطب الجنوبي لاكتشاف الأسرار الكامنة تحت الجرف الجليدي العائم في أنتاركتيكا، الذي يحمل في غلافه الجليدي الكثير من الجليد، الذي إذا ما انهار يمكن أن يؤدي الى ارتفاع مستوى البحار أمتاراً عدة.
في الواقع، لا نملك الكثير من المعلومات عن القطب الجنوبي «الذي يعد أحد أكبر الأمور المجهولة لمستقبل مناخ الأرض»، إذ يقول عالم الجليد والأستاذ المساعد في علوم الأرض وعلوم الفضاء في جامعة واشنطن، نوت كريستيانسون، في بيان للجامعة إنه «ليس لدينا تقريباً أي معلومات عن المنطقة التي يتدفق فيها النهر الجليدي فوق المحيط، حيث تبلغ سماكة الجليد بين 300 و500 متر. ليس هناك اختراق للضوء، من المستحيل التواصل مع أي أجهزة، وهذه البيئة صعبة للغاية على الروبوتات». وعليه، ستكون المهمة محفوفة بالمخاطر نظراً إلى البيئة الصعبة التي ستوضع بها الروبوتات.

المشروع الجديد
سيقوم على نشر شبكة روبوتية في نصف الكرة الجنوبي، حيث تعد البيئة أكثر تحدياً

هذه الروبوتات البحارة تدعى seaglider وقد اخترعها علماء المحيطات في جامعة واشنطن في منتصف التسعينيات، بدعم من مؤسسة العلوم الوطنية، ولا تزال تبني نماذج بحوث من الروبوتات المائية. منذ عام 2008 قام باحثو جامعة واشنطن بتكييف Seaglider للعمل تحت الجليد، وكانوا يستخدمونه لأخذ عينات من تحت الجليد البحري في القطب الشمالي. وفي عام 2014، استخدم seaglider وغيرها من التقنيات في المحيط المتجمد الشمالي لتعقب تفكك جليد البحر الصيفي. وتقول جامعة واشنطن في بيانها إن المشروع الجديد سيقوم على نشر شبكة روبوتية مماثلة في نصف الكرة الجنوبي، حيث تعد البيئة أكثر تحدياً لأن الروبوتات يجب أن تغامر في تجاويف المحيط المعقدة للغاية التي شكلتها الألواح الجليدية وغير المعروفة إلى حد كبير. وقد ابتكر الفريق خوارزميات ملاحة جديدة لـ seaglider واختبروها في المحاكاة للتأكد من أن الروبوتات يمكنها التنقل والعودة بأمان. وتقضي الخطة بأن تغوص الروبوتات العائمة داخل الكهوف الجليدية وخارجها مرات عدة في اليوم في الصيف، وتطفو على السطح بين كل رحلة لترسل البيانات إلى الشاطئ. وبمجرد أن يتجمد سطح المحيط في الشتاء، ستستمر الروبوتات في إجراء القياسات بمفردها، لترسل البيانات في وقت لاحق في الربيع، وفق بيان الجامعة.
يقول كريج لي، أستاذ في علم المحيطات في مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة واشنطن إن «هذا الاختبار العالي الخطورة دليل على مفهوم استخدام التكنولوجيا الروبوتية في بيئة بحرية محفوفة بالمخاطر». الجرف الجليدي هو الجزء العائم من النهر الجليدي الذي يمتد من البحر الداخلي، والذي يقع على الطبقة السفلية. معظم القارة القطبية الجنوبية لا تظهر حتى الآن ذوباناً سطحياً خطيراً، لكن العلماء يعتقدون بأن الذوبان يحدث في الأنهر الجليدية الداخلية، حيث تلتقي المياه المحيطية الدافئة نسبياً بالجانب السفلي. يشرح كريستيانسون أننا «لم نتمكن يوماً من الغوص بعمق كبير في كهف جليدي، حيث يلتقي الجرف الجليدي العائم بقاع البحر، وإذا تمكنا من القيام بذلك، فسوف نكون قادرين على جمع أطنان من البيانات الجديدة. فكثيراً ما لا نعرف حتى ما هي تضاريس قاع البحر تحت هذا الجرف، ما يؤثر على تدفق المياه ودرجة الحرارة وغيرها من العوامل التي تتحكم في معدل الذوبان».
وقد نقل موقع scientific american أنه على مدى 40 عاماً ازدادت سرعة ذوبان الجرف الجليدي «باين آيلاند» إلى 75%، وإذا ذاب تماماً سيؤدي إلى رفع مستوى البحر ليغرق جميع المدن الساحلية على كوكب الأرض، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة لجمع بيانات عن درجة الحرارة الرئيسية والضغط وتركيبة المياه وقياس الاضطراب هي وضع الروبوتات مباشرة في البحر أسفل الجرف.