جمعت فكرة السيارات الذاتية القيادة مصنعي السيارات مع شركات التكنولوجيا؛ فمن يريد من مصنعي السيارات أن يستمر في المستقبل عليه أن يواكب هذا التطور ويقدّم سيارة ذاتية القيادة، أمّا من يتخلّف عن ذلك فقد لا يجد له مكاناً في سوق السيارات في السنوات القادمة، تماماً مثل شركات الهواتف التي لم تواكب ثورة الهواتف الذكية. إلا أن الأمر لن يقتصر فقط على مصنعي السيارات، إذ قررت بعض شركات التكنولوجيا أن تبني سياراتها الخاصة.
يعوّل الكثير من الخبراء على أهمية السيارات الذاتية القيادة والتأثير الذي ستُحدثه في حياة البشر وطرق تنقلهم، خاصة في ما يتعلق بتخفيف عدد الحوادث ومعدلات الوفيات، إلّا أن الكاتب جارون لانيير يلفت في كتابه "من يملك المستقبل؟" إلى المعادلة من زاوية أخرى، محذّراً من أنّ أيّ خلل في أنظمة هذه السيارات سيودي إلى كارثة، إذ أن حادث السير في عصر السيارات الذاتية القيادة سيكون مشابهاً بعدد ضحاياه لمأساة سقوط طائرة، وليس مجرد حادث سير بين سيارتين.
خلال السنتين القادمتين ستصبح هذه السيارات واقعاً، إذ بدأت العديد من الحكومات في مناقشة قوانين من أجل السماح لهذه السيارات بالنزول إلى الشوارع، مثل الحكومة الألمانية التي أقرّت المبادئ الأخلاقية الأولى في العالم للسيارات الذاتية القيادة، إضافة إلى سماح السلطات في ولاية كاليفورنيا مؤخراً للشركات بإجراء اختبارات للسيارات الذاتية القيادة على شوارعها من دون وجود سائق فيها، بعدما كانت تشدّد سابقاً على إلزامية وجود سائق تحسّباً للحالات الطارئة.

أن حادث السير في عصر السيارات الذاتية القيادة سيكون مشابهاً بعدد ضحاياه لمأساة سقوط طائرة
يشكّل هذا القرار تقدّماً إضافياً في هذا المجال خاصة أن كاليفورنيا لها أهمية خاصة في مجال التكنولوجيا كونها معقل "سيليكون فالي"، حيث توجد أهم الشركات التكنولوجية في العالم، فضلاً عن إجراء أكثر من 20 شركة اختبارات للسيارات الذاتية القيادة في شوارعها.
تعتمد السيارات الذاتية القيادة على 3 مجالات تقنية، هي الرؤية الحاسوبية، أي التقنية التي تسمح للسيارة بأن "ترى" و"تسمع" وتجمع البيانات، التعلّم العميق، أي التقنية التي تحلل البيانات المستقاة من الرؤية الحاسوبية وتتخذ القرارات المناسبة، وعلم الروبوتات والملاحة.
يتنافس الكثير من الشركات على إطلاق أول سيارة ذاتية القيادة مثل Ford ،General Motors ،Daimler، Google ,Volvo ،Tesla والكثير غيرها.
عام 2021 سيكون بإمكان شركة فورد أن تعلن انتفاء الحاجة إلى سائقين عندما تطرح سيارتها الذاتية القيادة بالكامل في السوق، ولجعل هذا الأمر ممكناً تعاونت الشركة مع 4 شركات تكنولوجيا وضاعفت وجودها في "سيليكون فالي". ستقدم فورد سيارة ذاتيّة القيادة من المستوى الرابع.
شركة BMW كذلك ستقدم سيارة ذاتية القيادة عام 2021 متفوقة على "فورد" بكون السيارة من المستوى الخامس، فقد أعلن نائب الرئيس الأول لقطاع السيارات الذاتية القيادة في الشركة إلمار فريكنشتين هذا العام أن الشركة "على الطريق لتسليم سيارة في 2021 بالمستويات 3 و4 و5".
هذا الشهر أعلنت شركة انفيديا، واحدة من أشهر الشركات المصنعة للرقاقات والمطورة لأنظمة الحاسوب، عن تطويرها منصة حوسبة جديدة قادرة على دعم المركبات الذاتية القيادة بالمستوى الخامس. وقد أطلقت الشركة على هذا النظام الجديد اسم Pegasus. سوف يساعد Pegasus على جعل فئة جديدة من المركبات التي يمكن أن تعمل بدون سائق، أو عجلات القيادة، أو دواسات أو مرايا ممكنة. وبرغم كونها جديدة على سوق السيارات، فإن TESLA بدأت منذ العام الماضي التأكد من أن جميع سياراتها لديها الأجهزة اللازمة لكامل قدرات القيادة الذاتية، حتى قبل أن يكون البرنامج جاهزاً وهي تقوم باستمرار بتحديث برامج سياراتها لتحسين السلامة، ولكن سيحتاج الأمر إلى عامين قبل أن تتمكن الشركة من التأكد من قدرتها على جعل السيارة ذاتية القيادة في أيّ ظرف. وقد أعلن إيلون ماسك، المدير التنفيذي للشركة، منذ أشهر أنه يتوقع أن تكون سيارات تسلا قادرة على الذهاب من موقف للسيارات في ولاية كاليفورنيا إلى موقف للسيارات في نيويورك من دون سائق بحلول كانون الثاني من السنة الجارية.




هناك 5 مستويات من القيادة الذاتية

المستوى صفر: حيث يتحكم الإنسان بكل شيء.
المستوى الأول: يمكن للسيارة أن تتحكم بنظام واحد مثل تثبيت السرعة على أن يبقى الإنسان المسيطر الرئيسي على القيادة.
المستوى الثاني: يسمح للمساعد الآلي بالتحكم بأكثر من نظام في السيارة مع بقاء الإنسان مسيطراً.
المستوى الثالث (أتمتة جزئية): يمكن للسيارة إدارة جميع وظائف السلامة في ظل ظروف معينة، على أن يتولى السائق القيادة عند تنبيهه.
المستوى الرابع (أتمتة عالية): السيارة مستقلة تماماً في بعض سيناريوهات القيادة، ولكن ليس كل شيء.
المستوى الخامس (أتمتة كاملة): السيارة تقوم بالقيادة الذاتية في جميع الظروف من دون أيّ تدخل بشري. المركبات لا تحتاج إلى دواسات أو عجلات القيادة.