في أفلام الخيال العلمي، غالباً ما يكون هناك شخص يتحكم في الشاشة أمامه من دون أن يلمس أي شيء. في عام 2018 سيكون لدينا لعبة واقع افتراضي نلعبها من دون أن نلمس شيئاً، لا شاشة ولا جهاز تحكم ولا لوحة مفاتيح. لعبة نديرها ونوجّهها من خلال إشارات الدماغ عبر تقنية واجهة الدماغ الحاسوبية؛ فكّر بالأمر... وسيحصل. هل ستكون اللعبة مسلية من دون أن نقوم فيها بأي حركة؟ لا ندري، لكنها ستكون أول لعبة في العالم تستخدم تقنية التحكم الذهني حتى اليوم.
«أنت طفل محتجز في مختبر علمي حكومي. تكتشف أن التجارب وهبتك قوى تحكم ذهني. يجب عليك استخدام تلك القوى للهروب، هزيمة الروبوتات الذين يحرسون السجن، وتحرير نفسك من المختبر». هذه قصة لعبة « Awakening « التي طورتها الشركة الناشئة Neurable بالتعاون مع eStudiofuture، أمّا التقنية الكامنة خلفها فهي أنه يجب أن تتحكم في الأغراض وأن تخوض المعارك مع العدو من خلال عقلك، من دون أي أجهزة تحكم. تعمل اللعبة من خلال قطب كهربائي موجود على عصبة رأس متصلة بنظارات الواقع الافتراضي المعدلة من شركة HTC بحيث تُستخدم هذه الأقطاب الكهربائية الجافة الموضوعة على فروة الرأس لقياس النشاط الكهربائي في عدة أنحاء من الدماغ. تحلل البرامج هذه الإشارات وتستنتج ما ينبغي أن يحصل في اللعبة (مثل اختيار اللاعب للبالون ورميه أو أغراض أخرى).

يجب أن تتحكم في الأغراض وأن تخوض المعارك مع العدو من خلال عقلك، من دون أيّ أجهزة تحكم


عام 2015 انطلقت الشركة الناشئة Neurable بهدف تطوير برمجيات تحاكي واجهة الدماغ الحاسوبية brain-computer interface. التقنيات التي طورتها الشركة في هذا المجال، والتي لا تزال تنتظر الحصول على براءات اختراع لها، تتعلق بتفسير نيّات وأفكار المستخدم بناءً على نشاط الدماغ بهدف إعطائه سيطرة مباشرة وفي الوقت الحقيقي على البرامج والأجهزة باستخدام دماغه فقط. حصلت الشركة في كانون الأول من العام الماضي على تمويل بقيمة مليوني دولار من أجل أن تصبح تقنياتها متوافرة في السوق، وهو ما تأمل الشركة أن يحدث في السنة المقبلة. فكيف تعمل تقنية واجهة الدماغ الحاسوبية بشكل عام؟
تشرح الشركة أن هذه التقنية تعمل «من خلال جمع البيانات عن النشاط الحيوي الفيزيولوجي في الدماغ، والتي يتم تحليلها بعد ذلك من قبل برنامج لاستخراج وتصنيف ميزات البيانات. تتوافر عدة طرق لرصد وتحليل هذه الاشارات، وهي تقسم الى فئتين واسعتين: تقنيات تتطلب عملاً جراحياً وتقنيات لا تتطلب عملاً جراحياً». تتنوع التقنيات التي لا تتطلب عملاً جراحياً من تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، تخطيط مغناطيسية الدماغ (MEG)، التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) والتصوير الطيفي بالأشعة تحت الحمراء (NIRS). غالباً ما يتم استخدام تقنية تخطيط كهربية الدماغ (EEG) كونها الوسيلة الأكثر شعبية، كما أنها قادرة على الحصول على مجموعة متنوعة من الإشارات من الدماغ، بما في ذلك نطاقات التردد دلتا (δ)، ثيتا (θ)، ألفا (α)، بيتا (β) وغاما (γ). إلا أن منصة Neurable لا تستخدم نمط تخطيط كهربية الدماغ المرتبط بالتركيز المكثف أو الاسترخاء كإشارات للتحكم، كما تنقل مجلة IEEE Spectrum، وبدلاً من ذلك، يسجل برنامج المنصة «إمكانات مرتبطة بالحدث»event-related potentials وهي إشارات أكثر تحديداً تحدث عندما يستجيب الدماغ للمؤثرات، ما يسمح لطريقة التفاعل القائم على النية. الجديد في منصة Neurable هو استخدامها تقنية تعلم الآلة لتصنيف إشارات تخطيط كهربية الدماغ في الوقت الحقيقي، من خلال الجمع بين الخوارزميات الخاصة بالشركة وعلم الأعصاب، ما يحقق للمنصة مستويات أداء تتجاوز التقنيات التقليدية لواجهة الدماغ الحاسوبية.
يتوقع نائب مدير الشركة مايكل ثومسون أن تصبح أجهزة الواقع الافتراضي والمعزز المدمجة بتكنولوجيا واجهة الدماغ الحاسوبية BCI منتشرة مثل انتشار شاشات اللمس في الهواتف الذكية، لأن أنظمة واجهة الدماغ الحاسوبية تعزز تجربة الواقع المختلط، «وتؤكد الإعلانات الأخيرة وغيرها من المعلومات المتاحة للجمهور أن شركات التكنولوجيا الكبرى تعمل بنشاط على تطوير تكنولوجيا واجهة الدماغ الحاسوبية للتطبيقات التجارية». يضيف ثومسون أن «الألعاب هي منتدى مثير لتجربة التكنولوجيا الجديدة، ولكن تطبيقات واجهة الدماغ الحاسوبية تمتد إلى أبعد من الترفيه، وتحديداً في مجالات الصحة والتعليم والصناعة لدعم المهام الأكثر تعقيداً».