بعد 9 سنوات على إطلاقها، بلغت قيمة شركة Airbnb، المنصة المتخصصة في تأمين أماكن سكن قصيرة الأمد، 30 مليار دولار. فكرة الموقع تقوم على فتح المجال أمام أشخاص عاديين لتأجير منازلهم أو غرفهم أثناء شغورها لأشخاص آخرين. وبهذه الطريقة، تقدم المنصة مساحات سكن بأسعار معقولة للمسافرين ومصدر دخل للمؤجرين للاستفادة من مساحاتهم. من «وادي السيليكون» Silicon Valley في كاليفورنيا، وهي منطقة تضم أبرز شركات التكنولوجيا في العالم والتي باتت مرادفة للتقنية العالية والاختراعات الجديدة، انطلقت منصة Airbnb لتشكّل هذه الشركة الناشئة واحدة من أبرز قصص نجاح «وادي السيليكون» وتصبح حلم آلاف رواد الأعمال الجدد. فبحلول كانون الثاني 2011، حققت المنصة مليون حجز ليتضاعف العدد بعد 4 أشهر. في السنة نفسها، باتت الشركة unicorn، وهو مصطلح يُطلق على الشركات الناشئة التي تصل قيمتها إلى أكثر من مليار دولار، وغالباً ما تكون في قطاع التكنولوجيا والبرمجيات. حتى الخريف الفائت، تم حجز 140 مليون رحلة على المنصة منذ تأسيسها.

شكّلت هذه الأرقام دافعاً للكاتبة ومديرة التحرير المساعدة في مجلة Fortune لي غالاغر للبحث في سؤال جدي: كان هناك العديد من مواقع تأجير المنازل قبل ظهور Airbnb بفترة طويلة. لماذا حلّقت الشركة ضاربةً المواقع الأخرى؟ ما هو الفارق الذي قدمته Airbnb؟ من هنا، أصدرت غالاغر أخيراً كتابها الجديد «قصة Airbnb: كيف أزعج ثلاثة شبان صناعة تدرّ المليارات وأثاروا الكثير من الجدل». تستعرض غالاغر أبرز استنتاجات كتابها في مقال نشرته على موقع «لينكد إن» لتقدم 4 أسباب رئيسية أدّت إلى نجاح الشركة، برغم كون فكرتها قديمة.
أبرز سبب برأي الكاتبة، أدّى إلى تفوّق موقع Airbnb عن الشركات والمواقع الأخرى التي وُجدت قبله، هو أن المساحات السكنية فيه كانت حضرية أي داخل المدن. فغالبية شركات تأجير المنازل الأخرى ركزت على المنازل الإضافية second home، أو المنازل المخصصة للعطلات في الأماكن السياحية، في حين أن مخزون المنازل الموجود على الموقع بغالبيته هو عبارة عن شقق صغيرة تتألف من غرفة أو غرفتَي نوم داخل المدن، ما جعلها جاذبة بشكل كبير للمسافرين وهدّدت بشكل جدي الفنادق.
وكون المنازل مدينية، أو حضرية، جعلها قريبة بشكل كبير لجيل الألفية، إذ لبّت حاجاتهم ورغباتهم بمساحات سكنية داخل المدينة وبأسعار أقل من الفنادق، إضافة إلى ميزة تجربة العيش في المدينة كواحد من أبنائها، بعيداً عن المعايير المشابهة للفنادق حول العالم. من جهة أخرى، أمنت المنصة مدخولاً للمستأجرين الذين بات بإمكانهم تحقيق استفادة مادية من أماكن سكنهم من دون أن يكونوا مالكين لها.
السبب الثاني في نجاح الشركة يعود إلى تصميم الموقع، الذي أتى مختلفاً عن المواقع الأخرى، مرحاً عبر الصور الكبيرة والغنية والمرحبة، وهذا جراء سياسة الشركة التي استثمرت في تقديم صور احترافية لأي مضيف يطلب ذلك، وسهل الاستخدام عبر الملفات الشخصية الواضحة للمضيفين والمراجعات التي قدمت مخزوناً عن تجارب الكثيرين، إضافة إلى طريقة الدفع السلسة والتي تتم مباشرة على الموقع. تشير غالاغر إلى أن السبب الرئيسي في تشكيل الموقع علامة فارقة على معايير «تجربة المستخدم» هو كون اثنين من مؤسّسيه تخرّجا في كلية تصميم، وقد لعب هذا الأمر دوراً كبيراً في تسهيل استخدام الموقع.
وبرغم أن غالبية عمل الشركة اليوم يرتكز على تأجير مساحات سكنية كاملة، مقابل نحو ثلث فقط يتعلق بتأجير مساحات مشتركة مع المضيف، إلا أن السبب الثالث لنجاحها هو ترويجها لفكرة مشاركة مساحة السكن أثناء وجود المضيف، بحيث لم تقتصر عملية التأجير على المنازل الخالية. ومع أن الفكرة بدت متطرفة عند تأسيس الشركة، إلا أن توقيتها، كما تقول الكاتبة، هو الذي ساعدها على الإقلاع، إذ أتت أثناء الركود الاقتصادي الناتج من الأزمة المالية عام 2008، فأوجدت منصة تؤمن سكناً للمسافرين بأسعار معقولة.
وأخيراً، التنويع في الخيارات، حتى لو كانت «غريبة» أحياناً، ساهم في نجاح الشركة، إذ إن مخزون المنازل الموجود على المنصة كان غريباً بشكل واسع بحيث يمكن لأي شخص أن يسجّل أي مساحة سكنية، فتنوّعت الخيارات من بيوت أشجار tree house، قلاع، خيم وغيرها من المساحات «الغريبة»، إضافة بالطبع إلى الغالبية الساحقة التي كانت عبارة عن شقق صغيرة و»ستوديوات».
تظهر تجربة Airbnb، وفق الكتاب، أمراً أساسياً هو أن الأفكار لا يجب أن تكون دائماً جديدة ومبدعة لتحقق نجاحاً باهراً، إنما تحتاج أحياناً فقط إلى النظر إليها من زاوية مختلفة.