على الرغم من التوقعات اليومية بهجمات جديدة لمسلحي «داعش» باتجاه المناطق والبلدات المحاذية للأوتوستراد الدولي الواصل بين حمص ودمشق، لا سيما بعد السيطرة على القريتين، تمكّن مسلحو التنظيم من السيطرة على قرية مهين المجاورة. لم ينسَ السوريون بعد التوقيت نفسه تقريباً من عام 2013 عندما استعاد الجيش السيطرة على مهين ومستودعاتها الاستراتيجية، بعد معارك ضارية مع المسلحين الذين أعلنوا معركة «أبواب الله لا تغلق».
وعاد «داعش» اليوم لينتزع المبادرة بغية تحقيق حلمه المنشود والمتمثل في السيطرة على الأوتوستراد الدولي، ومدينة حسياء الصناعية، فسيطر على قرية مهين، ليل أول من أمس. وخضعت القرية طيلة الأشهر الفائتة لهدنة بين مسلحيها والحكومة السورية، ما لبث أن أعلن وجهاؤها أمس مبايعتهم لتنظيم «داعش»، في خرق للهدنة المتفق عليها. مسلحو التنظيم هاجموا نقاط الجيش السوري عند مدخل البلدة، باستخدام عربتين مفخختين، تلا ذلك تقدم بري لمسلحي التنظيم.
وبدأ الهجوم انطلاقاً من القريتين التي يسيطر عليها مقاتلو التنظيم منذ أشهر، حسب المصدر. وسرعان ما سيطر المسلحون على مهين وحوارين، إضافة إلى تلال الحزم الثاني، في حين يرصدهم عناصر الجيش على تلال الحزم الأول، على مسافة 3 كلم، إلى الشرق من بلدة صدد.
وتمتد القرية التي تبعد عن مدينة حمص مسافة 85 كلم إلى الجنوب الشرقي، بين بلدة القريتين شرقاً وصدد غرباً، وبين حوارين وسلسلة جبال مهين التي تصل حتى جبال القلمون جنوباً. مصدر ميداني أكد في حديث إلى «الأخبار» أن قرية صدد المجاورة ما زالت تحت سيطرة الجيش، على الرغم من سوء الأوضاع الميدانية، باعتبار المسافة الفاصلة بين القريتين لا تتجاوز 10 كلم.
ويؤكد المصدر أن الجيش لا يزال حتى الآن يسيطر أيضاً على تلال الحزم الأول، مستفيداً من تجميع القوات المنسحبة لشنّ هجوم معاكس، يسمح باستعادة السيطرة على تلال الحزم الثاني. ويلفت إلى أنّ قرية الحصر التي تبعد عن صدد 4 كلم جنوباً، ما زالت تحت سيطرة الجيش، ما يعني اختلافاً في سيناريو سقوط القرية عام 2013.

قرية صدد ما زالت تحت
سيطرة الجيش رغم سوء
الأوضاع الميدانية


ويذكر أن هدف «داعش» الأساسي، من خلال عملية الالتفاف الحالية عبر المناطق المتساقطة بيده عسكرياً، قطع طريق دمشق، وإسقاط مطاري الشعيرات والـT4، إضافة إلى قطع الإمداد عن آبار جزل وشاعر أقصى شرق حمص، وصولاً إلى تدمر.
ويرى العسكريون في احتمال سقوط قرية صدد خطراً يواجه قوات الجيش، إذ يبدو الطريق عبرها أقرب إلى مطار الشعيرات الاستراتيجي، الذي يبعد عن مركز مدينة حمص 31 كلم إلى الجنوب الشرقي، باعتباره المطار الرئيسي في المنطقة الوسطى لإمداد وحدات الجيش بالتعزيزات والقوة النارية، في حين يهدد سقوط مهين طريق إمدادات مطار الـT4 العسكري، الواقع على طريق حمص ــ تدمر القديم، ويبعد عن مدينة حمص مسافة 100 كلم، وعن بلدة القريتين المجاورة لمهين 25 كلم. وحدات الجيش قامت بخطوات استباقية شرقاً، للحفاظ على المطار الأكبر بين المطارات الحربية السورية، إذ دخلت أمس وحدات من قوات النخبة في الجيش إلى منطقة البيارات، غرب مدينة تدمر التاريخية، تحت غطاء جوي روسي، بهدف عزل قوات «داعش» المتقدمة جنوب حمص، وتحويل جبهاتها المشتعلة إلى جبهات ميتة، من خلال تضييق الخناق عليها، بين القوات السورية من جهة، ومسلحي «جيش الإسلام» في ريف دمشق من جهة أُخرى. وفي ريف اللاذقية، سيطرت وحدات من الجيش السوري والقوات الرديفة، في خطوة مفاجئة، على قرية غمام الشهيرة بصواريخ مسلحيها، التي لطالما تساقطت على المدنيين وسط أحياء المدينة الساحلية. الجيش انطلق من جبل زغارو المجاور في هجماته للسيطرة على قرية غمام، وسرعان ما بدأ عناصر «صقور الصحراء»، الرديف للجيش، بالتمركز ضمن القرية، لمنع المسلحين من القيام بهجوم مضاد. وبحسب المصادر الميدانية في المنطقة، فإن القرية الاستراتيجية تتحكم في طريق إمداد المسلحين المتمركزين داخل بلدة ربيعة الجبلية، شمال اللاذقية.
وفي ريف حلب الجنوبي، سيطر الجيش على قريتي تل دادين وشلاش، جنوب شرق بلدة الحاضر، إثر اشتباكات عنيفة مع المسلحين. قوات الجيش تمكنت أيضاً من السيطرة على قرية شقيدلة، شمال شرق الحاضر. يأتي ذلك بعد سيطرة الجيش، أول من أمس، على قرى صبيحية وحميدية ومشرفة المريج، جنوب شرق الحاضر، في ريف حلب الجنوبي الغربي. إلى ذلك، قتل وجرح عدد من المسلحين، خلال اشتباكات مع «داعش» في محيط قرية حربل، في الريف الشمالي، وذلك بالتزامن مع استمرار الاشتباكات بين الجيش ومسلحي «داعش» في محيط قريتي الشيخ أحمد وكفر حداد، في ريف حلب الشرقي، إضافة إلى اشتباكات على جبهة حي سليمان الحلبي شرقي المدينة، بين الجيش والمسلحين. وشهد محيط كتيبة الطعانة، شرقي المدينة، هجوماً عنيفاً لمسلحي «داعش»، فيما تصدى جنود الجيش للهجمات المتكررة. وكان الجيش السوري قد بدأ، أول من أمس، عملية عسكرية لفتح طريق أثريا ــ خناصر في ريف حلب، مستعيداً السيطرة على 4 نقاط كان مسلحو «داعش» قد سيطروا عليها أخيراً، وذلك بعد تقدم وحداته 10 كلم في المنطقة.