قالت مصادر سوريّة معارضة لـ«الأخبار» إن أعضاء في الفريق الدبلوماسي للسفير الأميركي روبرت فورد أكدوا حصول توافقٍ أميركي ــ روسي على تولّي «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» مهمة تشكيل الوفد المُعارض إلى مؤتمر «جنيف 2»، الأمر الذي ربطته مصادر أخرى بالزيارة التي قام بها بندر بن سلطان لموسكو أخيراً. «نعرفُ أن اتفاقاً من نوعٍ ما قد حصلَ لدى زيارة بندر لموسكو، لكن لا تفاصيل واضحة لدينا»، يقول معارضٌ سوريٌّ مستقلٌّ طالباً عدم ذكر اسمه، ويضيف: «إذا صحّت هذه المعلومات فهي جائزة ترضية تُقدّم للسعودية، في سبيل عقد المؤتمر، وسيكون على السعوديين في المقابل التسليم بالمشاركة الإيرانية».
بدوره، يقول عضو الائتلاف خالد الناصر لـ«الأخبار» إنّه «لا معلومات لديّ عن حدوث هذا التوافق، أو عدم حدوثه بعد، لكنّ تشكيلنا للوفد المعارض أمرٌ حتميّ، وهو ما نصّ عليه بيان اجتماع أصدقاء سوريا الذي انعقد في لندن الشهر الماضي». وأكد الناصر أن قيام الائتلاف بتشكيل الوفد هو شرطٌ أساسي لذهابه إلى جنيف، لكنّه ليس الشرط الوحيد: «الشرط الأهم هو وجود ضمانات لتشكيل جسم انتقالي كامل الصلاحيات، بما فيه الإشراف على الجيش والأمن». اللافت أن الناصر حرص على استخدام جملة «هذا إذا كُتب لجنيف أن ينعقد». ولدى الاستفسار عن المعطيات التي تدفعه إلى التقليل من فُرص انعقاده رغم المؤشرات التي توحي بأنه بات أمراً واقعاً، اختار العزف على وتر «النظام يُعرقل عقدَه، لا بدّ من قيامه بإجراءات ثقة، يجب رفع الحصار عن المدن المحاصرة، وإطلاق سراح المعتقلين، والتوقف عن قصف السوريين». كلامٌ يدور في فلكٍ مشتركٍ مع الموقف الذي أعلنته جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، عبر بيانٍ أصدرته أمس، أكدت فيه أن «استمرار تسبّب النظام في تدهور الوضع الإنساني يمنع توفير المناخ السياسي الملائم، ويجعل الحديث عن جنيف2 غير ذي جدوى»، وذهب بيان الجماعة بعيداً عبر المطالبة بـ«إلزام النظام قبل الذهاب إلى جنيف باتفاق تحت الفصل السابع ينص على تفاصيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحية لا دور له فيها».
وبالعودة إلى حديث الناصر، فقد اختتم مشدداً على «أحقية الائتلاف بتشكيل الوفد، وستكون المشاركة فيه متاحة أمام مختلف مكوّنات المعارضة». وماذا لو رفضت بعض المكونات المشاركة تحت مظلّة الائتلاف؟ «تلك مشكلة من يرفض، ومشكلة الجهة الراعية للمؤتمر، ليست مشكلتنا»، يجيب الناصر، مؤكداً أن «شعبيّة الائتلاف في الشارع السوري هي الأكبر»، الأمر الذي يتناقض مع ما أكّده رئيس «هيئة التنسيق السورية المعارضة» في المهجر هيثم منّاع الذي يقول لـ«الأخبار»: «منذ شهور قامت الأمم المتحدة بنوع من الاستطلاع، فوجدت أن شعبية الائتلاف تحظى في أحسن الأحوال بنسبة 5%، بينما تجاوزت شعبية الهيئة 13%، كرروا التجربة بعدها بشهرين، فوجدوا أن نسبة تأييد الائتلاف انخفضت إلى 3%، وتجاوزت نسبة تأييد الهيئة 20%».
المشكلة في رأي منّاع «ليست في عقد جنيف، المشكلة في إنجاحه. ولإنجاحه، لا بد من عوامل ذاتية وموضوعية، والعامل الذاتي الأهم: توصل المعارضة إلى وفد مقنع وكفء، أما العامل الموضوعي الأول فإزالة العقبات أمام الخروج بوفد يمتلك شرعية تمثيل أكبر شريحة ممكنة من الشعب السوري، وهناك عوامل موضوعية أخرى مهمة، يجب على المجتمع الأوروبي رفع العقوبات الاقتصادية عن الشعب السوري، ويجب على النظام السماح بإيصال الغذاء للجميع، والإفراج عن جميع المعتقلين. يجب أيضاً على المسلحين إطلاق سراح جميع المخطوفين، من المطرانَين، إلى الراهبات، إلى النساء اللواتي اخُتطفن من ريف اللاذقية الشمالي». يوضحُ منّاع أن التوافق الأميركي ـــ الروسي الأساس حول جنيف نصّ على أن «يتولىّ الروس أمر وفد النظام، والأميركيون وفد المعارضة، مع حق كل طرف بالفيتو وطلب التغيير من خلال الأخضر الابراهيمي». وينفي في الوقت نفسه علمَه بحصول توافق أميركي ـــ روسي جديد حول هذا الملف، ويضيف: «في حال حدوث توافق من هذا النوع فليذهب سوانا، نحن لن نذهب إلى مؤتمر يراد إفشاله سلفاً».
بدوره، يطرح رئيس «تيّار بناء الدولة» لؤي حسين موقفاً مشابهاً لموقف هيئة التنسيق لجهة رفض المشاركة في «جنيف 2» تحت مظلّة الائتلاف، ويقول لـ«الأخبار»: «الأميركيون وحلفائهم يجهدون ليكون الوفد برئاسة الائتلاف، وقد دعانا الأميركيون والروس للمشاركة ضمن هذا الإطار، فرفضنا». لكن حسين ينفي علمه بحصول توافق جديد حول إيكال مهمة تشكيل الوفد إلى الائتلاف: «معلوماتنا أن الأميركيين اشترطوا رئاسة الائتلاف للوفد، والروس يحرضون باقي القوى على عدم القبول». يرى حسين أنّ «جنيف بالشكل الذي تبدو عليه الأمور لن يكون مؤتمراً سورياً برعاية دولية، بل هو مؤتمر أميركي ـــ روسي يحضره سوريون»، ويضيف: «موقفنا واضح: شرطنا للمشاركة أن نكون ضمن وفد لا يختاره الروس أو الأميركان. وخلافاً لهذا لن نشارك. نحن غير متفائلين حتى اللحظة بحجم الإرادة السورية الفاعلة داخل المؤتمر، ونعتقد أنه لن يكون أكثر من منصة لإطلاق الاتفاقات التي تجري محاولة إبرامها الآن. وبهذا المعنى نسعى لنكون موجودين في جنيف الدائر حاليّاً، عبر الضغط على الأطراف الدولية كيلا يهمشوا الإرادة السورية بالمطلق، وأعتقد اننا استطعنا ان نُثبِّت شيئاً من هذا لديهما».
… والتحضيرات في وادٍ آخر
في المقابل، بدا أنّ المركب الدولي يسير بثباتٍ نحو عقد «جنيف 2»، وبصورةٍ توحي بأنّ مواقف المعارضة السورية منه لن تُقدّم أو تؤخّر. وعلمت «الأخبار» (نزار عبود) أن الطرفين الروسي والأميركي اتفقا على نص الدعوة المزمع توجيهها إلى الدول التي ستحضر «جنيف 2». وستتضمن تلك الدعوة عبارات تشير إلى «مكافحة الإرهاب» قبلتها الولايات المتحدة بطلب روسي. وأكّدت مصادر «الأخبار» أن اليوم الأول للمؤتمر سيشهد مشاركة وفود 30 دولة، أما اليوم الثاني فستقتصر اجتماعاته على الوفدين السوريين إضافة إلى الأخضر الابراهيمي، حيث سيتكون كلُّ وفد من 9 – 15 عضواً. ورغم أنّ الشكل العام لوفد المعارضة لم يُحسم بعد، غير أنّ الثابت أن الفصائل المسلّحة (باستثناء جبهة النصرة و«الدولة الإسلامية في العراق والشام») ستكونُ ممثلةً فيه بعضوين على الأقل. وعلاوةً على الوفدين الرسميين، ستجتمع في غرفةٍ مجاورة لجان فنية استشارية، حيث سيختار كلٌّ من الوفدين استشارييه، فيما تحاول بعض الهيئات المدنية السورية الضغط لتشكيل وفود استشارية مستقلة في قضايا حقوق الانسان والعدالة الانتقالية والديمقراطية والتعليم.
ووفق المعلومات، فقد باتت قائمة الدول المدعوة شبه مكتملة، ولا ينقصها سوى التفاهم على موضوع إيران والسعودية، مع ترجيح توجيه الدعوة إليهما بعد اجتماع ٢٠ كانون الأول في جنيف على أساس أن الدولتين عضوان في منظمة التعاون الإسلامي. وبطبيعة الحال، ستحضر الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا. ومن الدول المتاخمة لسوريا والمهتمة بما يجري فيها سيشارك كل من لبنان والأردن، إضافة إلى دول كانت شاركت في مؤتمر جنيف الأول مثل قطر، وتركيا، والعراق، ومصر، والجزائر، وعُمان، والإمارات، وإسبانيا وإندونيسيا. وعن مجموعة البريكس تشارك الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، ومن المنظمات الإقليمية الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أعلن أمس أن الدعوات لحضور «جنيف 2» ستوجه في 20 كانون الأول الجاري، مبيناً أن هدف المؤتمر «تشكيل حكومة انتقالية بسلطات تنفيذية كما جاء في جنيف 1». وقال إنه سيجتمع بالمبعوث الاممي الأخضر الإبراهيمي (أمس) الأحد في باريس في إطار التحضيرات للمؤتمر، وأضاف: «سيعقد أيضاً في 20 من الشهر الجاري اجتماع آخر يحضره أعضاء مجلس الأمن حيث سيتم تحديد الجهات المشاركة في جنيف 2».
3 تعليق
التعليقات
-
لماذا جنيف ؟طالما أن الازمه هي أزمه سوريه وان الاطراف المتصارعه هم على الارض السوريه فلما الذهاب الى جنيف لماذا ليس في بيروت أو دمشق هذا من جهه ومن جهة اخرى لمن السذاجة بمكان أن يعتقد الجميع أن النظام في سوريا قد قاتل لثلاث سنوات ليذهب اللآن الى جنيف لتسليم السلطه أو لتسليم الجيش أو الامن أو ليقول الاسد السلام عليكم ويدعوا الجميع عظم الله أجركم وواقع مايجري هو أن الجميع سيضطر الى اللجوء الى خيار الشعب السوري وهو بالذهاب الى الصناديق لاختيار من سيحكم للفتره المقبله وهذا ما يؤرق (أصدقاء سوريا) لان النتائج ستكون لصالح الاسد
-
"جنيف 2" والسيطرة على سورية!وبذا يقوم حكم قبيلي باغي بتشكيل الوفد الذي سيناقش تحقيق "الديمقراطية" و "الحرية" في سورية! حكام الحجاز يعرفون أن أجلهم في أوكارهم قصير، وأن همتهم لإخماد التطور الديمقراطي الداخلي في سورية ولإجهاض الريادة السورية للنضال ضد الصهيونية ومؤسسي دولة الصهاينة، لن تتوج بدون إنتصارات على الأرض، في سورية. الأمر الذي لم يتحقق ويبدو الآن شبه مستحيل، وخاصة بعد معارك الغوطة التي قصمت ظهر عملائهم المسلحين والمدربين بما فيهم جماعات "القاعدة". السيطرة على سورية هو الهدف الرئيس لحكام الحجاز الطغات، وذلك حلم لا يشاركهم فيه حتى أسيادهم، لا بسبب الخلاف الذي بدأ منذ شهور وأكد أبعاده تطور العلاقات الأمريكية-الإيرانية مؤخرا فحسب، بل لعجز الحكام السعوديين، ومن قبلهم القطريين، في إحداث أي تغير جوهري ثابت على الأرض، ناهيك عن التراجعات المستمرة لعملائهم المسلحين. وهناك عوامل أخرى تمنع من عقد مؤتمر "جنيف 2" في كانون الثاني هذا العام أو بعد عام أو أعوام. فالمعارضة التي يمتلكها حكام السعودية وسواها من "المعارضات" يشكلون بنفسهم معارضات ضمن "المعارضة" تواجه بعضها البعض، لا يجمعهم إلا تكرار اللازمة المملة عن "تنحية الأسد"، أي "النط" لتسلم السلطة في سورية - وعلى الحرية والديمقراطية أن تنتظر! ولئن تابع الجيش العربي السوري إنجازاته على هذه الوتيرة فلن يبقى بعد شهور إلا جماعات "القاعدة" التي تمول من قطر والسعودية عن طريق تركيا، بينمالا تستطيع الولايات المتحدة الإنحياز لهم أو الدفاع عنهم أو حتى الظهور وكأنها تنحاز لهم أو تدافع عنهم - ناهيك عن تمويلهم وتسليحهم. قد يكون هذا لب الخلاف بين الحكام السعوديين وأسيادهم في الولايات المتحدة زاد منه التغير الجديد في السياسة النفطية العالمية وتوقع فتح الصبورة الإيرانية المقبل.