«قائد في الجيش السوري الحر يتّكئ على باب سيارته الرباعية الدفع من طراز «اكس 5»، يراقب رجاله وهم ينقلون، عبر النهر على الحدود التركية، براميل مازوت مهرّبة. خلال ثلاث سنوات، تحوّل من فلاح إلى أمير حرب، من بائع سجائر في قرية الى حاكم محافظة... مع جماعة متمردة أصبح مسيطراً على نقاط تفتيش وعلى طرق التهريب المربحة». بهذه العبارة، استهلّت صحيفة «ذي تلغراف» البريطانية تحقيقاً لمراسلتها في أنطاكية، روث شيرلوك، عن تحولات «الجيش السوري الحر» في مسار الصراع الدائر في سوريا، حيث خلصت إلى أنّ بعض هؤلاء تحوّلوا إلى أمراء حرب.
ورأت أنّ تهريب الوقود «أصبح تجارة مزدهرة، إذ يقوم المهربون والمقاتلون بنقل النفط الخام من الحقول الخاضعة لسيطرة المسلحين في شمال سوريا من خلال طرق غير مشروعة على طول الحدود التي يسهل اختراقها مع تركيا. كما قامت بعض الألوية المتمردة بالتوقف عن القتال ضد النظام تماماً للقيام بتهريب النفط، وتحقيق عوائد لجيوبها».
وأشار التحقيق إلى أنّ «الجيش الحر، الذي هو عبارة عن مجموعات إسلامية معتدلة، كان محط اهتمام الدول الغربية في سعيه لإطاحة الرئيس بشار الأسد، أصبح اليوم في شمال سوريا عبارة عن مجموعات ذات أهداف إجرامية، تهتم بجني الأموال عن طريق الخطف والسرقة»، وذلك تبعاً لعدد من المقابلات التي أجرتها.
ففي مقابلة مع قائد «لواء عمر المختار»، أحمد القنيطري، في منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب، قال الأخير إنّ «هناك العديد من القادة في الثورة لا يريدون إسقاط النظام لأن الوضع يناسبهم أكثر هكذا»، مضيفاً «لقد أصبحوا أمراء حرب، ينفقون ملايين الدولارات، ويعيشون في قصور ويركبون السيارات الفارهة».
وأفادت الصحيفة بأنّ مناطق شمال سوريا «أصبحت مقسمة على شكل إقطاعيات يديرها أمراء الحرب المتنافسون، وتخضع فيها كل مدينة وبلدة وقرية لسيطرة قائد مختلف بسبب الغياب الشامل لسيادة القانون، وتنتشر فيها نقاط التفتيش، وهناك ما يقرب من 34 حاجز تفتيش على الطريق القصيرة من الحدود التركية إلى محافظة حلب وحدها، ويتنافس الرجال من أجل السيطرة على الأراضي والمال والأسلحة وطرق التهريب واحتكار غنائم الحرب، وفقاً لمدنيين ساخطين من المنطقة».
كذلك نقلت المراسلة عن ناشط معارض يُدعى أحمد يعيش في مدينة الرقة، بالقرب من مستودعات النفط، قوله إنّ «المتمردين كانوا يحاربون النظام فعلاً قبل نحو ثلاث سنوات، غير أنّ الثورة تحولت بعد ذلك إلى معركة من أجل النفط، وهناك جماعات متمردة من حلب ودير الزور وحتى حمص تأتي إلى الرقة للحصول على حصتها من الغنائم».
وتروي شيرلوك أنّه «في بداية الحرب، كان الحديث في المقاهي في أنطاكية عن الثورة، وكان قادة الثوار منكبين على الخرائط لمناقشة أهداف الحكومة المقبلة، بيد أنهم بعد مرور ثلاث سنوات، نسوا أن هدفهم هو إطاحة النظام، وأصبحوا يناقشون تنامي خوفهم من قوة جماعة القاعدة في سوريا، والإجرام والفساد والخوف الذي يهيمن على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة».
(الأخبار)