القامشلي | حالما خفت حدّة معارك تل أبيض بين «وحدات حماية الشعب» الكردية وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، اشتعلت جبهتان في منطقتي عفرين واعزاز (ريف حلب الشمالي)، فيما تواصلت المعارك بين الطرفين في ريف الحسكة الجنوبي والشمالي. وجاءت محاولة التنظيم المتشدد التقدم في مناطق كردية في عفرين، لتوسيع رقعة نفوذه في الشمال السوري، بعد نجاحاته الأخيرة في المناطق الخاضعة لسيطرة «الجيش الحر». وتفيد المعلومات الواردة من عفرين بأن «الدولة» تكبدت خسائر بشرية ومادية كبيرة في المنطقة الواقعة بين ناحية جنديرس القريبة من بلدة أطمة في ريف ادلب الشمالي، وفي محيط قرية قسطل جندو (ذات الغالبية الكردية) في منطقة شرّا.
في الأثناء، خيّم هدوء حذر على جبهة جنديرس، التي بدأت معاركها في الخامس والعشرين من أيلول الفائت، وذلك بعد توسط قيادات من «الجيش الحر»، قبل أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق مؤقت مفاده: تولي «الجيش الحر»، على نحو موقت، الاشراف على التلال الفاصلة بين جنديرس وأطمة، فيما تبقى وحدات حماية الشعب (YPG) على التلال المحيطة بالقرى الواقعة تحت حمايتها، على أن ينسحب مقاتلو «الدولة» إلى داخل بلدة أطمة.
وأكدت الوحدات الكردية أنه لا صحة للبيان «المفبرك» الذي نشر في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي عن اتفاق لوقف النار بين «PKK (حزب العمال الكردستاني) و«الكتائب المجاهدة». وتصاعدت حدة المعارك بين «الدولة الاسلامية» والوحدات الكردية في مناطق اعزاز التي سيطر عليها التنظيم المتشدد بعد مواجهات مع «لواء عاصفة الشمال». واستهدف المقاتلون الأكراد، أمس، أحد مقار «الدولة» في قرية معرين في ريف أعزاز بقذائف الهاون. كذلك اندلعت اشتباكات بين الطرفين، أدت إلى مقتل نحو 10 من مقاتلي «الدولة» وتدمير عربتين عائدتين لها.
وفي السياق، أشار الناطق الرسمي باسم «الوحدات» (YPG)، ريدور خليل، إلى أن «الجيش الحر» طلب مساعدة «الوحدات» في بداية اشتباكات اعزاز. وقال: «كما قلنا سابقاً، يجب على الجيش الحر تحديد موقفه من مجموعات (داعش) ومن الشعب الكردي، حتى يتمكن من الحصول على دعمنا. من غير الممكن أن نقدم الدعم على نحو مباشر للجيش الحر، وهو حتى الآن لم يبد موقفاً واضحاً تجاه شعبنا».
وانتهت أمس، مهلة الـ48 ساعة، التي حددتها مجموعات مقاتلة أساسية في سوريا، أبرزها «حركة أحرار الشام» و«جيش الاسلام» و«لواء التوحيد»، لانسحاب «الدولة الإسلامية» من مدينة اعزاز، ومن ثم «الاحتكام الفوري إلى المحكمة الشرعية المشتركة للفصائل الاسلامية» في مدينة حلب، من دون أن تستجاب الدعوة حتى اللحظة.
إلى ذلك، تستمر المعارك في قرى كرهوك والصفا في الريف الجنوبي للحسكة، حيث تنتشر «جبهة النصرة» و«أحرار الشام». وتتواصل المواجهات في الريف الشمالي، وتحديداً في محيط قرية تل حلف، غربي مدينة سري كانيه (رأس العين)، التي يتحصن فيها مقاتلو «الدولة». يأتي ذلك بعد سيطرة المقاتلين الأكراد على قرى دردارة وجافا جنوب شرق مدينة سري كانيه (راس العين). كما أنّ هناك انتشارا ملحوظا للمقاتلين الأكراد على الحدود مع تركيا تحسباً لتسلل مقاتلي «الكتائب».
وكشفت وحدات «YPG» أخيراً، عن حصيلة الاشتباكات الجارية بين قواتها والكتائب الإسلامية، مؤكدة مقتل 945 عنصراً من «الكتائب»، فيما قتل 79 مقاتلاً كردياً منذ 20 آب الفائت. ولفتت إلى أنّ المجموعات المسلحة نفذت 21 عملية انتحارية، بينها عشر عمليات استخدمت فيها سيارات مفخخة، لكنّ مصادر مقربة من «دولة الإسلام في العراق والشام» سخرت من الرقم 945، مشيرة إلى أنه مبالغ فيه.
وتداولت تقارير، أخيراً، أنباءً تفيد بزيارة قادة من «الوحدات الكردية» الولايات المتحدة والأردن، للمشاركة في إنشاء «جيش وطني سوري»، وهو ما نفاه ريدور خليل، الذي أشار في مؤتمر صحافي عقده في سري كانيه إلى أن «قواتنا لم تتلق حتى الآن دعوة رسمية للمشاركة في إنشاء الجيش الوطني السوري، الذي يتحدثون عنه». وأضاف: «لم يذهب أحد من مقاتلينا لا إلى أميركا ولا إلى الأردن».