في زحمة السعار الغربي للتدخّل العسكري في سوريا جراء اتهامها باستخدام الأسلحة الكيميائية، نقلت مراسلة وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية في عمان منذ عشرة أعوام، ديل غافلاك، وزميلها الأردني يحيى عبابنة، عن العديد من سكان وأطباء المنطقة المستهدفة بالسلاح الكيميائي في الغوطة، وكذلك عن مسلحين في المنطقة، قولهم إن السلاح الكيميائي الذي استخدم في منطقتهم في 21 من الشهر الماضي أرسلته السعودية إلى المتمردين، لكنهم فشلوا في استخدامه، ما أدى إلى وقوع مجزرة في صفوف المدنيين والمسلحين على السواء.
وقالت المراسلة، التي تعمل أيضاً مع «بي بي سي» و«وكالة أنباء مينت نيوز»، في تقرير حصري بهذه الأخيرة، إنها استمعت إلى شهادات العديد من الأطباء الذين يساهمون في تقديم الخدمات الطبية للأهالي في الغوطة الشرقية، وكذلك إلى الأهالي والعديد من المقاتلين وعائلاتهم، بمن في ذلك والد أحد المسلحين الذين استخدموا هذه الأسلحة وقتل بها لاحقاً. وقد أكد هؤلاء أنّ بعض المتمردين حصلوا على السلاح الكيميائي، وهو غاز الأعصاب، من رئيس الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان.
ونقلت المراسلة عن والد أحد المقاتلين قوله إن ابنه عبد المنعم، الذي قتل مع 12 آخرين، على رأسهم السعودي «أبو عائشة» الذي كان يقود كتيبة في المنطقة، جاء يسأله قبل نحو أسبوعين عن رأيه بالأسلحة التي طلب منه أن ينقلها. ووصف تلك الأسلحة بأنّ بعضها كان على هيئة أنابيب، بينما كان بعضها الآخر يشبه أسطوانات غاز ضخمة، مشيراً إلى أنّ المتمردين كانوا يستخدمون المساجد والبيوت الخاصة للنوم، بينما كانوا يخزنون السلاح في الأنفاق. وأشار أبو عبد المنعم إلى أنّ ابنه وآخرين كانوا من بين القتلى، الذين سقطوا في ذلك اليوم بالسلاح الكيميائي.
وأضاف الوالد للمراسلة: «لم يخبرونا ما هي الأسلحة أو كيفية استخدامها». وهنا علقت امرأة تعمل مع المسلحين، تدعى «ك»، بالقول «لم نكن نعرف أنها أسلحة كيميائية، ولم نكن نتخيل أنها أسلحة كيميائية». وواصل أبو عبد المنعم القول إنّه «عندما يعطي الأمير السعودي بندر بن سلطان تلك الأسلحة إلى الناس، عليه أن يعطيها لأولئك الذين يعرفون كيفية استخدامها والتعامل معها»، قبل أن يوصي بعدم الإشارة إلى اسمه كاملاً «خشية من الانتقام».
وقال زعيم معروف للمتمردين في الغوطة يدعى «ج» تعقيباً على حديث أبو عبد المنعم، إن «مسلحي جبهة النصرة استخدموا بعض المتمردين العاديين لتشغيل هذه الأسلحة»، مع أنّهم عادة لا يتعاونون «مع متمردين آخرين، ولا يتقاسمون المعلومات السرية مع أحد». وأضاف «كنا فضوليين جداً إزاء هذه الأسلحة وللأسف، تعامل بعض المسلحين مع تلك الأسلحة بشكل غير صحيح وفجروا المتفجرات».
أما الأطباء الذين عالجوا الضحايا الذين تسببت تلك الأسلحة بموتهم، فقد طلبوا توخي الحذر من طرح الأسئلة عمن كان مسؤولاً بالضبط عن ذلك الهجوم القاتل. وقال هؤلاء إنّ المسعفين تعاملوا مع 3600 حالة مشابهة، إلا أنهم لم يتمكنوا من التحقق من هذه المعلومات المتعلقة بعدد الإصابات.
وقالت مراسلة الوكالة إنها قابلت أكثر من عشرة مسلحين اعترفوا لها بأنهم يتلقون رواتبهم من السعودية. وبحسب التقرير، فإنّ هذه الأجواء أعادت إلى الأذهان تقرير صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، التي أشارت فيه إلى أنّ بندر بن سلطان، بعد تعيينه رئيساً لجهاز الاستخبارات السعودي العام الماضي بهدف قيادة وإدارة التمرد في سوريا، كان أول من اهتم بأمر «غاز الأعصاب» في سوريا. وكانت الصحيفة البريطانية قد نشرت في 26 من الشهر الماضي تقريراً لمراسلها الشهير ديفيد أوسبرن، أشار فيه إلى أنّ بندر بن سلطان كان قد نبّه حلفاءه الغربيين في شباط الماضي إلى موضوع الاستخدام المزعوم لـ«غاز السارين» من قبل دمشق.
(الأخبار)

تم تعديل هذا النص عن نسخته الأصلية بتاريخ | 2 ايلول 2013