قبل إتمام الاتفاق الدولي في ميونيخ، فجر أمس، والسير في خطة تهدف إلى وقف الأعمال العدائية خلال أسبوع، كان الرئيس السوري بشار الأسد يؤكد قبل ساعات استعداده للتفاوض مع معارضيه و«مكافحة الإرهاب» في آن واحد.
الرئيس السوري، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»، رأى أنّ استعادة الأراضي السورية كافة، «سواء أكان لدينا استطاعة أم لم يكن»، هو «هدف سنعمل عليه من دون تردّد»، موضحاً أنّ «من غير المنطقي أن نقول إن هناك جزءاً سنتخلى عنه».
وعن الجدول الزمني للمعارك، رأى الأسد أنّه يرتبط بحالتين: «لو افترضنا أن المشكلة هي فقط سوريّة... أي أن سوريا معزولة عما حولها، ففي أقل من عام نستطيع أن ننهي المشكلة عبر محورين... مكافحة الإرهاب، والعمل السياسي. أما الحالة الأخرى، فهي الحالة الحالية المتمثلة في الإمداد المستمر للإرهابيين عبر تركيا، وعبر الأردن... والبعض منهم أيضاً يأتي طبعاً عبر العراق، لأن داعش موجودة في العراق بدعم سعودي ـ تركي ـ قطري، هذا يعني بنحو بديهي أن يكون زمن الحل طويلاً، والثمن كبيراً، وبالتالي من الصعب إعطاء جواب دقيق عن الزمن».
وأشار إلى أنّ «السؤال هو كم من السنوات ستبقى تركيا والسعودية تدعمان الإرهاب... هذا هو السؤال، ومتى سيضغط الغرب على هذه الدول لتوقف دعمها للإرهاب... نحن نؤمن إيماناً كاملاً بالتفاوض وبالعمل السياسي منذ بداية الأزمة، ولكن أن نفاوض لا يعني أن نتوقف عن مكافحة الإرهاب، فلا بد من مسارين في سوريا.. أولاً التفاوض، ثانياً ضرب الإرهابيين، والمسار الأول منفصل عن المسار الثاني».
الجبير: إطاحة الأسد ضرورية لاستعادة الاستقرار

ولفت إلى أنّ المعركة في حلب «هي قطع الطريق بين حلب وتركيا... فتركيا هي الطريق الأساسي للإمداد الآن بالنسبة إلى الإرهابيين. المعركة الآن بنفس الوقت على أكثر من عشر جبهات، من الشمال إلى الجنوب إلى الشرق، في أقصى الشرق أيضاً وفي الغرب في اللاذقية؛ وكانت في حمص وانتهت الآن. فإذاً كل المراحل تسير بالتوازي».
وفي جوابه عن سؤال «هل نستطيع أن نعلم من هو عدوكم الأساسي، هل هم المعارضة التي يطلق عليها اسم معتدلة، والإسلاميون، أم هو داعش»، رأى الأسد أنّه «لا أعتقد أن تسمية المعارضة لديكم في فرنسا، أو في أي مكان من العالم، يمكن أن تطلق على شخص يحمل سلاحاً. المعارضة هي سياسية، وبالتالي إذا افترضنا أنكم تقصدون (إرهابيين معتدلين)، فهذا مصطلح آخر. وتقصد بهذا أنهم لا ينتمون إلى داعش أو النصرة أو لهذه المجموعات المتشددة. أوباما قال إن المعارضة المعتدلة وهم. أيضاً بايدن قال هذا الكلام. لكن الأهم هو الواقع الذي يقول إن هذه المعارضة غير موجودة فعلياً. معظم المسلحين ينتمون إلى المجموعات المتشددة، داعش والنصرة وأحرار الشام وغيرها. لذلك جوابي هو أن كل إرهابي هو عدو. نحن نحترم كل معارضة سياسية... ولدينا معارضة سياسية موجودة داخل سورية ويتبنون مواقف قاسية ضد الدولة ونحن لا نهاجمها».
في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، تعليقاً على المقابلة، إنّ الرئيس السوري «واهم إذا كان يعتقد أن هناك حلاً عسكرياً للحرب».
بدوره، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إنّه لا يمكن هزيمة «داعش» إلا إذا أزيح الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، مضيفاً أن هذا الهدف سيتحقق في نهاية المطاف. ووصف الجبير الرئيس الأسد بأنه «أكثر عامل جذب فعال منفرد للمتطرفين والإرهابيين في المنطقة»، معتبراً أنّ «إطاحته ضرورية لاستعادة الاستقرار».
وأضاف: «هذا هو هدفنا وسوف نحققه...»، لافتاً إلى أنّ «بيئة داعش الخصبة في سوريا ستزول مع رحيل الأسد».
في سياق آخر، قالت الأمم المتحدة، أمس، إنّها تتوقع أن تتمكن من إدخال مساعدات إلى السوريين المحاصرين «دون تأخير» بعد أن اتفقت القوى الكبرى على خطة لوقف الأعمال العدائية في سوريا خلال أسبوع.
وجاء في بيان من مكتب المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا إنّ «الحصول على ضمانات من الأطراف المتحاربة للدخول إلى المناطق المحاصرة، هو الخطوة الأولى».
وانطلقت، أمس، أعمال الفريق المعني بتنسيق المساعدات الإنسانية التابع لـ«مجموعة الدعم الدولية لسوريا»، في مدينة جنيف، «لبحث ما ينبغي فعله لضمان الوصول بشكل عاجل إلى المحاصرين، في الداخل السوري».
وعُقد الاجتماع برئاسة يان إيغلاند، مستشار دي مستورا، بمشاركة الدول الـ17 المشكّلة لـ«مجموعة الدعم الدولي لسوريا»، وممثلين عن العديد من المنظمات الدولية. وكشفت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، تفاصيل اتفاق ميونيخ، مشيرة إلى أنّه «سيُبدأ بتوزيع المساعدات الإنسانية الأسبوع الحالي، عبر الجو للمحتاجين في محافظة دير الزور، وبراً للمحتاجين في كل من بلدات الفوعة، وكفريا، ومضايا، ومعضمية الشام، وكفربطنا، بشكل متزامن».
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنّه «لا يمكن إحلال السلام ووقف الاشتباكات وإيصال المساعدات إلى سوريا في حال استمرار القصف الروسي». وأضاف أنّ روسيا «استهدفت حتى اليوم المعارضة السورية بشكل أكبر»، مشدّداً «على ضرورة الاستمرار في مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة».
وذكر أنّ الهدف من اجتماع ميونيخ «هو البدء مجدداً بالمفاوضات التي عُلِّقَت بسبب القصف الروسي ومواصلة قوات النظام السوري هجماتها البرية مدعومة من إيران والميليشيات الأخرى».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جيف ديفيس، إنّ «اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه مع روسيا لا يؤثر بعمليات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، التي ستستمر».
واستبعد ديفيس فكرة زيادة التعاون العسكري بين الأميركيين والروس في سوريا، قائلاً: «لا نتعاون عسكرياً مع روسيا. ليس هناك تغيير» بهذا الشأن.