على مبدأ «إن جنحوا للسلم فاجنح»، دخلت قوات الجيش السوري بلدة حلفايا مركز ثقل مسلحي «جبهة النصرة» في ريف حماه الغربي، بعد مصالحة تم عقدها مع وجهاء البلدة. صفحة طويلة من معاناة أبناء المناطق المجاورة انطوت، وأصبحت بلدة محردة المجاورة بمنأى عن الموت اليومي المتمثل بالقذائف الصاروخية المنطلقة من جارتها. الصفحة انطوت بخروج المسلحين من البلدة، وانسحابهم إلى القرى المجاورة، كاللطامنة وخان شيخون.
مصدر أهلي من المنطقة أكد لـ«الأخبار»، بدوره، أنّ «قيادة العمليات العسكرية في ريف حماه الغربي تلقت الإشارة باستسلام مسلحي حلفايا ورفع العلم السوري على مبانيها، كتجنيب المنطقة الدمار والخراب، باعتبارها تضمّ أهالي بعضهم». وبحسب المصدر نفسه، فإن «الاستسلام تم بعد ضمان دخول القوات السورية إلى البلدة وتسليمها للجيش السوري حصراً».
وذكر المصدر أن ضمان تسليم البلدة للجيش وحده «يأتي من خشية تكرار مسلسل الدمار في قرية خطاب المجاورة، التي كانت مسرحاً لأعنف الاشتباكات». وتابع إن «عناصر من القوى الأمنية جابوا البلدة ووصلوا إلى مشفى حلفايا، من دون التعرض لهم بأي اعتداء، ما استدعى بدء نصب حواجز الجيش في المدينة». ونقل المصدر عن وجهاء ومشايخ البلدة رضاهم عن تنفيذ الاتفاق، ووفاءهم بتعهداتهم للدولة السورية. ولفت إلى أنّ أهالي المناطق المجاورة لا يبدون ارتياحاً للمصالحة الحاصلة، بسبب خرق المسلحين اتفاقيات سابقة مرات عدة.

سيطرة الجيش
على تل الناصرية
تعدّ من أهم الخطوات
في المعركة


ويروي أنّ قرية طيبة الإمام في الريف الشمالي رفضت استقبال مسلحي حلفايا، ما يشير إلى جنوحها المتوقع نحو مصالحة مماثلة. مصدر من داخل بلدة محرّدة أكّد لـ«الأخبار» أنّ «المصالحة تمّت برعاية فرع الأمن العسكري، لا مع الجيش. وحتى لو قبل الجيش بها بعد حدوثها، فإن المسلحين الهاربين نحو اللطامنة سيعودون عند انسحاب القوات السورية المقاتلة التي تحمي المنطقة حالياً».
مصدر ميداني هزئ من انسحاب المسلحين، بالقول في حديث إلى «الاخبار»: «تنتظرهم قواتنا المتقدمة بعد سيطرتنا على تل الناصرية، الذي يعدّ أهم خطوات استمرار العملية العسكرية نحو الريف الشمالي». ويضيف: «تقوم قواتنا بتمشيط منطقة المداجن الواقعة بين اللطامنة وكفرزيتا، وهي تشرف وتطل على مناطق تجمع المسلحين في اللطامنة وكفرزيتا واللويبدة وزور أبو زيد». لا يعوّل العسكريون كثيراً على خروج حلفايا من دائرة المعارك الموضوعة على أجندة القوات السورية المقاتلة في المنطقة، إذ إن القائمة طويلة، بحسب المصدر نفسه. ويتوقع استمرار العمليات شمالاً بعد السيطرة على تل الناصرية، لمتابعة التقدم نحو اللطامنة واللويبدة، من دون استبعاد المتابعة باتجاه مورك، حسب المصدر. وتستفيد «القوات من الحماسة المنقطعة النظير التي تسيطر على نفوس المقاتلين، والتي ينبغي استغلالها لمتابعة تحقيق الإنجازات في الريف الحموي»، يضيف. ورداً على سؤال حول التوقعات المتعلقة بخطوة المسلحين المقبلة، يلفت المصدر الى أنّ «المسلحين في ظروف هزائم، ويحاولون إحداث تجمعات كبرى لضرب نقاط الجيش في مناطق أُخرى، بعد خسارتهم مراكز ثقلهم للوصول إلى مدينة حماه ومطارها العسكري». ويشير المصدر إلى أنّ «انسحاب المسلحين شمالاً قد يفضي إلى استغلالهم أي نقاط ضعف في جبهات إدلب كوادي الضيف ومعسكر الحامدية».
وسادت خلال نهار أمس، حالة من التخبط في صفوف مسلحي المعارضة، وتناقلت «تنسيقيات» معارضة اتهامات «الجيش الحر» لعناصر «جبهة النصرة» بالخيانة والتقاعس بعد إخلاء مواقعهم من خطوط التماس مع الجيش السوري في جبهة حلفايا.
وتضاف حلفايا وتل الناصرية إلى قرى وبلدات أرزة وخطاب وخربة الحجامة وبلحسين والقصيعية وشرعايا وتل الصمصام والتلال الواقعة غرب بلدة طيبة الإمام في ريف حماة الشمالي.
«القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة»، من جهتها، أكدت في بيان لها، أمس، أنّ «هذا الإنجاز يأتي نتيجة مباشرة للضربات المركزة التي وجهها الجيش العربي السوري للعصابات الإرهابية وأدّت إلى اندحارها وانهيار متسارع في معنوياتها، كما يشكل ضربة قاصمة للمشروع الإرهابي وداعميه ومنطلقاً للقضاء على ما تبقى من فلول الإرهابيين في ريف حماة».
وأوضحت «القيادة العامة للجيش» أنّ «القضاء على التنظيمات الإرهابية في ريف حماة الشمالي يأتي تجسيداً لإرادة شعبنا في القضاء على الإرهاب التكفيري على امتداد ساحة الوطن، وهي اليوم تجدد العهد لأبناء شعبنا بمزيد من الانتصارات حتى يعود الأمن والاستقرار إلى ربوع الوطن كلها».