الحسكة | عاد الهدوء النسبي إلى الخطّ الفاصل بين مناطق سيطرة «قسد» والجيش السوري، على ضفاف نهر الفرات في دير الزور، بعد «مكاسرة» امتدّت على يومَين بين قوات الاحتلال الأميركي ومجموعات «المقاومة الشعبية». وبدأت هذه «المكاسرة» عندما استهدفت المجموعات المقاوِمة قاعدة رميلان الأميركية في منطقة خراب الجير، وهي ثاني قواعد الاحتلال في سوريا، ليسقط فيها متعاقد أميركي قتيلاً، إضافة إلى 5 جرحى، وذلك ردّاً على الغارات التي نفّذتها واشنطن ضدّ مواقع تشكيلات سورية مدعومة إيرانياً في هرابش والقورية. وحمل هذا الاستهداف الرقم 78، خلال 21 شهراً، منذ أولى عمليات استهداف الأميركيين، والتي وقعت في معمل غاز كونوكو شمال دير الزور في حزيران عام 2021.إلّا أن استراتيجية المقاومة يبدو أنها بدأت تتغيّر خلال الفترة الأخيرة، حيث صار القصف أكثر دقّة وكثافة، بعدما كانت تسقط الصواريخ خارج القواعد وعلى حدودها، فلا توقع أيّ إصابات. ولعلّ من أبرز ما ينبئ بهذا التغيّر هو انتقال المجموعات إلى الحالة العلنية في تبنّي ضرب القواعد الأميركية، وذلك عبر إعلان ما يسمّى «لواء الغالبون»، في أوّل بيان صادر عنه، «تمكّن فوج الطائرات المسيّرة التابع للمقاومة الإسلامية - لواء الغالبون - من استهداف مطار رميلان في سوريا، والذي تحتلّه القوات الأميركية، بطائرة مسيّرة ظهر الخميس الفائت، الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت بغداد». وأشار البيان إلى أن «عمليّتنا، وما سوف يتبعها من عمليات أخرى، يأتي ضمن سياق الردّ الطبيعي والمشروع على جريمة استهداف قادة النصر ورفاقهما»، في إشارة إلى الشهيدين القائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، مؤكداً «عزم اللواء على تنفيذ المزيد من العمليات الدقيقة على قوات الاحتلال الأميركي، وبأسلحة ذات تطوّر مستمرّ، و(أن الأميركيين) لن ينعموا بالأمن في العراق وخارجه حتى تحقيق الخروج الكامل لقوات الاحتلال من بلدنا».
ويبدو واضحاً في البيان تعمّد أصحابه الإيحاء بأن استهداف قاعدة الرميلان تمَّ من داخل الأراضي العراقية، وهو ما يعني أن المقاومة وحّدت ساحتَي سوريا والعراق في وجه الاحتلال الأميركي، الذي بات يتعامل مع الساحتَين بشكل موحّد، عسكرياً ولوجيستياً. كما أن التلويح بتنفيذ المزيد من العمليات، وباستخدام أسلحة متطوّرة، يؤشّر إلى أن القواعد الأميركية في كلّ من سوريا والعراق، ستبقى هدفاً مفتوحاً حتى زوال الاحتلال.
إلى ذلك، نفت إيران، عبر «مجلس الأمن القومي الإيراني»، الاتهامات الأميركية لها بــ«الوقوف وراء الهجوم على قواعد أميركية في سوريا»، مؤكّدة في الوقت نفسه، من طريق «مصدر أمني»، أن «أيّ هجمات على قواعد أقيمت بطلب من سوريا، ستقابَل بردّ فعلٍ فوري»، في ما يستبطن رسائل تحدٍّ إلى الأميركيين. وفي المقابل، سارعت واشنطن، على لسان منسق الاتصالات في البيت الأبيض، جون كيربي، إلى التأكيد أن «الولايات المتحدة لا تنوي تقليص وجودها العسكري في سوريا، بعد الضربات المتكرّرة على قواعدها هناك».