الحسكة | على رغم الأضرار التي خلّفتها في غير منطقة، ولّدت الهطولات المطرية الغزيزة التي شهدتها المناطق السورية عموماً، الأسبوع الفائت، أملاً بانتعاش واقع المحاصيل الزراعية الاستراتيجية من قمح وشعير، بعد أن دقّت كلّ من الحكومة السورية و«الإدارة الذاتية» الكردية، أجراس الإنذار من موجة جفاف ثالثة تتهدّد الموسم الزراعي بأكمله، وتنبئ بمزيد من الخسائر في قطاع الثروة الحيوانية، فضلاً عن دفْعها الكثير من الفلّاحين إلى العزوف عن الزراعة. وسبق تلك الهطولات تحذيرُ رئيس «اتّحاد الفلّاحين في سوريا»، أحمد صالح إبراهيم، من أن «المساحات المزروعة بالقمح تراجعت بنسبة 20% - لنصل إلى نحو مليون هكتار - بسبب ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج، وتَوجّه الفلّاحين إلى زراعة محاصيل أخرى»، ومن أن «انحباس الأمطار في الشهرَين الماضيَين يُهدّد بخروج المساحات المزروعة بعلاً، بالكامل من الإنتاج». ونبّه رئيس «هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية»، سلمان بارودو، بدوره، إلى أن «المنطقة لم تشهد جفافاً لمدّة ثلاث سنوات متتالية منذ أكثر من عقْد من الزمن (كما يحدث اليوم)، وهو ما يهدّد بتدهور القطاع الزراعي والحيواني، وينعكس على الاقتصاد في عموم سوريا»، موضحاً أن «عدم هطول الأمطار في الفترة الماضية يهدّد نحو مليونَي هكتار مزروعة بالقمح والشعير، بالتلف والخروج من موسم الإنتاج». إلّا أنه على إثر الانحباس الذي تعرّضت له سوريا ولا سيّما المحافظات الشرقية، والتي تغطّي وحدها أكثر من 70% من إنتاج البلاد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، شهدت الفترة الواقعة ما بين 14 و16 آذار تساقطاً كثيفاً للأمطار، أنعش التوقّعات بموسم زراعي جيّد، وخصوصاً إذا ما تَبِعه تساقط مماثل في ما تبقّى من آذار وفي نيسان. وفي هذا الإطار، يلفت مدير الزراعة في الحسكة، علي خلوف، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «الهطولات المطرية أنعشت الآمال بموسم زراعي جيّد، وأنقذت مساحات زراعية بعلية واسعة من التلف». ويضيف خلوف أن «كلّ المساحات المزروعة بمحصولَي القمح والشعير، والمُقدَّرة بـ700 ألف هكتار، باتت جيّدة، وتنذر بموسم زراعي جيّد»، مؤكداً «عدم خروج أيّ من المساحات الزراعية من الإنتاج هذا العام، وذلك بعد تساقط الأمطار في وقتها المناسب». ويشير إلى أن «مساحات خضراء واسعة تشكّلت لتكون مراعيَ طبيعية للثروة الحيوانية، ما يخفّف من تكاليف الأعلاف»، متوقّعاً «بداية تعافٍ لهذا القطاع، بعد تراجُع ملحوظ في أعداد المواشي خلال العامَين الفائتَين».
أدّت الأمطار التي تجاوزت في محافظات دير الزور والرقة والحسكة، معدّل الهطول السنوي، إلى ارتفاع ملحوظ في منسوب نهر الفرات


كذلك، أدّت الأمطار التي تجاوزت في محافظات دير الزور والرقة والحسكة، معدّل الهطول السنوي، إلى ارتفاع ملحوظ في منسوب نهر الفرات، بنِسب رَاوحت بين مترَين وثلاثة أمتار، في وقت عادت فيه الحياة إلى نهرَي الخابور والجغجغ في محافظة الحسكة، نتيجة تشكُّل السيول الناتجة من الفيضانات في المرتفعات الجبلية، وهبوطها في مجرى سريان النهرَين في المحافظة. أيضاً، انعكست الأمطار إيجاباً على واقع مياه الشرب، حيث انخفضت نسبة التلوّث في مياه نهر الفرات، والتي يعتمد عليها أكثر من خمسة ملايين كمصدر أساسي للحصول على تلك المياه، في كلّ من الرقة ودير الزور وأرياف حلب وحماة. ويؤكد مدير الموارد المائية في الحسكة، عبد العزير الأمين، أن «تساقط الأمطار بغزارة أدّى إلى عودة الحياة إلى نهر الخابور وروافده في زركان وجرجب، ما يمنح الفلّاحين فرصة لريّ مزروعاتهم من هذه المياه مستقبلاً، إلى جانب الاستفادة من السيول بتخزين المياه في السدود». ويبيّن أنه «بلغت الكمّيات المخزَّنة في سدّ الحسكة الجنوبي أكثر من 22 مليون متر مكعّب، فيما عادت الحياة إلى سدّ الحسكة الغربي بعد سنوات من الجفاف التامّ»، مضيفاً أن «الأمطار عزّزت أيضاً من مخزون المياه الجوفية التي يعتمد عليها الأهالي في المنطقة للحصول على مياه الاستهلاك المنزلي، مع استمرار انقطاع المياه بشكل تامّ عن مليون مدني في الحسكة وأريافها منذ نحو ستّة أشهر كاملة».