وعلى الأرض، بدأت التحرّكات التركية البرية تَظهر من خلال وصول ثلاث فِرق من الوحدات الخاصة إلى قاعدة تركية بالقرب من أعزاز، مع عربات محمَّلة بالمدفعية والدبّابات والأسلحة. وبحسب مصادر ميدانية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «الفصائل المسلّحة السورية المدعومة من تركيا، تلقّت أيضاً الأوامر برفع الجاهزية القتالية إلى الحدّ الأقصى، خلال اجتماع لعسكريين أتراك مع قادة الفصائل يوم الاثنين الفائت». وأفادت المصادر بأن «الجانب التركي أبلغ الفصائل بأن العملية البرّية قادمة ولا تَراجع عنها هذه المرة»، لافتةً إلى «وجود معلومات أوّلية بأن تركيا قد تبدأ عملية محدودة، تهدف إلى قضْم قرى وبلدات على خطوط التماس في محيط أبو رأسين والدرباسية في الحسكة، ومحيط عين العرب ومنبج وتل رفعت في ريف حلب، ومركز بلدة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي»، مؤكدة أن «مواصلة تركيا العملية وتوسيع رقعتها سيكونان مرهونَين بالمواقف الدولية التي ستخرج حينها».
من المتوقّع أن تلجأ «قسد» إلى التلويح بتعليق مشاركتها في ملاحقة خلايا «داعش»
في المقابل، حاولت «قسد» كسْب تعاطَف الأطراف الدولية، من خلال اتّهامها الأتراك باستخدام «أسلحة كيماوية» في قصفهم قرية طاطا مراش في ريف عفرين. ومن المتوقّع أن تلجأ «قسد»، أيضاً، إلى التلويح بتعليق مشاركتها في ملاحقة خلايا «داعش» في مناطق سيطرتها، وسحْب جزء من قوّاتها في أرياف دير الزور ومحيط آبار النفط إلى الشريط الحدودي، للضغط على الأميركيين، ودفعهم إلى اتّخاذ إجراءات تمْنع وقوع العملية التركية. كذلك، ستلجأ «قسد»، غالباً، إلى إعادة تفعيل «غرفة العمليات المشتركة» مع الجيشَين السوري والروسي في ريف حلب، في محاولة لتفادي خسارة مناطق واسعة. وعلى رغم أن الاستهداف التركي الأعنف طاول مُدن شمال محافظة الحسكة حيث السيطرة الأميركية، إلّا أن التصريحات الكردية طالبت موسكو باتّخاذ موقف حازم تجاه الاعتداءات التركية، وضرورة العمل على إيقافها. وفي هذا الإطار، أشار القائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، إلى أن «الهدف الحقيقي للغزو البرّي التركي المحتمَل هو مدينة كوباني (عين العرب)، بهدف ربطها مع أعزاز شمال حلب، ومدن أخرى احتلّتها أنقرة في العام 2019»، مُطالِباً الأميركيين والروس «ببذل مزيد من الجهود لوقف الاعتداءات التركية»، لافتاً إلى أن «المناطق التي تخضع للقصف مثل كوباني ومنبج تخضع للسيطرة الروسية». وأقرّ عبدي بأن «عدم وجود سياسة واضحة للولايات المتحدة، في ما يتعلّق بمستقبل شمال وشرق سوريا، يجعل من الصعب علينا التفاوض مع دمشق».
ومع تصاعد القصف التركي، لم تخرج المواقف الأميركية والروسية عن الإطار الديبلوماسي. إذ أصدرت وزارة الدفاع الأميركية بياناً مقتضباً، نبّهت فيه إلى أن «الأعمال العدائية، من قِبل جميع الأطراف في سوريا، تهدّد مهمّة إلحاق الهزيمة النهائية بتنظيم داعش». فيما دعا المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، «الأطراف كافة إلى الابتعاد عن أيّ خطوات تزعزع الاستقرار»، مؤكداً أن «موسكو تحترم وتتفهّم مخاوف تركيا الأمنية». بدوره، قال المبعوث الروسي إلى سوريا، إلكسندر لافرنتييف، إن روسيا «تأمل بأن تستمع تركيا إلى حُججنا لوقف أعمالها في الشمال السوري»، مطالباً «السلطات الكردية بإظهار الحكمة بشأن ضرورة التعامل مع الحكومة السورية».