تطور بارز شهدته مدينة البوكمال، في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، أمس، تمثّل في تأكيد نبأ «مبايعة» قادة «جبهة النصرة» فيها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام». وبعد التضارب في حقيقة حدوث «البيعات» يوم الاثنين الماضي، واستماتة «مجلس شورى المجاهدين» (مشمش) في محاولات احتوائها، تأكّد ما صرّحت به مصادر التنظيم لـ«الأخبار» سابقاً («الأخبار» العدد 2326)، وأُعلن أمس بشكل «رسمي».
ونشرت صفحات «جهادية» موالية لـ«داعش» صوراً لأشهر وجوه «داعش» في سوريا عمر الشيشاني «يأخذ البيعة للدولة من أمير النصرة في البوكمال أبو يوسف المصري، ومن عدد من قادة النصرة في المدينة. وذكرت أوساط التنظيم أن «داعش» سيتسلّم «الرباط على جبهة مطار دير الزور العسكري»، وتوعّد بتكرار ما حدث في مطار منغ (ريف حلب).
وأكدت مصادر من السكان أن «أرتال داعش دخلت البوكمال ليل أمس وتم نصب الحواجز»، وأن التنظيم قد تسلّم مقارّ «النصرة» في المدينة. ورأى مصدر من داخل التنظيم أن ما حدث «فتح مبين، وأهمّ ما فيه أنه تمّ من دون إراقة دماء الإخوة المجاهدين». وقال المصدر لـ«الأخبار» إنّ «الدولة ما برحت تسعى إلى حقن دماء المجاهدين، ولم تبادر باقتحام أيّ من المناطق الشامية قبل أن تعطي فرصة للتوبة. فإذا استجاب القوم حقنوا دماءهم، وكفى الله المؤمنين القتال». بدوره، أعلن أبو يوسف المصري عبر صفحته على موقع «تويتر» أنّ «البيعة» لم تكن بقرار شخصي بل بإجماع «مئات الشباب من كتيبتنا»، وأضاف: «الأمر لا يتعلق بشخص بل بأمة مستضعفة (...) العدو يحشد وأميركا تخطط ولن تفرق بين فصيل وفصيل». وتحظى هذه التطورات بأهمية تتجاوز السيطرة على مدينة جديدة. فعلاوة على الموقع المهم للبوكمال (قرب الحدود العراقية)، يعتبر دخولها بهذه الطريقة انتصاراً معنوياً كبيراً لـ«داعش»، وتزيد في الوقت نفسه الواقع السيّئ الذي باتت تعيشه «النصرة».

مصالحة القابون

على صعيد آخر، بدأت وحدات الهندسة في الجيش السوري بتفكيك الألغام التي كان قد نصبها مقاتلو المعارضة المسلحة في الأحياء الجنوبية الشرقية لحيّ القابون في دمشق. أتى ذلك بعد أيام من توصل لجان التفاوض إلى تسوية ميدانية في الحي، حيث بدأت تنفّذ بنود التسوية في المناطق الشرقية والجنوبية من الحي تمهيداً لإعادة تجهيز هذه المناطق وعودة الأهالي إليها، «على أن يجري التوسع في التنفيذ، حالما تسمح المجريات الميدانية بذلك، حيث لا تزال بعض الفصائل المسلحة ترفض الانصياع لبنود التسوية، لا سيما في الأجزاء الشمالية والوسطى من القابون»، بحسب المصادر المشاركة في عملية التفاوض. هذه المصادر أكّدت لـ«الأخبار» أنّ «اتصالات بدأت تجري بشكل مباشر بين ممثلين عن الدولة السورية ومسلحين محليين، بهدف التوصل إلى حل جذري لبعض المسلحين الراغبين في إلقاء السلاح بشكلٍ نهائي، إضافة إلى الراغبين في الاشتراك بلجان عسكرية مشتركة مع الجيش السوري».
ميدانياً، تتركز أنظار المتابعين على دوما (شمالي دمشق)، حيث انتقلت المعارك المستمرة بين تنظيمي «داعش» و«جيش الإسلام» لتتركز على حدود المدينة، بعد أن طالت خلال الأيام الماضية مناطق متفرقة من الغوطة الشرقية. وحشد تنظيم «داعش» أكثر من 500 مقاتل على الحدود الجنوبية لدوما، في محاولة لكسر سيطرة «جيش الإسلام» وبعض مقاتلي «الجيش الحر» على المدينة. وحول دور «جبهة النصرة» في الاشتباكات الجارية، يروي أحد مسلحي ريف دمشق لـ«الأخبار» أن «النصرة» شاركت في الأيام الأولى للمعارك باستهداف «جيش الإسلام»، غير أنها الآن تتبع استراتيجية التدخل في الأوقات المناسبة للحفاظ على حالة التوازن بين التنظيمين، حيث «تخشى من سيطرة داعش على الغوطة الشرقية، ولذلك فإنها كلما اشتد القتال في دوما، وبدأ أحد الطرفين بالتقدم، تساند الطرف الآخر، بما يضمن استنزافهما، وإبقاء رصيد النصرة مرتفعاً».
وبالتزامن مع الاشتباكات بين التنظيمين، يواصل الجيش السوري استهدافه لمقاتلي المعارضة المسلحة في عموم الغوطة الشرقية والغربية، معتمداً على القصف المدفعي، كما هي الحال عبر قصف تجمعاتهم في مخيم خان الشيح ومغر المير في الغوطة الغربية، وشمال دوما وعين ترما وكفر بطنا في الغوطة الشرقية، ما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة منهم بين قتلى وجرحى. مصدر عسكري مسؤول كان قد أكد لـ«الأخبار» أن المعارضة المسلحة تراجعت في المليحة لتصل نسبة السيطرة على المدينة إلى 80% للجيش السوري «وهي المناطق الأهم في المدينة: الأحياء السكنية والمزارع القريبة منها، فيما تسيطر المعارضة المسلحة على أطراف المزارع المتاخمة لأطراف المليحة».
على صعيد آخر، استشهد 5 مدنيين بينهم طفلان وأصيب ستة مدنيين جراء سقوط قذائف هاون على حي التيامنة في منطقة المجتهد (جنوبي دمشق) وباب توما أمس، إضافة إلى أضرار مادية خلفها سقوط قذائف في مناطق القيمرية والفحامة والدويلعة.
الى ذلك، أعلنت «تنسيقيات» معارضة أمس أن الجيش السوري استهدف معقل «داعش»، أي مدينة الرقة، بسلاح الجو. وبحسب «التنسيقيات» بلغ عدد القتلى أكثر من 10. وفي حلب، دارت اشتباكات عنيفة بين الجيش والجماعات المسلحة في حي جمعية الزهراء.