لليوم الثاني على التوالي، وبعد تطويق الجيش السوري لبلدة المليحة أول من أمس، تعمّ المواجهات العنيفة كل أرجاء الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق. الاشتباكات الضارية أدّت إلى مقتل أمير «جبهة النصرة» في الغوطة عبد العزيز عرموش، الملقّب بـ«أبي الفوز الأنصاري»، والذي يعد أحد أبرز قادة التنظيم التابع لـ«القاعدة» في سوريا.
عرموش الذي قاد الهجوم الشهير على منطقة عدرا العمالية في أواخر عام 2013، والمتهّم الأول بارتكاب المجازر بحق المدنيين، قتل في منطقة عدرا في معارك مع الجيش السوري. مصدر عسكري قال لـ«الأخبار» إن «مقتل أمير النصرة بعد يوم واحد من تطويق المليحة بنحو كامل، يكشف عن عمق المأزق الذي تعانيه الجماعات الإرهابية في الغوطة الشرقية. خطوط الإمداد باتت شبه مقطوعة عنهم، ومعنوياتهم اليوم بالحضيض».
إلى ذلك، دارت اشتباكات عنيفة في مناطق محيطة ببلدة المليحة، على طريق جسرين وفي زبدين والنشابية ودير العصافير وزملكا، بين الجيش وبين مسلّحي «جيش الإسلام» و«لواء القعقاع» و«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام»، وأدت إلى مقتل أكثر من 24 مسلّحاً وإصابة العشرات، بينهم أردنيون وقطريون وسعوديون. أما داخل المليحة، فتبدي فصائل المعارضة مقاومة شرسة لكسر الطوق المضروب من حولها، ولكن «ليست هناك أية إمكانية لذلك»، يقول أحد القادة الميدانيين، مضيفاً: «الطوق حول المليحة تمدّد إلى أطراف البلدات المجاورة، لذا على المسلّحين تجاوز أكثر من طوق عملياً للوصول إلى عمق الغوطة الشرقية. فضلاً عن أن هذا الأخير يشهد بدوره عمليات أخرى للجيش السوري». ويشير المصدر إلى «فرار عدد من المسلحين لليوم الثاني على التوالي».
وفي جوبر، أحرز الجيش تقدماً خلف منطقة سوق الهال، إثر معارك ضارية نشبت هناك. مصدر ميداني أكّد لـ«الأخبار» أن «نسبة مشاركة المسلّحين الأجانب في مجمل مواجهات الغوطة الشرقية باتت في أعلى مستوياتها». وأضاف أن «هؤلاء هم الزعماء الميدانيون للتنظيمات التكفيرية وانتحاريوها أيضاً، الأمر الذي يدلّ على أن خيار تلك التنظيمات بات يتمحور حول الزجّ بكل طاقاتها الاحتياطية في معركة حياة أو موت، من وجهة نظر تلك التنظيمات».
في موازاة ذلك، أدت الاشتباكات في مناطق خان الشيح وداريا وزاكية في الغوطة الغربية للعاصمة، إلى مقتل عشرات المسلّحين وجرح آخرين، بحسب مصادر ميدانية. وقصف الطيران الحربي أمس حاجزاً للمسلّحين في مزارع العباسة، بالقرب من خان الشيح. وجرى اشتباك في جرود بلدة قارة في منطقة القلمون أمس، أدّى إلى مقتل مسلّح. وفي درعا (جنوباً)، تجدّدت الاشتباكات في بلدة نوى، غربي المحافظة، على المحاور الجنوبية فيها بين الجيش و«لواء بني أميّة». واستهدفت مدفعية الجيش طريق نوى ـــ الشيخ مسكين، الذي تتمركز على أطرافه مجموعات مسلّحة معارضة. وفي موزاة ذلك، دارت اشتباكات في مناطق عدة من ريف درعا، في قرية الطف، بالقرب من منطقة اللجاة، وفي القريا والسماقيات وعتمان.

«داعش» يستعيد توازنه في دير الزور

على صعيد آخر، تتواصل فصول الحرب الدامية في دير الزور بين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» من جهة، و«جبهة النصرة» وحلفائها من جهة أخرى. وأمس، تبادل الطرفان إلحاق الهزائم بعضهما ببعض، على عدد من الجبهات. فيما شهدت بلدة خشام عقد اتفاق هو الأول من نوعه بين طرفي الصراع.
مسلحو «مجلس شورى المجاهدين» («النصرة» وحلفاؤها) تمكنوا من بسط سيطرتهم أمس على الحريجية، وجبل الفدين (الريف الشمالي الشرقي)، في مسعى لقطع إمدادات التنظيم القادمة من الصور.

مقتل قائد ميداني تابع لـ«النصرة» في معارك مع «داعش» في دير الزور
بدوره، استعاد تنظيم «داعش» توازنه في الريف الغربي، وأوضحت مصادر من السكان أن مسلحي «مجلس شورى المجاهدين» قد انسحبوا على نحو مفاجئ من عدد من مناطق الريف الغربي، ليل الخميس ـــ الجمعة، الأمر الذي أفاد «داعش»، فاستعاد السيطرة على قرى حطلة، ومراط، والجنينة، وحصان، والحسينية، ومحيميدة، والجيعة. وتمركز قرب دوار الحلبية في المدخل الشمالي لمدينة دير الزور، في خطوة تهدف إلى عزل مسلحي «شورى المجاهدين» داخل المدينة، عن أية إمدادات.
أعنف معارك أمس كان مسرحها قرية الحجنة، وعلى إثرها أعلنت «جبهة النصرة» مقتل قائد ميداني و«عقائدي» بارز فيها، هو «الشيخ أبو فيصل الشرعي» واسمه همام نوار الهجر. وشهدت معارك الطابية مقتل حميد اسماعيل الطلك، وهو القائد العسكري في «لواء ابن القيم» التابع لـ«شورى المجاهدين». وشهدت مدينة موحسن (شرق دير الزور) تفجير سيارة مفخخة، على مقربة من أحد مقارّ «شورى المجاهدين». السيارة التي كان يقودها انتحاري، حاولت الوصول إلى المقر، لكن عناصر الحراسة اشتبهوا في أمرها، وأطلقوا النار في اتجاهها، فقام الانتحاري بتفجيرها. إلى ذلك، شهدت بلدة خشام اتفاقاً يقضي بتحييدها عن الصراع. وقضى الاتفاق بانسحاب عناصر «داعش» و«مجلس الشورى» من البلدة ومحيطها، ليتولى «تجمع كتائب عبدالله بن الزبير» أمن البلدة، وعناصره من أبناء البلدة.