بعدد من المكاتب العقارية وضع بسام منزله على أمل النجاح في بيعه خلال فترة قصيرة قبل نهاية شهر نيسان وبداية شهر أيار، لتجنّب الضرائب الجديدة المقرر تطبيقها على العقارات.
يخبرنا بسام أنه بعد الاطلاع على قانون البيوع العقارية الجديدة والضرائب التي سيتحملها صاحب العقار، وجد أن من الأجدى التخلص من عقاره الحالي وشراء عقار آخر بأسرع وقت كي لا يضطر لخسارة جزء من ثمن منزله نتيجة تكبّد الشاري مصاريف كبيرة مع شرائه المنزل، وفي الوقت نفسه تكبده هو ضريبة كبيرة حينما سيشتري.

لم تجدِ جهود بسام في تحقيق غايته الرامية لاستبدال منزله الصغير داخل العاصمة بآخر أكبر في ضواحي دمشق، فثمة نوع من الركود في أسواق العقارات خاصة مع استمرار تقلب سعر الصرف، والأيام المتبقية من نيسان لن تكفي لتحقيق الصفقة التي يصبو لها، ويقول: «الأكيد أني سأكون مضطراً لرفع سعر منزلي بحيث يغطي تكاليف الضرائب الجديدة لأتمكن من تسديدها حينما اشتري منزلاً آخر».

ولا يخفي أصحاب المكاتب العقارية تخوفهم من تسجيل ارتفاعات جديدة في أسعار العقارات تُضاف لما هي عليه في الوقت الحالي، فالأسعار «محلقة بالعلالي»، كما يذكر صاحب مكتب عقاري. فشراء أي بيت داخل دمشق يحتاج إلى ما يزيد على الخمسمئة مليون ليرة سورية، وهو طبعاً رقم خيالي مقارنة بالدخل السوري، لذا باتت عمليات البيع محصورة ما بين من يبيع منزله ويشتري آخر، أو مغتربين وفي أفضل الحالات من سوريين مقيمين في البلد تمكنوا من ادخار أموالهم بالعملة الصعبة أو الذهب في بداية الأزمة حينما كانت الأسعار مقبولة، وباعها اليوم محقّقاً ربحاً طائلاً.

قانون جديد
وكان الرئيس السوري بشار الأسد أصدر في نهاية شهر آذار الفائت «القانون رقم 15» لعام 2021، القاضي بتنظيم استيفاء ضريبة البيوع العقارية، والتي يتم تحديدها بمعدّل من القيمة الرائجة للمتر المربع استناداً إلى الوصف المالي للعقار، وفق معايير وعوامل لكل من العقارات السكنيّة أو التجاريّة أو الصناعيّة أو الزراعيّة أو السياحيّة.

وبحسب القانون الجديد، أصبحت الضريبة على البيوع العقارية 1% من القيمة الرائجة للعقارات السكنية، و2% بالنسبة إلى الأراضي الواقعة داخل المخطط التنظيمي المصدق، و1% للأراضي الواقعة خارج المخطط المصدق، و3% عن بيع العقارات غير السكنية، و1% للأسطح في العقارات السكنية.

وينصّ القانون أيضاً على تشكيل لجان مركزية ورئيسية وفرعية، مهمتها تحديد القيمة الرائجة للعقارات. وستشمل الضراب الإيجار أيضاً، إذ ستخضع العقارات غير السكنية المؤجرة للسوريين وغيرهم لضريبة دخل بمعدل 10% من بدل الإيجار السنوي الوارد في عقد الإيجار، على ألّا تقل ضريبة الدخل عن 6 في العشرة آلاف من القيمة الرائجة للعقار المؤجر، في حين تخضع العقارات السكنية المؤجرة لغير السوريين لضريبة دخل بمعدل 5%، على ألا تقل عن 3 في العشرة آلاف من القيمة الرائجة للعقار المؤجر.

قيم قديمة ثابتة
يوضح المحامي محمد علي تقي الدين، أن لكل عقار قيمة تخمينية مالية، وهذه القيمة يُستند لها لتحديد رسوم الفراغ لدى مديريات المالية والمصالح العقارية عند عمليات الفراغ، في السابق كانت قيمها ثابتة تعتمد أرقاماً قديمة، فمثلاً كانت قيمة بيت في المالكي (أغلى مناطق العاصمة) قد تبلغ 20 ألف ليرة تقريباً على سبيل المثال، وعند حساب الضريبة يكون المبلغ زهيد جداً (نسبة من العشرين ألف ليرة)، ولكن سيتغير هذا الأمر قريباً مع اعتماد القيمة الرائجة للعقارات، فقيمة البيت ستحدّد تقريبياً بحسب سعره على أرض الواقع، ولن يتمكّن الأشخاص من التهرب من الضريبة بحجة بيعهم العقار بسعر منخفض لأنه سيتم وضع حدّ أدنى لقيمة البيوت بحسب كل منطقة.
ينصّ القانون أيضاً على تشكيل لجان مركزية ورئيسية وفرعية مهمتها تحديد القيمة الرائجة للعقارات


ويتابع المحامي تقي الدين، أنه وبسبب عدم استقرار أسعار العقارات، لذلك ستكون القيم المحددة من قِبل اللجان المشرفة على القانون، غير ثابتة وبالتالي ستكون هناك مرونة فيها إذ ستصدر أسعار جديدة كل ستة أشهر، كما تعتزم الحكومة إطلاق تطبيق على الجوال عن طريق جي بي اس فيذكر قيمة العقار، وهو رقم يتغير بحسب التحديثات، ووفقاً للتصريحات ستكون قيم العقارات وفق شرائح، فالبيت الموجود على الطريق العام سعره مختلف عن الداخلي، والطابق الأول مختلف عن الملحق.

برأي تقي الدين فإن الأسعار الموضوعة قد تكون في أحسن الأحوال أقل من الأسعار الحقيقية، ولكن بالتأكيد ستكون الضرائب مرتفعة، وكل الناس يسعون حالياً لتثبيت البيوع قبل بداية أيار، لا سيما أن مرسوماً آخر صدر مؤخراً حول قانون رسوم الخدمات العقارية، وهو متعلق بمديريات المصالح العقارية وسيُعمل فيه بحسب القيم الرائجة المعتمدة من قِبل الدوائر المالية.

اشترط القانون الحالي في أحد بنوده منع المحاكم إعطاء حكم محكمة ما لم يتم إبراز ما يُشعر بتسديد المبلغ في الدوائر المالية، وبالتالي سيلغي تقريباً البيوع بحكم محكمة، وهي طريقة كانت متّبعة من قِبل البعض للتهرب من المالية التي ترهق عادة المشترين بإجراءات براءة الذمة والموافقات الأمنية، بحسب ما شرح المحامي تقي الدين، مضيفاً أنه لن يُعتدّ بعقد البيع (كسند عادي) ما لم يكن مثبتاً بتاريخ سابق لـ 3 أيار وفقاً لقواعد قانون البيانات السوري التي تعتبر السند ثابت التاريخ بتوقيع موظف مختص عليه (المصالحة على العقد لدى الدوائر المالية)، أو الإقرار أمام القضاء قبل تاريخ الثالث من أيار.

ولم تسلم بدلات الإيجار من الضرائب الجديدة بما فيها القديمة التي عادة ما تكون منخفضة القيمة، ومع التعديلات الجديدة كما يوضح المحامي تقي الدين، لن تقل عن 6 في الألف من القيمة التخمينية للعقار، باعتبار أنه يتم تخمين العقارات عادة كل ثلاث سنوات تقريباً، والأمر أيضاً سيُطبق على عقود الإيجار المحدد المدة (الجديدة) التي لن يستطيع المالك التخلص من التصريح عنها ودفع الحد الأدنى منها ما لم يستوفِ بدل الإيجار عن الفترة التعاقدية سلفاً كون في حال وقع خلاف مع المستأجر لن يتقاضى المالك إلا المبلغ المذكور في العقد.