دمشق ــ الأخبارحجز ماهر حجار، النائب السوري عن محافظة حلب، لنفسه مكانة في قائمة الشخصيات السورية التي سيذكرها تاريخ البلاد دائماً. فالشاب الذي لم يتجاوز عمره السادسة والأربعين، هو أول سوري منذ أكثر من نصف قرن، وتحديداً منذ عام 1958، يتقدم ليفتتح سباق الترشح في الطريق نحو انتخابات رئيس للجمهورية، التي يشترط الدستور لإجرائها وجود أكثر من مرشح.

يجد حجار نفسه في مواجهة تحديات ومتغيرات عدة، قد تسعفه في إكمال مسيرته نحو دخول ميدان الانتخابات، وقد تقف عائقاً أمام استمرار طموحه الفردي، لا سيما بعد إعلان حزب «الإرادة الشعبية» الذي يتزعمه الوزير السابق قدري جميل أن «أي نشاط يقوم به حجار يمثله شخصياً».
فالنائب الذي حرصت وكالة «سانا» الرسمية على إبراز انتمائه إلى «أسرة حلبية اشتهرت بتاريخها العريق في الإفتاء والتأليف في العلوم الدينية والشرعية وتدريسها» وعلى نشاطه السياسي المبكر مع الحزب الشيوعي السوري، وهو في السادسة عشرة من عمره، يشير بوضوح إلى نظرة الاحترام التي يلقاها من الدولة وجمهورها لموقفه في الترشح، رغم صعوبة الظروف السياسية والميدانية التي تعيشها البلاد وما تواجهه من ضغوط خارجية، وإدراكه صعوبة المهمة في ظل الدخول المتوقع للرئيس بشار الأسد لخوض غمار الانتخابات بجمهوره الواسع. لكن في المقابل، يدرك حجار أنه سيكون عرضة لانتقادات لاذعة من قبل المعارضة بأطيافها ومرجعياتها المختلفة، لكونه يسهم في توفير الغطاء الدستوري لإجراء الانتخابات الرئاسية.
دمشق: الإبراهيمي
جعل من نفسه طرفاً متحيّزاً لا وسيطاً ولا نزيهاً
وأياً تكن النظرة إلى الخطوة التي أقدم عليها النائب الذي حقق المرتبة الثانية بين المستقلين الفائزين في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، فإنها تحمل رسائل مهمة عدة، منها:
ــ إن تقدم النائب حجار بطلبه في اليوم التالي للموعد المحدد من قبل رئيس مجلس الشعب لتلقّي طلبات الترشح إلى منصب رئيس الجمهورية، يؤكد أن دمشق تسير بثبات نحو إجراء الانتخابات وفق مواعيدها، وأنها لن تسمح بما يمكن أن يعرقلها داخلياً، وهي التي تصم آذانها يومياً عن ردود فعل الخارج.
ــ انتماء النائب حجار إلى محافظة حلب له دلالته الواضحة، سواء بالنسبة إلى أهمية حلب ودورها المركزي والأصيل في الحياة السياسية السورية ووحدة الوطن، أو إلى حتمية فتح مراكز للاقتراع وإجراء الانتخابات في مناطق وأحياء المحافظة الآمنة.
ــ إعلان حزب «الإرادة الشعبية» أنّ النائب حجار لم يعد عضواً في الحزب منذ عام 2013، وأن أي نشاط يقوم به يمثله شخصياً، يعني أن حجار تقدّم كمستقل، وتالياً علينا انتظار موقف حزب «الإرادة» وغيره من الأحزاب السياسية المرخصة القديمة منها والحديثة البالغ عددها نحو 19 حزباً سياسياً، وما إذا كانت سترشح ممثلين عنها لخوض غمار الانتخابات، أو أنها ستكتفي بتأييد مرشح ما، فضلاً عن تأثير ذلك على مهمة حجار في كسب تأييد 35 عضواً من مجلس الشعب.
ومع أن النائب حجار لم يرد على اتصالات «الأخبار» للوقوف على رأيه وتوقعاته للمرحلة المقبلة، فإن بعض أعضاء مجلس الشعب الذين تحدثت معهم «الأخبار» أثنوا على شخصية حجار وعلاقته بزملائه في المجلس... لكن هذه تبقى آراء شخصية قد لا تتحول بالضرورة إلى أصوات تأييد في ظل حسابات الكتل الحزبية وتوجهاتها وقراراتها.
في موازاة ذلك، حمّلت دمشق الأمم المتحدة ومبعوثها الأخضر الإبراهيمي مسؤولية عرقلة مفاوضات «جنيف 2»، رافضةً تدخّل أي «جهة خارجية» في إجراء الانتخابات الرئاسية، الذي وصفته بـ«القرار السيادي».
وجاء في بيان وزارة الخارجية، الذي بدا أنّه جاء ردّاً على انتقادات الأمم المتحدة ودول غربية لقرار تحديد موعد لإجراء انتخابات رئاسية في سوريا في الثالث من حزيران، أنّه «إذا كانت هذه الدول وعلى رأسها الدول الغربية تدعي الديموقراطية والحرية والشفافية، فإن عليها أن تستمع الى رأى السوريين ومن سيختارون عبر صناديق الاقتراع، ما يمثل أعلى درجات الديموقراطية والحرية». وأضاف البيان: «من رأى أن إجراء الانتخابات وفقاً للدستور والقوانين المرعية سينسف الجهود الرامية إلى إنجاح مؤتمر جنيف، عليه أن يتأكد أن من يتحمل مسؤولية عرقلة جنيف 2 هو الأمم المتحدة ووسيطها الأخضر الإبراهيمي الذي جعل من نفسه طرفاً متحيّزاً لا وسيطاً ولا نزيهاً».
وشدّدت الخارجية في بيانها على أنّ «الشرعية الحقيقية ستحددها صناديق الاقتراع، وسيحدد الشعب السوري بكامل حريته وإرادته من سيقوده في المرحلة المقبلة عبر انتخابات تعددية لأول مرة في تاريخها الحديث».
من جهة أخرى، قالت وزارة الخارجية الصينية إنها تحقق في تقارير عن أن اسطوانة «كلور» عليها اسم الصين ظهرت في تقارير تلفزيونية يعتقد أنها توثق هجوماً بالغاز وقع في سوريا في وقت سابق هذا الشهر.
ولفت البيان إلى أنّ بكين «ملتزمة بشدة بتعهداتها الخاصة بمنع الانتشار»، وتشدد الإجراءات على تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج، بما في ذلك المواد الكيميائية الحساسة. في السياق، دعا أعضاء في مجلس الأمن، أمس، إلى التحقيق في المزاعم الجديدة بشن هجمات بغاز الكلور في سوريا.
وأطلعت سيغريد كاغ، التي تنسق في سوريا مهمة الاشراف على ازالة مخزون سوريا من الاسلحة الكيميائية، أعضاء مجلس الأمن على هذه المسألة خلال جلسة مغلقة. وقالت المندوبة النيجيرية، جوي اوغو، التي تتولى الرئاسة الدورية للمجلس، أن «اعضاء المجلس أعربوا عن قلقهم بشأن التقارير حول استخدام غاز الكلور في بعض المدن (السورية)، والذي أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الاشخاص ودعوا إلى فتح تحقيق في ذلك».
وأضاف: «نحن لا نزال بانتظار تاكيد صحة تلك التقارير. وحتى تصبح لدينا الحقائق كاملة، لا نستطيع ان نتخذ اي قرار حول هذه المسالة».