«ليست معارك متفرقة، بل حرب إنهاء لجبهة الجولاني». بهذه الكلمات لخّص مصدر «جهادي» أهداف تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» من الهجمات المتتالية التي يشنها على معاقل «إخوانه» في «جبهة النصرة»، وحلفائها في «الجبهة الإسلامية». وقال المصدر إنّ «استعادة ولاية الخير (الاسم الذي يطلقه داعش على دير الزور) ستكون فيها نهاية جبهة الجولاني. وسينفض عنه حلفاؤه، لتبدأ مرحلة تصفية قاعدة الظواهري الشامية». وأضاف: «كنّا قد أقسمنا إننا عائدون إلى ولاية الخير، وها نحن. ووالله لتسمعُنّ أنباء فرار الصحوات من أمامنا مدحورين مخذولين بحول الله وقوته».

يأتي ذلك فيما تتواصل المعارك العنيفة في عدد من مناطق ريف دير الزور، ويتسابق الفريقان في تبادل الضربات الموجعة، مع أفضلية لـ«داعش» حتى الآن. وتنقلت المعارك خلال اليومين الماضيين بين الصور، وكباجب، والحريجية، وغريبة شرقية. وتمكنت مجموعة تابعة لـ«داعش» يقودها عمر الشيشاني من السيطرة على الصور (30 كم شمال دير الزور، وحوالى 10 كم عن الشحيل)، بعد معارك طاحنة سقط خلالها 40 قتيلاً على الأقل، بالتزامن مع تفجير «داعش» جسر بلدة الحريجية القريبة. وبحلول ليل أمس، أحكم «داعش» حصاره على بلدة غريبة شرقية تمهيداً لاقتحامها. في وقت شنّت فيه «النصرة» وحلفاؤها هجوماً معاكساً في محاولة لاستعادة الصور.
لدى «داعش»
معلومات «مؤكدة» عن مغادرة الجولاني الشحيل

الأمر الذي يبدو ضرورياً للحيلولة دون انتقال «داعش» إلى مهاجمة الشحيل، أبرز معاقل «النصرة» في دير الزور، ومركز قيادتها الفعلي. كذلك احتدمت المعارك بين الطرفين على مشارف كباجب في الريف الجنوبي الغربي، التي تتمتع بموقع استراتيجي، إذ تمثل بوابة إلى بادية الشام الممتدة نحو حمص وحماه، ما يُفسر المعارك الكثيرة حولها خلال الشهور الأخيرة. وكان آخرها تلك التي نشبت أمس، حيث قال مصدر من «النصرة» إن مقاتليها «سيطروا على المجبل الواقع في مدخل كباجب، وقتلوا العديد من مقاتلي داعش، وغنموا أسلحتهم. وسقوط البلدة أمرٌ وشيك». الأمر الذي نفاه مصدر من «داعش»، مؤكداً أن «محاولة اقتحام البلدة شُنت اليوم فجراً (أمس). وقد انتهت بالفشل، ودُحر المهاجمون». وشهدت المعارك سقوط عدد من قادة حلف «النصرة ــــ الجبهة الإسلامية» البارزين، وعلى رأسهم أسامة محمد الرمضان المزعل. الملقب بأبو الخطاب، وهو أبرز وجوه «جيش الإسلام» في دير الزور. وقد سقط مع مجموعة تضم حوالى 20 مقاتلاً خلال معركة الصور.
ويبدو «داعش» مصمماً على بسط نفوذه على أكبر مساحة ممكنة من ريف دير الزور، ويحاول في سبيل ذلك السيطرة على نقاط استراتيجية أساسية تؤمّن له لاحقاً منطلقات لربط مناطق نفوذه داخل الحدود العراقية، بنظيرتها في الرقة. وتؤكد مصادر التنظيم أنّ «الدولة ستتمكن قريباً من السيطرة على كل القرى الواقعة على ضفاف الفرات». وفي المقابل تحاول «النصرة» وحلفاؤها استعادة التوازن في المنطقة، التي تمثل السيطرة على نفطها أكبر أهداف الصراع فيها. وكانت «النصرة» تحاول حتى وقت قريب السيطرة على حوض الخابور، إلا أنّ المعارك الجديدة نقلتها إلى موقع المدافع. وباتت العشائر الحصان الأسود الذي يتسابق طرفا الصراع «الجهادي» على الفوز به، حيث يراهن «داعش» على تقوية حضوره العسكري في المنطقة، عبر استقطاب المزيد من العشائر إلى صفوفه، وبطريقة تتناسب طرداً مع توسع مناطق النفوذ. وكان قد عمد في سبيل ذلك إلى إنشاء «جيش الأنصار» في الرقة، وهو جيش عشائري بامتياز («الأخبار»، العدد 2258).
وفي هذا السياق، أكدت مصادر التنظيم لـ«الأخبار» أن «بيعات عشائرية كبيرة ستُعلن قريباً».




«الجولاني» إلى تركيا؟

رجّح مصدر «جهادي» أن يكون زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، قد انتقل أخيراً إلى داخل الأراضي التركية، بحثاً عن ملاذٍ آمن. وقال المصدر لـ«الأخبار» إنه «بات معروفاً أنّ الجولاني كان يتخذ من بلدة الشحيل مقرّاً آمناً له، لكن تزايد حدة المعارك في المنطقة، وخسارة النصرة نفوذها الذي كان مستقرّاً حتى وقت قريب، جعلا انتقال الجولاني منها ضرورة حتمية». وأكد المصدر المحلي المرتبط بـ«داعش» أنّ التنظيم يمتلك معلومات مؤكدة عن مغادرة الجولاني، مستبعداً في الوقت ذاته أن «يكون قد توجه إلى ريف حلب، لأن النصرة لا تتمتع بنفوذ كبير هناك. وبرغم وجود مناطق كاملة يسيطر عليه حلفاؤه، إلا أن الجولاني لا يمكنه الوثوق بهم».
وأضاف المصدر: «تلقينا معلومات تفيد بانتقاله إلى بلاد (رئيس الوزراء التركي رجب طيب) أردوغان، ونعمل على التأكد منها». ويرى «داعش» أن «القضاء على الجولاني سيقود بالضرورة إلى انهيار النصرة. وهذا أمر حتمي الحصول بإذن الله»، حسب تعبير المصدر.