حذّرت منظمات إنسانية، أممية وغير حكومية، من الارتفاع «القياسي» لمعدلات الجوع في سوريا، داعية في بيان مشترك إلى دعم وصول المساعدات الإنسانية وزيادة التمويل، وذلك عشيّة الدورة الرابعة لمؤتمر بروكسل للمانحين الدوليين (مؤتمر دعم سوريا والمنطقة).وقال البيان الذي وقّعته منظمات عدة، إن «هناك حالياً، نحو 9.3 ملايين سوري يذهبون إلى أسرتهم وهم جياع، وأكثر من مليونين آخرين معرّضين لمصير مماثل». وأشارت المنظمات إلى أن عدد السوريين الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي ارتفع بنسبة 42 في المئة منذ العام الماضي.
وأضافت أن «ما يُقارب عقداً من الحرب دفع السوريين إلى دوامة من اليأس والعوز تزداد سوءاً كل عام، والمساعدة الدولية مطلوبة الآن أكثر من أيّ وقت مضى».

مصير المساعدات
ينعقد مؤتمر المانحين هذا العام في ظروف استثنائية، بينها انتشار فيروس «كورونا» وما فرضه من تبعات على أوروبا، وسوريا وجوارها، إلى جانب الأزمات الاقتصادية التي تعصف ببلدان الجنوب الأوروبي ولبنان.
يضاف إلى ذلك، دخول «قانون قيصر» حيز التنفيذ وسط غموض تام حول آثاره المرتقبة على ملف المساعدات، وتخوّف من انعكاساته على معيشة السوريين داخل سوريا وخارجها.
كل ما سبق، يفرض على الاتحاد الأوروبي تحديات مركّبة لا تقتصر على الناحية المادية فقط؛ وينتظر أن يتظهّر ذلك من خلال التعهدات التي ستمنح في نهاية المؤتمر.
ودعت الأمم المتحدة إلى توفير مبلغ 3.8 مليارات دولار أميركي لدعم الجهود الإنسانية داخل سوريا، و6.04 مليارات دولار لخطة الاستجابة الخاصة بدعم اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم. وحتى الآن، تلقت الخطط نحو 30 في المئة للقسم الأول، و19 في المئة للقسم الثاني.
وفي مؤتمر العام الماضي في بروكسل، تعهّد المانحون بتقديم تمويل بقيمة 7 مليارات دولار، ودُفعت جميع هذه التعهدات بالكامل، كما ساهم المانحون بأموال إضافية خلال عام 2019.

خلافٌ «أممي» متجدّد
في موازاة البيان الأخير المشترك للمنظمات الإنسانية، وخلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي عُقد الاثنين في نيويورك، قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك إن «المستويات الحالية للمساعدة عبر الحدود ليست كافية على الإطلاق».
وأضاف أن منطقة «الشمال الغربي لا تزال تعاني أزمة إنسانية كبيرة ويجب تكثيف العمليات عبر الحدود أكثر»، محذّراً من أن عدم تمديد ترخيص المساعدة عبر للحدود الذي ينتهي مفعوله في العاشر من تموز المقبل «سيتسبّب بمعاناة ووفيات».
وفي كانون الثاني الماضي، مُدّدت هذه المساعدة لستة أشهر فقط، وبضغط روسيّ، قُلّصت المعابر التي تستخدمها قوافل المساعدات إلى معبرين على الحدود التركية، مقابل أربعة معابر حتى ذلك الحين.
وتمثّل نقاط عبور المساعدات نقطة خلاف متكرّر بين روسيا ونظرائها في مجلس الأمن الدولي، إذ كرّرت واشنطن والأمم المتحدة مطالبتهما بفتح عدة معابر أمام القوافل القادمة من خارج الحدود، فيما أصرت روسيا على أن مناطق مثل الشمال الشرقي، يمكن لها أن تتلقى المساعدات عبر مناطق سيطرة الحكومة السورية.
ولدعم مقاربتها، قامت روسيا برعاية شحنة لمنظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي، من أربيل إلى دمشق ثم إلى القامشلي، لتؤكد أن إغلاق معبر اليعربية أمام دخول المساعدات لم يعق وصولها.
وستكون الجلسة الخاصة لتجديد آلية المساعدات، مهمة جداً، ولا سيما أن واشنطن باتت أكثر فاعلية في الملف السوري مع دخول «قانون قيصر» حيّز التنفيذ.
ويأتي ذلك وسط جملة من القضايا الخلافية على طاولة مجلس الأمن، في الشأن السوري، بينها إدراج تنظيم «حراس الدين» على لائحة الإرهاب الخاصة بالأمم المتحدة، بما يترتب على ذلك من نتائج على الأرض؛ وبينها أيضاً، انسحاب روسيا من آلية لتبادل المعلومات حول المستشفيات والنقاط الطبية بغية تجنّب قصفها، بعد اتهامات لها باستخدام الإحداثيات لاستهداف تلك المواقع في إدلب ومحيطها.