الحسكة | بعد معاناة استمرّت أحد عشر يوماً، عادت المياه إلى مدينة الحسكة وأريافها، بفعل سلسلة لقاءات روسية ــــ تركية أفضت إلى اتخاذ قرار بذلك، من دون أن تبدّد المخاوف الشعبية من احتمال تكرار المعاناة. وكان الجيش التركي قد عمد إلى طرد العاملين في محطة مياه علوك، الواقعة 10 كلم شرقي مدينة رأس العين، ما تسبّب بانقطاع المياه عن أكثر من 700 ألف نسمة. وتزامنت تلك الخطوة مع التقدّم الواسع للجيش السوري في أرياف حلب وإدلب، في ما فُهم على أنه محاولة تركية للضغط على روسيا. ولعلّ انفراج الأزمة بالتزامن مع التقارب الروسي ــــ التركي يكشف استخدام أنقرة سيطرتها على المصدر المائي الوحيد هناك، كورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية. في المقابل، برّرت تركيا خطوتها بأنها تندرج في إطار مساعيها لتخديم المناطق التي احتلّتها أخيراً، من خلال الضغط على الجانب الروسي لإصلاح الأعطال في خطوط الكهرباء، مقابل تزويد مدينة الحسكة وأريافها بالمياه. وعلى رغم أن أنقرة هي التي كانت تمنع الورشات الحكومية من إصلاح تلك الأعطال، إلا أنها تذرّعت بالأخيرة لتبرير امتناعها عن تزويد رأس العين وأريافها بالكهرباء، وفق مبدأ «الماء مقابل الكهرباء». تذرّعٌ دفع قائد القوات الروسية في شمال شرق سوريا، الجنرال أناتولي كورنوكوف، إلى التأكيد في لقاء مع الصحافيين في القاعدة الروسية في مطار القامشلي أن «القوات التركية تعرقل تفعيل محطة علوك، على رغم النقاشات والوعود التي قُطعت لهم». وأشار إلى أنه «أجرى اتصالاً مع رئيس مركز التنسيق التركي برهان أكتاش لتفعيل المحطة»، مضيفاً إن «الجانب التركي طلب إمداد محطة مبروكة بالكهرباء، مقابل إمداد محطة علوك بالمياه»، مستدركاً أنه «على رغم إمداد محطة مبروكة بالكهرباء، إلا أنهم لم يقوموا بتشغيل محطة مياه علوك».
أكد مدير مياه الحسكة تمكّن العاملين من الدخول إلى المحطة وتشغيل محطات الضخ


من جهتها، أشارت مصادر مطلعة على مسار التفاوض الروسي ــــ التركي إلى أن «الجانب التركي أراد التذرّع بعدم وصول التغذية الكهربائية إلى المحطة التي احتلّها، لكن ذرائعه سقطت مع وصول الكهرباء إلى محطة مبروكة». ورأت المصادر أن «تركيا أرادت اتخاذ سيطرتها على منابع مياه الشرب كورقة ضغط على روسيا، ضمن سلسلة الضغوط لإيقاف تقدّم الجيش السوري في إدلب». ولفتت إلى أن «الجانب الروسي، من خلال تصريحاته في الأيام الأخيرة حول القضية، أراد تعرية الجانب التركي، وكشف مزاعمه»، متابعة أن «الجانب الروسي قد يدعم عملاً عسكرياً لاستعادة السيطرة على آبار علوك، في حال تكرّر الخطوة التركية باستغلال سيطرتها على مصادر مياه الشرب».
إلى ذلك، أكد مدير مياه الحسكة، محمود العكلة، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «المياه عادت إلى مدينة الحسكة بعد تمكّن العاملين من الدخول إلى المحطة وتشغيل محطات الضخ». كما أكد أن «الجانب الروسي أبلغهم بوجود ضمانات بعدم تكرار المعاناة من جديد»، مطمئناً إلى أن «وزارة الموارد المائية تعمل على إيجاد مصدر مائي موازٍ لمياه علوك ليكون بديلاً لها، في حال تَكرّر الحالة من جديد». واستدرك العكلة أنه «لا يوجد أيّ بديل يوازي غزارة آبار علوك، والآبار الموجودة في أرياف الحسكة القريبة محدودة الإنتاجية، ولا تتوفر فيها الغزارة المطلوبة لتكون مصدراً بديلاً بغزارة آبار علوك التي تعطي ما يقارب 80 ألف متر مكعب يومياً»، موضحاً أن «التركيز سيكون على محاولة استثمار سدود المياه لتكون مصدراً موازياً لمياه الشرب في الحسكة وأريافها».