منذ انطلاق العمليات على محور جبل الزاوية قبل يومين، سيطر الجيش السوري على نحو 20 بلدة في الجزء الشرقي من الجبل، غربي الطريق الدولي (حلب ــ حماة) بين خان شيخون ومعرّة النعمان، وكانت آخرها وأهمّها كفرنبل، التي دخلها مساء أمس. وخلال ساعات فقط، أحكمت قوات الجيش، تحت غطاء مدفعي وجوي، السيطرة على بلدات حاس ومعرتماتر وبعربو وحزارين وبسقلا، غربي معرّة النعمان. كما أسقطت طائرة مسيّرة تركية عالية التقنية من طراز «ANKِA» في سماء قرية داديخ، كانت تؤمن دعماً استخبارياً للفصائل العاملة تحت لواء أنقرة، على هذا المحور. وتزامن التحرك على هذه الجبهة مع اشتباكات شهدها محيط سراقب الغربي، إثر محاولة الفصائل المدعومة بالمدفعية التركية التحرك من بلدة النيرب باتجاه ترنبة، بهدف الوصول إلى تماس مباشر مع أحياء سراقب الغربية. وشهدت البلدات المحيطة بخطوط التماس وامتدادها شمالاً نحو بنّش ومعرّة مصرين، قصفاً جوياً مكثفاً، طاول عدّة أحياء في مدينة إدلب أيضاً. كذلك، شاركت وحدات من الجيش التركي في تمشيط أحياء بلدة النيرب إلى جانب الفصائل التي تديرها، تحضيراً لهجمات أوسع باتجاه سراقب، وهو ما كرّس تركيز أنقرة على هذا المحور، في وقت تشهد فيه جبهات ريف إدلب الجنوبي انهياراً لافتاً لدفاعات الفصائل.
شكّكت موسكو وانقرة في احتمالات انعقاد قمة «رباعية»

الإنجاز الهامّ الذي حَقّقه الجيش في جبل الزاوية سيتيح له استكمال العمليات بسرعة نحو الطريق الدولي حلب - اللاذقية (M4)، وسط غياب أفق واضح للمشاورات الروسية - التركية التي يُفترض استكمالها اليوم، عقب وصول مرتقب لوفد روسي إلى تركيا، في جولة هي الثالثة من نوعها منذ بدء العمليات العسكرية الأخيرة. ولا تبدو فرص توافق الوفود على صيغة بديلة مرتفعة، خاصة وأن احتمالات عقد قمة رباعية، روسية تركية ألمانية فرنسية، باتت ضعيفة، وفق ما صدر عن موسكو وأنقرة خلال اليومين الماضيين. إذ أشار المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أمس، إلى أن ما يجري نقاشه حالياً هو «اجتماع متعدّد الأطراف... ولكن ذلك لا يعني مشاركة فرنسا وألمانيا»، في تلميح إلى أن الحديث هو عن اجتماع لثلاثيّ «أستانا» الضامن، روسيا وإيران وتركيا. ونفى بيسكوف أن يكون قد تمّ التوافق بالكامل على هذا الاجتماع، بالقول إن «القرار لم يُتّخذ بعد... الجهود مستمرة من خلال القنوات الديبلوماسية». التشكيك في عقد «الرباعية» خرج من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أيضاً، إذ قال إنه «لا اتفاق كاملاً» بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من جهة، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهة أخرى، على ذلك. وأضاف أنه «في أسوأ الحالات» يمكن أن يعقد اجتماعاً ثنائياً مع الرئيس الروسي، وهو ما نفاه الكرملين ضمناً، إلا في حال تمّ على هامش «ثلاثية أستانا».
وفي انتظار بيان نتيجة تلك الجهود، رفض وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، بوضوح، الدعوات إلى وقف عمليات الجيش السوري المدعومة من موسكو في شمال غربي سوريا، معتبراً أن ذلك سيكون بمثابة «استسلام للإرهابيين». وقال، في حديث أمام مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف، إن وقف الهجوم لن يكون «مراعاة لحقوق الإنسان، بل إنه استسلام للإرهابيين بل وحتى مكافأة لهم على أفعالهم». واتهم لافروف بعض الحكومات بأنها «ترغب بتبرير أعمال شنيعة ارتكبتها جماعات متطرفة وإرهابية»، مضيفاً أنه «بخلاف ذلك سيكون من الصعب تفسير التحذيرات من إمكانية إبرام اتفاقات سلام مع قطاع طرق».