تعيش خطوط التماس في شمال غربي سوريا هدوءاً نسبياً قياساً لما شهده الأسبوعان الفائتان، في حين ارتفعت حرارة التصريحات والمناكفات الدبلوماسية، ولا سيما في مجلس الأمن الدولي، إذ رفضت روسيا في اجتماع مغلق لمجلس الأمن، تبنّي إعلان مشترك يطالب بـ«وقف العمليات القتالية واحترام القانون الإنساني الدولي» في شمال غرب سوريا، على حد ما قال مسؤولون غربيون، أبرزهم السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، نيكولا دو ريفيير.وجاء موقف موسكو في الاجتماع، بعد جلسة علنية تخللتها كلمات حادّة اللهجة وتفارقٌ في توصيف ما يجري في محافظتَي إدلب وحلب، مع تمسّك الجانب الروسي بدعمه عمليات الجيش السوري هناك، التي تجري «وفق مقتضيات اتفاق سوتشي» على حد تعبير موسكو.
اللافت في جلسة اليوم، كان تظهير موقف «أطلسي» موحّد يصوّب بشكل مباشر على مسارَي «سوتشي» و«أستانا»، بحجّة أن التصعيد الميداني الأخير يدلّ بوضوح على فشل المسارين في «تأمين وقف دائم لإطلاق النار» يتيح إطلاق «العملية السياسية».

(أ ف ب)

وورد ذلك على لسان السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، التي قالت إن «منصة أستانا فشلت في تحقيق خفض التصعيد... وعلى الأمم المتحدة تولي هذه المهمة»، وهو ما كرّره نظيرها الفرنسي بالقول أمام الصحافيين خارج قاعة الاجتماعات، إن «مسار أستانا مات».

واشنطن: ندعم تركيا... دبلوماسياً
لا يخفى التعويل التركي الواضح على موقف صلب من الدول الأعضاء في «حلف شمال الأطلسي» ولا سيما الولايات المتحدة، لاستخدامه على طاولة التفاوض مع روسيا؛ وهو دعم قدمته واشنطن على المستوى الإعلامي بسخاء خلال الأسبوعين الماضيين.
وخلال جلسة مجلس الأمن اليوم، كررت السفيرة كرافت، دعم بلادها لتركيا في شأن شمال شرقي سوريا. غير أن كرافت قالت إن «التنسيق مستمر مع تركيا على الخطوات الدبلوماسية للعودة إلى وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد وانسحاب قوات نظام (الرئيس بشار) الأسد إلى خطوط وقف إطلاق النار المقررة في سوتشي عام 2018».

بالتوازي، قال مساعد وزير الدفاع الأميركي جوناثان هوفمان، رداً على سؤال صحافي حول ما إذا كانت بلاده ستدعم عملية عسكرية تركية ضد القوات الحكومية السورية في شمال غربي سوريا: «نرى أن الروس والأتراك يقتربون من نزاع أوسع في تلك المنطقة، ونأمل أن يتمكنوا من الوصول إلى حل لتجنب ذلك».
وأضاف أن بلاده «ستتابع الضغط على سوريا (قال إنها ستضغط أكثر على تركيا لجملتين متتاليتين قبل أن يصحّح: أقصد سوريا) لوقف الهجوم في إدلب والمضي نحو حل سلمي».



موسكو: لا تراجع عن دعم دمشق
بوضوح تام، أكد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا، في كلمته أمام مجلس الأمن، أن بلاده ستواصل دعمها للحكومة السورية «في حربها ضد الإرهاب الدولي» بما في ذلك العلميات العسكرية في إدلب.
وطلب نيبنزيا من الدول الغربية «الكفّ عن حماية المجموعات الإرهابية» و«اللجوء إلى ورقة معاناة المدنيين (...) ما إن تتعرض مجموعات إرهابية للتهديد» في سوريا.

وجاء موقف نيبنزيا بعد تأكيد من الكرملين اليوم، أن موسكو غير راضية على آلية تنفيذ «اتفاق سوتشي»، وأن أي مواجهة بين القوات التركية والسورية ستكون «أسوأ سيناريو».
كذلك، نفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن تكون بلاده «قدمت شروطاً جديدة» لتركيا في شأن إدلب، مضيفاً في مؤتمر صحافي أن عمليات الجيش السوري في إدلب تأتي «رداً على استفزازت الإرهابيين (...) وذلك بموجب ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين الروسي والتركي في مذكرة سوتشي».

أردوغان: عملية إدلب مسألة وقت
من جهته أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم، في كلمة أمام المجموعة البرلمانية لحزبه «العدالة والتنمية» أن «تركيا مستعدة تماماً لتنفيذ خطط عملياتها في إدلب»، مضيفاً القول: «لن نتخلى عن إدلب للنظام، الذي لا يفهم تصميم تركيا في هذه القضية، ولا (تصميم) من داعميها».

وأضاف أن بلاده «لا تنوي بأي حال تحمل العبء الإضافي الذي ستفرضه التطورات في إدلب عليها (...) ونحن مصممون على جعل إدلب آمنة لشعبها ولتركيا، بأي ثمن».
وقال أردوغان: «ندخل الأيام الأخيرة المتاحة لينهي النظام (السوري) عدوانه ويتراجع إلى الحدود المقرّة في مذكرة سوتشي... نحن نصدر تحذيراتنا الأخيرة ».

تحذيرات أممية

(أ ف ب)

في السياق ذاته حذّر المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، في كلمة وجهها إلى مجلس الأمن من أن موسكو وأنقرة لم تتوصلا إلى «أي اتفاق» رغم محادثات مكثفة بينهما، وأن تصريحاتهما الأخيرة «توحي بخطر تصعيد وشيك».
وأضاف أن على روسيا وتركيا العمل على «وقف التصعيد»، محذراً من أن «سيادة سوريا ووحدة أراضيها في خطر داهم حالياً، خاصة أننا ما زلنا بعيدين عن التوصل إلى سلام وتسوية سياسية، تضمن تحقيق طموحات الشعب السوري».
وناشد مجلس الأمن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في إدلب، على أن يتبعه وقف كامل لإطلاق النار في كل أرجاء سوريا، وفق تعبيره.