لليوم الثالث على التوالي، استمرّ التصعيد الميداني بين الجيش التركي والفصائل المدعومة من قِبَله من جهة، وبين مسلّحي «قسد» من جهة أخرى. تصعيدٌ كان قد بدأ عقب مقتل 4 جنود من الجيش التركي إثر انفجار سيارة مفخّخة استهدفت حاجزاً لهم في قرية الأربعين في ريف مدينة رأس العين. وهو ما اتهمت الفصائل الموالية لتركيا، مسلّحي «قسد»، بالمسؤولية عنه، مُتحدّثة عن «تفخيخ سيارة أحد المدنيين... ثمّ تفجيرها بعد وصولها إلى حاجز مشترك بين الجيش التركي وفصائل موالية له»، ما أدى إلى مقتل مدنيَّين اثنين كانا داخل السيارة، بالإضافة إلى 4 من عناصر الجيش التركي، واثنين من مسلحي الفصائل.وعلى إثر التفجير، بدأ الجيش التركي حملة قصف مكثّف بالمدفعية والطائرات المسيّرة طاولت حاجز «الأسايش» على مدخل عين عيسى، بالتزامن مع قصف قرى هوشان وقزعلي والدبس وخربة فارس في ريف المدينة، وتل محمد وعنيق الهوى والفصيلية والمناخ في ريف رأس العين. وتلا القصف هجومان متزامنان على مواقع انتشار «قسد» والجيش السوري في المناخ وتل محمد في ريف رأس العين وقريتَي الدبس وهوشان في ريف عين عيسى الغربي، من دون ورود معلومات عن حجم الخسائر في صفوف الطرفين. واستمرّ القصف التركي حتى مساء أمس، وطاول قرية الخالدية في ريف عين عيسى الغربي، في ظلّ تحليق مكثّف للطيران الحربي والمسيّر التركي في أجواء المنطقة.
وتقول مصادر سورية ميدانية، لـ«الأخبار»، إن «التصعيد التركي الأخير هو ردّ فعل على سقوط 4 قتلى أتراك بالتفجير، على رغم عدم تبنّيه من قِبَل قسد». وتستدرك بأن «هذه الهجمات لا تزال محدودة ولا تُنذر بعمليات عسكرية واسعة في المنطقة». لكنها تلفت إلى أن «الأتراك ربما سيعملون على اتخاذ التفجيرات كذرائع للهجوم على الطريق الرابط بين عين عيسى وعين العرب لإبعاد قسد عن الطريق الذي يُعتبر مقطعاً مهماً من مقاطع طريق حلب الحسكة الدولي»، معتبرة أن «الوضع العسكري في إدلب، ومصير الهدنة المعلنة هناك، سيحدّدان شكل التصعيد في ريفَي الحسكة والرقة، بسبب عدم قدرة الفصائل على خوض معركتين في آن معاً، إذ أن مقاتليها يشاركون في معارك إدلب فضلاً عن انتشارهم في شرق الفرات، بالإضافة إلى إرسال دفعات منهم إلى ليبيا».
استقدمت القوات الأميركية المتمركزة في ريف الحسكة الشمالي الشرقي منظومات دفاع جوي


على خطّ موازٍ، استقدمت القوات الأميركية المتمركزة في ريف الحسكة الشمالي الشرقي منظومات دفاع جوي إلى بعض قواعدها في المنطقة، في ظلّ معلومات عن نيتها نشر منظومات مشابهة في كلّ قواعدها في المنطقة الشرقية. ووفقاً لمصادر أمنية، فإن «منظومات الدفاع الجوي المُستقدَمة هي من طراز أفينجر، المتخصّصة بالتصدي لأهداف جوية على ارتفاعات منخفضة ومتوسّطة، كالطائرات المروحية والمسيّرة والصواريخ الجوّالة». وتدرج المصادر هذه التعزيزات «في سياق مخاوف الولايات المتحدة من تعرّض مواقع انتشار قواتها في سوريا لهجمات من جهات عدة، ثأراً لاغتيال الجنرال قاسم سليماني».
أما في إدلب، فقد أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، أن «الجانبين التركي والروسي اتفقا على وقف إطلاق نار في منطقة خفض التصعيد في إدلب اعتباراً من منتصف ليل السبت - الأحد»، موضحةً أن «وقف إطلاق النار يشمل الهجمات الجوية والبرية». إعلانٌ لم يأتِ إلا بعد يوم كامل من إعلان وزارة الدفاع الروسية عن وقف لإطلاق نار من المفترض أن يكون قد بدأ أمس. وفي خلفية هذا التباين، تشير معلومات صحافية إلى أن موسكو مصرّة على تطبيق كامل بنود «اتفاقية سوتشي» الموقّعة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، في أيلول/ سبتمبر 2018. وفي مقدّمة البنود التي تتمسّك بها روسيا يأتي حلّ «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة)، وحلّ حكومة الإنقاذ التابعة لها، فضلاً عن تحديد المنطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كم حول مدينة إدلب ومحيطها، وسحب السلاح الثقيل منها.
على صعيد متصل، أجرى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، والسفير الأميركي في أنقرة ديفيد ساتيرفيلد. وأفادت وزارة الدفاع التركية، في بيان، بأن الجانبين تبادلا وجهات النظر حول قضايا الأمن الإقليمي وعلى رأسها ملف سوريا.