لا تكفّ واشنطن عن التصعيد ضد دمشق، في سياق ممارستها سياسة الحصار و«الضغوط القصوى». ضغوط لا تقتصر على ما تمارسه الولايات المتحدة ضدّ الدول المجاورة لسوريا، وخاصة الأردن والعراق، لمنع عودة التواصل البري إلى سابق عهده، والذي تندرج في إطاره أيضاً الغارات الأخيرة في منطقة البوكمال، والمقصود منها توجيه رسائل تحذيرية من فتح معبر «البوكمال ــــ القائم»، بل تمتدّ اليوم في صورة مجموعة من العقوبات، أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية، على أفراد وكيانات روس، تتهمهم بالعمل في سوريا. وهو ما يُضاف إلى إعادة تحريك الادّعاء الغربي القديم بأن دمشق استخدمت السلاح الكيماوي، وهذه المرة في معارك إدلب الأخيرة.وفي هذا الإطار، قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أمس، في مؤتمر صحافي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن الولايات المتحدة خلصت إلى أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد «استخدمت غاز الكلور كسلاح كيماوي في هجوم في أيار/ مايو في إطار الحملة على إدلب». وأضاف بومبيو إن «نظام الأسد مسؤول عن فظائع مروّعة بعضها يصل إلى درجة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية... اليوم أُعلن أن الولايات المتحدة خلصت إلى أن نظام الأسد استخدم غاز الكلور كسلاح كيماوي في 19 أيار/ مايو». وأكد وزير خارجية واشنطن أن بلاده «ستستمر في ضغطها لإنهاء عنف النظام».
جددت الولايات المتحدة اتهامها الحكومة السورية باستخدام سلاح كيماوي


بالتوازي مع ذلك، أعلنت الولايات المتحدة، أمس، فرض عقوبات جديدة على من سمّتهم مهرّبي وقود طائرات للقوات الروسية العاملة في سوريا. وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية أن العقوبات تستهدف ثلاثة أفراد وخمس سفن شحن وشركة وهمية مقرّها موسكو شاركت في نقل الأموال والوقود للقوات الروسية التي تدعم حكومة الرئيس الأسد. وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون مكافحة الإرهاب، سيغال ماندلكر، إن «نظام الأسد الاستبدادي تحت الأضواء الدولية (...) وهو يعتمد على هذه الأنواع من الشبكات غير المشروعة للبقاء في السلطة». وفي التفاصيل، فإن مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) يزعم أنه وجد أن شركة «ماريتايم أسستانس» كانت واجهة لمجموعة «سوفبراخت ــــ سوفمورتارانس» الروسية، الخاضعة للعقوبات الأميركية منذ أيلول/ سبتمبر 2016. وبعد وضع الأخيرة على القائمة السوداء، قامت شركة «ماريتايم أسستانس» بالعمل نيابة عنها، حيث باعت وشحنت وقود طائرات في 2016 و2017 إلى مصفاة بانياس في الساحل السوري، لاستخدامه في الطائرات العسكرية الروسية. وإضافة إلى الشركة المذكورة، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على ثلاثة مديرين من «سوفبراخت ــــ سوفمورتارانس»، للاشتباه بدورهم في عملية التهريب.
في المقابل، قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، إن موسكو تعتبر العقوبات الجديدة «أمراً غير مقبول»، معتبراً إيّاها «استمراراً للسياسة الأميركية القديمة التي تستند إلى عقوبات من جانب واحد». ولا تتوقف موسكو، على رغم ضغوط واشنطن، عن تأكيد انخراطها في الحرب السورية إلى جانب الحكومة في دمشق، وتوسيع عملياتها وقواعدها العسكرية على أراضي سوريا. وفي هذا السياق، نقلت وكالات أنباء روسية، أمس، عن مسؤول في وزارة الدفاع الروسية، لم تذكر اسمه، قوله إن «بلاده تعيد بناء مدرج هبوط ثانٍ للسماح لقاعدة حميميم الجوية بخدمة مزيد من الطائرات». وأضافت الوكالات، نقلاً عن المسؤول، إن «الوزارة تشيد أيضاً منشآت جديدة لتكون حظائر للطائرات في القاعدة بغرض التصدي لهجمات تنفذ بطائرات مسيّرة».