عودة الظاهرة في عام 2004 دفعت الجهات الحكومية إلى اللجوء للخبراء لدراستها
عودة الظاهرة في عام 2004 دفعت الجهات الحكومية إلى اللجوء إلى الخبراء لدراستها ووضع الحلول المناسبة لها، من خلال تعاقد وزارة الري مع شركة «هيدروسكوب» الأرمنية للدراسات الجيولوجية لإعداد دراسة تفصيلية في عام 2006. وبعد عامين من العمل الميداني، أكدت نتائج الدراسة أن «المدينة مهددة بانتشار هذا الخطر بنسبة قد تصل إلى 60%»، وحذرت من أن «استمرار النقص المائي سيؤدي إلى مضاعفة المخاطر»، وأوصت بـ«منع السكان من حفر الآبار، وترشيد استهلاك المياه، وبناء شبكة صرف صحي جديدة للمدينة، وضرورة تدعيم التربة في المناطق السكنية، تجنباً لحدوث انهيارات».
الحرب ضاعفت المشكلة
بعد أن انطلقت أعمال تنفيذ توصيات الدراسة، بدأت الحرب في البلاد، وأدى خروج مدينة رأس العين عن سيطرة الحكومة السورية في عام 2013 إلى توقف العمل، وترك الخطر قائماًَ. وسبّب استنزاف شبكة المياه، من خلال الحفر العشوائي للآبار، نتيجة غياب السلطات الحكومية، بالإضافة إلى سنوات الجفاف، ازدياد منسوب الخطر. وتفيد مصادر محلية بأنه منذ أيلول/ سبتمبر 2018 وحتى صيف عام 2019، شهدت المدينة وريفها أكثر من 30 تشققاً جديداً، أبرزها تشقق خلف المجمع الاستهلاكي، وآخر بالقرب من مجفف الذرة. وفي هذا السياق، يؤكد رئيس مجلس مدينة رأس العين الأسبق، مزاحم الرزة، أن «التشققات لم تؤخذ على محمل الجد، وجميع الدراسات التي أُعدَّت عن علاج الظاهرة بقيت دون تنفيذ»، منبهاً إلى أن «التشققات التي ظهرت أخيراً قد تؤدي إلى انهيارات كبيرة، خاصة في منطقة الحديقة العامة وسط المدينة».
وينبه الكثير من المهتمين بالظاهرة في المدينة إلى أن الحلول التي يُلجأ إليها، بالطمر العشوائي للحفر والانهدامات الحاصلة، دون دراسة سبب الانهدام وشكله، غير مجدية. ومن هنا، يرى سليم بك أن الحلّ يكمن «في دراسة كل تشقق على حدة، وردمه بالحجر والبحص مع وضع دعامات بيتونية أفقية أو عمودية، بحسب شكل كل تشقق وظرفه»، فيما يعتقد الرزة أن «الأهم بناء شبكة صرف صحي بشكل مدروس وصحيح، وبما يتناسب مع وضع التربة الحالي»، معتبراً أن «هذه الخطوة ستضع حدّاً لشبكة الصرف الصحي العشوائية للمدينة، وتهيّئ الظروف لتطبيق بقية الإجراءات للسيطرة على الخطر الذي قد ينجم عن الظاهرة».
من جهته، يكشف مصدر مطلع على حالة التشققات أن تركيا أسهمت في انتشارها بشكل أكبر، من خلال إبطاء العمل في مشروع «الري الأناضولي»، لتأمين مياه الري للأراضي على الحدود مع سوريا، لأسباب سياسية تتعلق بالحرب. ويبين المصدر أن تأخير تنفيذ المشروع دفع الفلاحين الأتراك إلى حفر آبار عشوائية، واستنزاف المياه الجوفية الموجودة في الأراضي السورية، ما سبّب مزيداً من الجفاف في التربة والصخور. ويوضح أن إنجاز مشروع «الري الأناضولي» سيؤدي إلى اكتفاء السكان الأتراك من المياه، وعودة النشاط إلى المياه الجوفية والينابيع، وبالتالي خلق وضع يتلاءم مع واقع التربة ويحميها من أي انهيارات.