دمشق | احتفى المتحف الوطني في دمشق باستعادة قطعتين أثريتين سوريتين، كان قد جرى تهريبهما إلى إيطاليا في ستينيات القرن الماضي. القطعتان اللتان تمثلان مصراعي باب من الحجر البازلتي تعودان إلى العصر البيزنطي، وتحملان زخارف نباتية وهندسية عبر تقنية النحت البارز، أهداهما مغترب سوري في إيطاليا إلى الدولة السورية، خلال احتفالية رعتها وزارة الثقافة، أمس. رجل الأعمال السوري ــــ الإيطالي رضوان خواتمي، الذي ينشط في مشاريع ثقافية عدة، وفي بادرة لافتة، أهدى بلده الأم القطعتين الأثريتين بعد فوزه بشرائهما من مزاد علني في إيطاليا، لتعودا إلى متحف دمشق أخيراً، وتعرضا في الحديقة أمام لفيف من المهتمين والإعلاميين.وأوضح المغترب رضوان خواتمي، في حديث إلى «الأخبار» أنه تمكن من الحصول على موافقة الحكومة الإيطالية لإعادة القطعتين إلى بلده الأم، في بادرة فريدة، مشيداً بمساعدة السفير السوري في لبنان، علي عبد الكريم علي، في إيصال القطعتين إلى دمشق. لم تكن الموافقة سهلة، بحسب خواتمي، غير أنه تمكن من إقناع المعنيين في إيطاليا بإعادتهما، بعد عقود طويلة اعتبرت القطعتان خلالها جزءاً من التراث الثقافي القديم لإيطاليا. ورغم معلومات تحدثت عن رقم يقارب 5 ملايين دولار ثمناً للقطعتين، غير أن خواتمي يرفض تحديد المبلغ المدفوع، لأنهما «هدية... وليستا قطعتي للتجارة»، حسب تعبيره.
وفي حديث إلى الصحافيين، أشاد وزير الثقافة أحمد الأحمد بأبناء سوريا المخلصين الذين يعملون من أجل البلاد، منوّهاً بدور خواتمي الذي عانى لاستعادة هاتين القطعتين. وأضاف قوله: «باستعادة هاتين القطعتين نستعيد جزءاً من التاريخ الأثري المسلوب وكرامة المواطن السوري. فيما تمكن الجيش السوري من استعادة 20 ألف قطعة أثرية من الأراضي التي حررها بعدما كانت معدة للتهريب». وعن قطع أُخرى تم تهريبها، أشار الأحمد إلى حصر القطع المهربة من المتاحف ومواصفاتها ووجهة تهريبها، بحكم أرشفتها، فيما تكمن المشكلة في تحديد القطع التي تم استخراجها من باطن الأرض ضمن التلال الأثرية وبعض المحافظات، عبر التنقيب غير الشرعي. وحول دور «يونسكو» في ترميم آثار تدمر، نفى الوزير وجود أي تعاون، حتى اللحظة، بعد تغيير إدارة المنظمة المعنية بالتراث الثقافي العالمي، بينما ذكر من الدول التي تعاونت مع سوريا لاستعادة بعض القطع الأثرية، لبنان والعراق. من جانبه، أثنى مدير المتحف الوطني محمود حمود، على خطوة إعادة القطعتين الأثريتين اللتين تعودان إلى القرن الخامس للميلاد، بوصفها تدل على النبل والوفاء، في ظل ما يتعرض له التراث والمواقع الأثرية من تخريب ممنهج، ولا سيما في المناطق المحتلة من الجيش التركي. وشرح وضع المصراعين باعتبارهما جزءاً من مدفن تحت أرضي، أحدهما يعود إلى مناطق حوران، بينما يعود الثاني إلى المدن المنسية في شمال غرب سوريا.
وعن مشاريع ثقافية وأثرية أُخرى، يهتم المغترب خواتمي بمبادرات عديدة تتعلق بزيارة برلمانيين أوروبيين وإيطاليين لسوريا. وينشط أيضاً في اجتماعات ولقاءات متكررة مع مجموعة من «الشرطة الدولية»، تعنى بحصر وجود أي قطعة أثرية على الأراضي الأوروبية، لينتج قرار بإلزام إعادة هذه القطع إلى مكانها الأصلي. ويضيف قائلاً: «هاتان القطعتان هُرّبتا قديماً، ولم يطبق عليهما ذلك، ما اضطرني إلى استعمال المال لإعادتهما».