أعلن جيش العدو استعادة جثة الجندي زخاريا باومل، أحد الجنود الإسرائيليين الثلاثة الذين فُقدت آثارهم في أعقاب معركة السلطان يعقوب، في بداية الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982. البيان الرسمي الصادر عن المتحدث باسم الجيش، العميد روني منيليس، قال إن استعادة الجندي «جرت عبر عملية، وليس من خلال صفقة تبادل أسرى»، وإن جثة الجندي موجودة في تل أبيب منذ عدة أيام بعدما وصلت على متن طائرة إسرائيلية تابعة لشركة «العال» من «دولة ثالثة». وشاركت في عملية إعادة باومل شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وأجهزة استخبارات إسرائيلية أخرى، وأطلق على العملية اسم «زمار نوغا» (مغني حزن). ولم يذكر جيش العدو المكان الذي عُثر فيه على الجثة، لكنه أوضح أن الجثة نُقلت عبر «دولة ثالثة» إلى إسرائيل قبل عدة أيام. وأعلن رئيس الأركان، أفيف كوخافي، أن العملية هي نتيجة جهد استخباري استمر عدة سنوات، فيما أكد الجيش التزامه «مواصلة الجهود، للعثور على جميع مفقودي الجيش وقتلاه، الذين لا يعرف مكان دفنهم». هذا وقرر الحاخام العسكري مَوْت باومل بعد التعرف إلى جثته، التي ستشيّع في الأيام القريبة المقبلة.وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي رفيع، بأن روسيا بذلت جهوداً لتحديد مكان جثة باومل. وهو ما يتقاطع مع ما أعلنته وزارة الدفاع الروسية في بيان رسمي، العام الماضي. وتأتي زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم لموسكو، التي أعلنت أخيراً، لتعزز هذا الاحتمال. في المقابل، تقاطعت تصريحات عدد من الأطراف الفلسطينية العاملة في سوريا، على أن الجماعات المسلّحة التي نشطت في مخيم اليرموك نبشت المقبرة التي دفن فيها الجنود الإسرائيليون القتلى في معركة السلطان يعقوب، بحثاً عن جثثهم.
وتعليقاً على العملية، لفت المعلق العسكري في «القناة 13»، ألون بن ديفيد، إلى أن الجيش والموساد «عرفا جيداً توجيه الأشخاص في الدولة الثالثة إلى المقبرة التي كان يشتبه في أنها تضم جثث الجنود الإسرائيليين». ووضع بن ديفيد علامات استفهام حول ما إذا كان الجنديان الآخران قد دفنا على مسافة من الجندي باومل. وتساءل أيضاً عما إذا كان «الروس يطالبون بثمن لكل مساعدة»، لافتاً إلى أن «عودة جميع المفقودين من معركة السلطان يعقوب إلى إسرائيل تبدو أقرب من أي وقت مضى». وأضاف بن ديفيد أنه وصل إلى إسرائيل عدد كبير من الجثث من داخل القبور، وأن الأشخاص الذين جمعوا الجثث من داخل القبور لم يعرفوا بالضبط عَمّن يبحثون وأرسلوا إلى إسرائيل عدداً كبيراً من بقاياها، وأغلبها فُحص ولم يكن له علاقة بالجنود الإسرائيليين، لكن هناك جثة واحدة لم تُشخص بشكل مؤكد بعد، وستُجرى فحوصات عليها لحسم الموقف.
نُقلت إلى إسرائيل عدة جثث لا علاقة لها بالجنود الإسرائيليين


وأجرت «القناة 12» مقابلة مع «العقيد أ» من شعبة الاستخبارات العسكرية، قائد عملية إعادة الجندي باومل، الذي قال إنه «جرى تشخيص الثياب العسكرية الخاصة بالمدرعات، وعندما نظرنا إلى الكتابة وجدناها بالعبرية، وبقيت بصورة جيدة جداً، وشُخِّصَت الطباعة العسكرية على الحذاء». أما المعلق روني دانييل، فرأى أنه «قبل نحو عامين، بدأت صورة استخبارية مهمة تتبلور، بحيث أصبح من الممكن إرسال أحدهم لجلبه من هناك (باومل)»، وبحسب الروس فإن إسرائيل طلبت منهم البحث في أماكن معينة عن جثث جنود إسرائيليين دفنت هناك.
وكانت معركة السلطان يعقوب قد جرت بين الجيش السوري وجيش العدو خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وأدت إلى سقوط خسائر كبيرة في صفوف جيش العدو. وحول ذلك، لفت موقع «يديعوت احرونوت» إلى أنه في اليوم السادس لاجتياح لبنان، جرت المعركة وقتل خلالها 20 جندياً إسرائيلياً، وأدّت إلى وقوع عشرات الجرحى وستة مفقودين، ما زال مصير اثنين منهم غير معلوم بعد إعادة الثالث.
وكما كان متوقعاً، عمد رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، إلى استثمار استعادة الجندي على مسافة ستة أيام من الانتخابات. إذ لم يقبل بإصدار بيان، بل تلاه بنفسه أمام الكاميرات بطريقة عاطفية. وبدأ كلامه بوصف الحادثة بأنها إحدى أهم اللحظات الحساسة له كرئيس حكومة، قائلاً إن إسرائيل حاولت طوال السنوات الماضية حلّ لغز مصير الجنود. وأكد أنه جرى تشخيص هوية بومل على نحو اليقين، وقريباً سيُدفَن في مقبرة إسرائيل. ولم يفوّت الإشارة الى «الجهد» الذي بذله كرئيس حكومة، بالقول إن «في هذا الجهد عملاً سياسياً ضخماً سيجري الحديث عنه لاحقاً».