لا تزال المرحلة الثانية من تطبيق «اتفاق سوتشي»، وهي المنطقة «المنزوعة السلاح»، المقرّرة في إدلب، تعاني من عراقيل كثيرة، تحول دون تطبيقها. وزارة الخارجية الروسية اعتبرت، اليوم، أن «عملية فصل المتشددين عن جماعات المعارضة المعتدلة في المنطقة المنزوعة السلاح في إدلب السورية لم تتحقق بعد». كذلك، أعلن مساعد المبعوث الأممي الخاص للشؤون الإنسانية حول سوريا، يان إيغلاند، أن «روسيا وتركيا أكدتا له استعدادهما للقيام بخطوات جدية لمنع تصعيد الوضع في محافظة إدلب السورية».وقالت المتحدثة باسم الوزارة، ماريا زاخاروفا، إن «العملية التي بدأت في إطار اتفاق بين تركيا وروسيا، في أيلول/سبتمبر، لم تنجح رغم الجهود التي بذلتها أنقرة». يأتي ذلك بينما أفاد مساعد المبعوث الأممي الخاص للشؤون الإنسانية حول سوريا، يان إيغلاند، في مؤتمر صحافي، بأن «روسيا وتركيا قالتا اليوم إنهما مستعدتان للذهاب إلى أبعد الحدود لمنع حدوث أعمال قتالية ولتفادي التصعيد الأمني في إدلب»، مضيفاً: «هناك مؤشرات كثيرة على أن معارك ستقع في حال فشلت المفاوضات مع مجموعات مسلحة كثيرة». وفي السياق نفسه، قال المرصد السوري المعارض إنَّ «الفصائل المسلحة (التابعة لتنظيم القاعدة والمقرّبة منه) لم تسحب سلاحها الثقيل من المنطقة المنزوعة السلاح المتفق عليها بين روسيا وتركيا، والممتدة من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية مروراً بحماة وإدلب، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب»، مشيراً إلى أن «الفصائل عمدت إلى استقدام تعزيزات جديدة إلى المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية».
من جهة أخرى، أحبط الجيش السوري محاولتي تسلّل لمجموعات مسلّحة باتجاه نقاط عسكرية في الريف الشمالي لحماة بالقرب من الحدود الإدارية لريف إدلب الجنوبي على أطراف المنطقة المنزوعة السلاح. وأفادت وكالة «سانا» بأن قوة من الجيش عند أطراف بلدة زلين في ريف حماه الشمالي رصدت محاولة تسلل مجموعة مسلحة من «جيش العزة» في محيط مدينة اللطامنة باتجاه نقاط عسكرية، وتعاملت معها مباشرة. وعلى المحور ذاته أشارت «الوكالة» إلى أن وحدة من الجيش مرابطة في محيط قرية تل ملح نفذت ضربات مدفعية باتجاه مجموعات مسلحة كانت تتسلل من غرب بلدة الزكاة وحصرايا باتجاه مناطق سيطرة الجيش السوري.

جيفري: القوات الأميركية ستبقى بعد «داعش»
قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، إن «إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأمل أن ينتهي القتال ضد تنظيم داعش في آخر معاقله بشمال شرق سوريا خلال أشهر»، مضيفا أن «القوات الأميركية ستبقى لضمان هزيمة دائمة للتنظيم المتشدد». وأضاف المبعوث الأميركي أن «الولايات المتحدة تعتقد بأن المرحلة المقبلة في سوريا ستشهد هزيمة داعش وتفعيل العملية السياسية وإنهاء الحرب الأهلية الممتدة منذ فترة طويلة». وتابع جيفري أن «الولايات المتحدة، سعياً لتحقيق هذا الهدف، تتمنى تشكيل لجنة قبل نهاية العام لوضع دستور جديد لسوريا تنفيذاً للاتفاق الذي توصل إليه زعماء روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا خلال اجتماعهم في اسطنبول، في شهر تشرين الأول الماضي».
ولفت جيفري إلى أن «القوات الأميركية ستظل موجودة بعد انتصار قوات التحالف الدولي على وحدات تنظيم داعش لضمان ألا يجدد نفسه». كذلك، أكد أن «الهزيمة الدائمة لا تعني مجرد سحق آخر وحدات داعش العسكرية التقليدية التي تسيطر على أراض، لكن ضمان ألا يعاود داعش الظهور فوراً من خلال خلايا نائمة في صورة حركة متمردة». وأشار إلى أن «واشنطن تريد أيضاً انسحاب القوات العسكرية الإيرانية من سوريا، بمجرد حل أسباب الصراع، لافتاً إلى أن استمرار الوجود العسكري الإيراني سيمثل تهديداً لشركاء الولايات المتحدة في المنطقة». واعتبر جيفري أن «المعركة البرية النهائية تدور على امتداد نهر الفرات وتقودها قسد بمساعدة أفراد من الجيش الأميركي... القتال مستمر ونأمل أن ينتهي خلال أشهر، وستكون هذه آخر الأراضي التي يسيطر عليها داعش بصورة شبه تقليدية».
على الصعيد السياسي، ذكر جيفري أن تشكيل لجنة تحت رعاية الأمم المتحدة لبدء العمل على وضع دستور جديد لسوريا «خطوة حاسمة لدفع العملية السياسية قدماً»، مضيفاً أن «الولايات المتحدة ستحمّل روسيا مسؤولية استخدام نفوذها، لتأتي بحليفها الرئيس السوري بشار الأسد إلى طاولة التفاوض». وأكد أن «خروج القوات الإيرانية من سوريا، حيث تساند حكم الأسد، ليس هدفاً عسكرياً أميركياً، لكن يجب أن يكون نتيجة لعملية إنهاء الحرب الأهلية، وأنه السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم». ولفت جيفري إلى أن «العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها على إيران أخيراً ستشجع طهران على تقليص وجودها في سوريا».
وفي سياق متصل، قالت وزارة الخارجية الروسية إن الولايات المتحدة «تجدد قصف مناطق شرق الفرات في سوريا وتستخدم قنابل فوسفورية». وقد أفادت مصادر أهلية وكالة «سانا» بأن طائرات «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية شنّت غارات جوية على الأحياء السكنية في قرية البوبدران وبلدة السوسة في ريف دير الزور الشرقي، «ما تسبّب في مقتل 23 مدنياً وتدمير عدد من المنازل السكنية».